يتطلع المنتخب التونسي لكرة القدم الى بداية واعدة بالمونديال وتحقيق انتصار تاريخي على نظيره الانقليزي في المباراة التي ستقام يوم الاثنين بمدينة فولغوغراد لحساب الجولة الافتتاحية من منافسات المجموعة السابعة ضمن الدور الاول لنهائيات كاس العالم روسيا 2018.
واذ تبدو المهمة صعبة بالنظر الى عراقة المنافس وعلو كعب عناصره وفارق الخبرة بمثل هذه المواعيد الكبرى فان الامل يبقى قائما في قدرة زملاء ياسين مرياح على الاطاحة بالعملاق الانقليزي في ظل ما اظهره الفريق من استعدادات طيبة ونضج تكتيكي خلال اللقاءات الودية ما جعله يقف بندية امام منتخبات لا تقل شانا عن منتخب الاسود الثلاثة على غرار البرتغال حاملة اللقب الاوروبي واسبانيا بطلة العالم 2010.
ويدخل منتخب نسور قرطاج المباراة برغبة تحقيق انتصار غاب عنه في كاس العالم على امتداد اربعة عقود وبالتحديد منذ الاطاحة بالمكسيك في ملحمة الارجنتين 1978 ووضع حد لسلسلة من 11 مباراة متتالية دون فوز وكسر الحظ الذي ظل يرافقه امام منتخبات القارة العجوز بعدما فشل في الانتصار عليها في 8 مواجهات سابقة بالمونديال وهو ما من شانه ان يضاعف من حجم المسؤولية التي ستكون ملقاة على الفريق.
وفي ثالث مواجهة تجمعه بنظيره الانقليزي يامل المنتخب التونسي في تلمس طريق الفوز بعدما تعادل 1-1 في اللقاء الاول بالملعب الاولمبي بالمنزه في اطار ودي عام 1990 قبل ان ينقاد الى الخسارة بثنائية نظيفة في المقابلة الثانية التي دارت بمدينة مرسيليا ضمن مونديال فرنسا 1998.
وبحسابات تكتيكية متباينة تاخذ بعين الاعتبار امكانيات كل منتخب تبدو المواجهة مستحقة للمتابعة بين مدرستين مختلفتين، فالمنتخب التونسي بتنشيطه الدفاعي المتميز سيحاول غلق المنافذ وتضييق المساحات مع الاعتماد على الهجمة المرتدة لمباغتة منافسه بينما سيسعىالمنتخب الانقليزي الى الاستحواذ على الكرة وصنع اللعب لفك شفرة الدفاع التونسي وهز شباكه.
من هنا قد تكون البدايات حاسمة، فالدقائق الاولى من اللقاء ستكون في غاية من الاهمية باعتبار ان كتيبة غاريث ساوثغيت ستبذل قصارى جهدها من اجل تسجيل هدف مبكر يجبر المنتخب التونسي على الخروج من تحفظه الدفاعي ما يوفر لها اكثر مساحات خلافا لابناء المدرب نبيل معلول الذين يدركون جيدا انه كلما تقدم الوقت كلما ارتفع منسوب ثقتهم وتزايد الضغط على منافسهم ما قد يتيح امكانية خطف نتيجة المباراة.
ولعل الثابت ان ارتكاب هفوات ساذجة ناجمة عن تمريرات خاطئة وسوء تمركز وضعف في التغطية ستكون قاتلة اذ لا مجال في مثل هذا المستوى العالي للسهو وغياب التركيز لان الثمن سيدفع باهظا امام منافسين يغتنمون انصاف الفرص لاحداث الفارق وصنع الانتصار، معطيات اخذها بعين الاعتبار الاطار الفني للمنتخب التونسي من خلال العمل بالخصوص على رفع درجة جاهزية اللاعبين من الناحية الذهنية حتى يتسنى لهم خوض اللقاء في ظروف نفسية عالية بعيدا عن اي رهبة وتخوف كما كان الحال في الاختبارات الودية امام اسبانيا والبرتغال.
وتسير التوقعات نحو التعويل في التشكيل الاساسي على معز حسان في حراسة المرمى يتقدمه رباعي في الدفاع يتكون من ياسين مرياح وصيام بن يوسف في المحور وديلان برون على الرواق الايمن في ظل الحاجة لظهير بخصال دفاعية وعلي معلول على الرواق الايسر بعدما تخلص من الاصابة التي تعرض لها في لقاء اسبانيا.
اما على مستوى وسط الميدان سيكون الياس السخيري لاعب ارتكاز محوري بجانبه الفرجاني ساسي كلاعب فكاك ثان على ان يتقدمهما ثلاثي يتكون من نعيم السليتي وانيس البدري وفخر الدين بن يوسف او سيف الدين الخاوي تبعا لاختيارات الجهاز الفني بينما سيعود وهبي الخزري الى قيادة الهجوم في مركز راس حربة.
تشكيلة تبدو على الورق بخطة 4-2-3-1 لكن تحركها وتنشيطها على الميدان قد يختلف من وضعية الى اخرى باعتبار ان لاعبي الاطراف الاماميين مدعوون عند فقدان الكرة للعودة الى الوراء والدخول في بعض الاحيان في المحور لتوفير السند الدفاعي وتامين التغطية في ادوار تكتيكية متنوعة ومتغيرة مثلت خلال المباريات الودية الاخيرة نقطة قوة المنتخب التونسي.
في الجهة الاخرى يراهن المنتخب الانقليزي الذي صعد الى كاس العالم دون خسارة على غرار المنتخب التونسي على الخروج بالعلامة الكاملة لكسب اكثر ثقة بالنفس في رهان الذهاب بعيدا في هذا المونديال بعد مشاركتين دوليتين مخيبتين بخروجه من الدور الاول في مونديال البرازيل 2014 والدور ثمن النهائي في بطولة امم اوروبا 2016 بفرنسا على يد منتخب ايسلندا المغمور.
ويدخل المنتخب الانقليزي حملته الروسية بمجموعة من اللاعبين المتميزين خصوصا في الهجوم يتقدمهم نجم توتنهام هاري كين ثاني افضل هداف في البريميرليغ بمجموع 30 هدفا وصاحب 7 اهداف في مسابقة رابطة ابطال اوروبا هذا العام الى جانب بعض العناصر الاخرى القادرة بدورها على صنع الفارق مثل رحيم سترلينغ وماركوس راشفورد وجيمي فاردي.
وفي المقابل يبقى خط الدفاع الذي يلعب بثلاثي في المحور غاري كاهيل وجون ستونس وكايل وولكر غير متماسك بالدرجة الكافية اذ يشكو هؤلاء اللاعبون على قوتهم البدنية من بعض البطء والثقل خصوصا مع الصعود المستمر للظهيرين اشلي يونغ وكييران تريبيي ما يترك العديد من المساحات في الظهر ويخل بالتوازنات الدفاعية.
وبين لغة التحليل بمعطياتها المضبوطة وواقع الميدان بتاقلماته التكتيكية المتغيرة تظل المباراة رغم الاسبقية التي يتمتع بها المنتخب الانقليزي على الورق مفتوحة على جميع الاحتمالات تحددها جاهزية اللاعبين على الملعب وقدرتهم على التكيف مع المجريات ومسايرة التقلبات.