نفت الكاتبة والصحفية المغربية، زكية داوود، حصول الراحل عبد الله إبراهيم، على معاش تقاعد، عن المهمة التي أداها في بداية استقلال المغرب، كرئيس لثالث حكومة في تاريخ المملكة بعد الاستقلال.
جاء حديث زكية داوود، عن معاش تقاعد عبد الله إبراهيم، حين استضافتها أمس الثلاثاء جمعية "جذور" الثقافية بالدار البيضاء، حيث قدمت كتابها الجديد، الذي يحمل عنوان "Abdallah IBRAHIM- L’Histoire des rendez-vous manqués".
وجاكلين دافيد، التي غيرت اسمها إلى زكية داوود، عندما أضحت مراسلة رسمية لفائدة "جون أفريك"، كتبت العديد من السير التي تهم فاعلين وازنين في التاريخ، مثل محمد بن عبد الكريم الخطابي أو المهدي بنبركة أو هنبعل أو جوبا الثاني...
وقد أكدت زكية داوود، التي أسست مجلة " لاماليف" بين 1966 و1988، أن الرجل لم يشأ الحصول على معاش تقاعد رئيس حكومة سابق، سواء تعلق الأمر بمعاش عادي أو استثنائي.
وأثيرت مسألة معاش تقاعد عبد الله إبراهيم، بعد سرت أنباء، نقلتها وسائل إعلام قبل أسبوعين، عن مصادر قريبة من رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، تفيد بأن عبد الرحمان اليوسفي وعبد الله إبراهيم حصلا على معاش استثنائي.
ويبدو موقف عبد الله إبراهيم متسقا مع سلوك عرف عنه، منذ أن برز كأحد قادة الحركة الوطنية، فقد كان زاهدا في المال، مترفعا عما يمكن أن يلهيه عن انشغالاته الفكرية والثقافية.
وتشير زكية داوود في الكتاب إلى أن الرجل لم يكن مهتما بالمال أو الأشياء المادية أو التكريمات أو العطايا، فقد رفض مثلا أن يستفيد ابنه من منحة للدراسة.
وتؤكد المؤلفة، في الكتاب الصادر في دجنبر الماضي، على أن عبد الله إبراهيم رفض معاش التقاعد، الذي يستحقه كرئيس للحكومة أسبق، والذي كان الحسن الثاني، حريصا على تمتيعه به.
وقد عمل عبد الله إبراهيم أستاذا جامعيا غير مرسم بجامعة الحسن الثاني للعلوم القانونية والاقتصادية، واكتفي بمعاش تقاعد متواضع، في حدود 8000 درهم في الشهر، كما توضح زكية داوود.
ويتجلى من الكتاب، الذي يرسم مسار عبد الله إبراهيم، أن الرجل كان يسترشد في نشاطه السياسي، بمرجعية ثقافية، تبتعد عن الآني، وتستشرف المستقبل.
وتؤكد زكية داوود أن المثقف التقليدي، الذي انفتح على الفكر الغربي، انشغل أكثر بقضايا التقدم والتربية، ولم يتخل عن هذا الهاجس، سواء في مرحلة النضال من أجل الاستقلال أو في مرحلة النضال من أجل بناء الدولة بعد الاستقلال.
وتحكي زكية داوود أنها تعرفت أكثر على عبد الله إبراهيم، عندما قصدته، في السبعينيات من القرن الماضي، وذلك عندما اتصلت به من أجل الحصول على رأيه حول ما كان مطروحا في تلك الفترة من احتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وتشير إلى أن الرجل لم يشأ الإجابة على سؤالها المنشغل بالآني، حيث اعتبر أنه لا بد من العودة إلى تاريخ المغرب من أجل فهم ما هو مطروح، هكذا حلت بمنزله ذات جمعة، كي يستمر ترددها عليه على مدى ثلاثة أعوام، حدثها خلالها عن التاريخ السياسي للمغرب.
وعبد الله إبراهيم، الذي ولد في عام 1918 بمراكش، حاصل على شهادة "العالمية"، وانتقل إلى فرنسا، حيث حضر دروسا تعرف، عبرها، على جوانب من الثقافة الغربية في سياق ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وعرف عن الرجل شغفه بالعلم والمعرفة، وقد التحق مبكرا بالحركة الوطنية، حيث تحمل من أجل ذلك الاعتقال، وهو أحد الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال.