وسط ترقب محلي ودولي، أدلى التونسيون لأول مرة بأصواتهم في الانتخابات البلدية منذ ثورة سنة 2011. وتشير النتائج الأولية أن حزب النهضة التونسي يتقدم باقي الاحزاب، رغم ضعف الإقبال على صناديق التصويت. لكن ما السبب في ضعف المشاركة، وما أهمية هذه الانتخابات في بلاد الياسمين ؟
للوقوف على الوضع الشامل للانتخابات البلدية بتونس، وعن آخر النتائج وأهميتها بالنسبة لـ"النهضة" وللبلاد، لا سيما قبل مرحلة التنافس على الرئاسة مرة أخرى في سنة 2019، (لهذا الغرض)، تحدث "تيل كيل عربي"، مع عبد الحميد الجلاصي، عضو مجلس الشورى بـ"النهضة"، والمرشح لخلافة الغنوشي على رأس الحزب.
مشاركة ضعيفة !
أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات البلدية بتونس، أن نسبة المشاركة بلغت 33,7 في المائة. ورغم أنها هذه الانتخابات تعتبر هي الأولى من نوعها منذ سنة 2010، أي ما بعد الثورة، والتي يتنافس فيها حزب النهضة بقوة مع حزب نداء تونس، إلا أن المشاركة عرفت إقبالا ضعيفا على صناديق الاقتراع، حيث صوت حوالي 1.8 مليون ناخب، من بين 5.3 مليون ناخب تونسي مسجل، لاختيار ممثليهم في 350 دائرة بلدية.
وأعلن حزب النهضة، من جهته، اليوم الاثنين، أنه يتقدم النتائج، وأن "المعطيات الأولية والتوجه العام يعطي تقدما وفوزا للنهضة"، بحسب الناطق الرسمي للحزب. وبهذا الصدد يؤكد الجلاصي أن"النتائج تبرز تقدم النهضة في 297 دائرة من ضمن 350، وترتيبها الثاني في غالب البقية"، وهي نسبة تمثل تقريبا الثلث من بين مجموع المشاركة.
وعن تسجيل ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع، يضيف الجلاصي في حديثه للموقع، أن هناك "تهرئة للجسم الانتخابي مقارنة بالمناسبات الفارطة، ولكن هذا قد يبرر باختلاف الرهان" .
ويفسر دواعي ذلك بأن "الإقبال المتوسط هو نتيجة قدر من الإحباط من الناس من ضعف المنجز التنموي بعد سبع سنوات من الثورة و نتيجة عدم الثقة في الأحزاب، وقد تكون النهضة هي اقل المساهمين في هذه الحالة"، وفق القيادي بالنهضة.
من جهته، تحدث حزب "نداء تونس" عن وجود "تجاوزات خطيرة"، وقال في بيانه أمس الأحد، أن "حركة نداء تونس، تعاين عددا من التجاوزات الخطيرة الموثقة في مختلف جهات الجمهورية والتي تؤثر بشكل مباشر على مصداقية وشرعية العملية الانتخابية".
أهمية الانتخابات البلدية ؟
خلال حكم الحزب الواحد، كانت قرارات البلديات تخضع لإدارة مركزية غالبا ما تكون موالية للحزب الحاكم، وهو ما يقول عنه الجلاصي أن هذه الانتخابات لا يمكن تسميتها بـ"البلدية"، بل "الأصح؛ انتخابات السلطة المحلية".
ويذكر أن البرلمان صادق في أبريل المنصرم، على قانون الجماعات المحلية، الذي "سيمنح البلديات للمرة الاولى امتيازات مجالس مستقلة تتمتع بصلاحيات واسعة".
الجلاصي، الرجل البارز في النهضة، يوضح أن "هذه الانتخابات هي الأولى في تاريخ البلاد، وهي تدشن انتقال نظام الحكم من جمهورية مركزية الى جمهورية لامركزية؛ إذ إن المجالس المنتخبة تتحول من إدارات الى سلطة لها صلاحيات في التنمية و التشغيل، وكذلك التهيئة الترابية وغيرها"، وفق تعبيره.
ويوضح المسؤول في الحزب، أن هذه الانتخابات شارك فيها "حوالي 60 مترشح من ضمنهم أكثر من النصف من الشباب، سيفوز حوالي 3000 منهم بمواقع في التسيير". ويضيف أن "المشهد السياسي سيشبّب أكثر و سيتأنث أكثر بفعل قانون التناصف، وهكذا ستتجدد الطبقة السياسية. والأحزاب ستنتقل بالضرورة من أحزاب تبشير إلى أحزاب تدبير".
فيما يخص مكاسب حزب النهضة من الانتخابات، يضيف الجلاصي، أن الحزب "سيكسب وطنيا بتقدم المسار الديمقراطي، وأيضا ستكسب خبرة في إدارة الدولة، وتكسب أرصدة من الطاقات الوطنية المستقلة التي التحقت بقائماتها".
تكتسي هذه الانتخابات أهمية كبيرة، وذلك لكونها تمهيدا للانتخابات التشريعية والرئاسية التي سيتنافس فيها بقوة إخوان الغنوشي (النهضة)، و"أبناء" القائد السبسي (نداء تونس). ورغم أهميته وترسيم مخطط لخوض غمار المنافسة، قال الجلاصي أن "مؤسسات الحركة، لم تدرس بعد ملف الانتخابات الرئاسية، بل تعتبره سابقا لأوانه".