أثار تسريب وثقة تتضمن قرارا بالترخيص البيئي لجرف الرمال بسواحل مدينة العرائش، جدلاً واسعاً في أوساط المهتمين بالملف خاصة في أبعداه البيئية وانعكاساتها، خاصة وأنا هذا الترخيص يعد الأول منذ العام 1997.
القرار وحسب الوثائق التي حصل "تيلكيل عربي" على نسخة منها، وقعه وزير الطاقة والمعادن والبيئة يوم 25 غشت الماضي، وينص على "منح الموافقة البيئية لمشروع استخراج رمال الجرف من عرض البحر بالجماعة التاربية الساحل التابعة لإقليم العرائش"، وتم منح هذا الترخيص لشركة تحتكر هذا المجال في المغرب.
وتطرح المعطيات التي توصل بها "تيلكيل عربي" مجموعة من التساؤلات حول منح "الشركة ترخيصا لاستئناف نشاطها قبالة جماعة الساحل بإقليم العرائش، وذلك لمدة خمس سنوات قادمة، دون أدنى افتحاص للآثار البيئية لاستغلالها للرمال المجروفة من البحر على مدى 10 سنوات".
وتقدم المعطيات ذاتها، مجموعة من "المخاطر البيئية" التي "تسبب فيها" الترخيص بجرف الرمال على "مدى السنوات الماضية، إذ كان هناك نشاط مفرط لجرف الرمال على طول السواحل المغربية والتي كشفت العديد من التقارير الوطنية والدولية أنها خلفت كوارث بيئية كان من المفترض أن تكون موضوع مساءلة مدنية وجنائية، خاصة وأن المجلس الأعلى للحسابات سنة 2011 كان قد أصدر تقريرا في الموضوع".
وتطرح مصادر "تيلكيل عربي" أن "نشاط شركة جرف الرمال في كل من العرائش ومهدية وأزمور، تم توقيفه منذ أزيد من سنتين ونصف، بعدما أصدر وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء عبد القادر عمارة، النصوص التنظيمية المنصوص عليها في القانون 27.13 ، كما تم منع الشركة المعنية من تسويق الرمال المجروفة في إطار جرف الصيانة، باعتبار تلك الرمال ملكا عاما، بل إن مندوب التجهيز بالجديدة كان قد تقدم بشكاية للوكيل العام قصد توقيف الشركة المعنية عن التصرف في تلك الرمال".
"تيلكيل عربي" اتصل بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة، وطلب مجموعة من التوضيحات بخصوص توقيع الوزير رباح على هذا الترخيص، وأوضح الكاتب العام لقطاع البيئة بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة، محمد بن يحيى في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن "الموافقة البيئية ليست هي ترخيص للاستغلال".
وتابع شارحاً: "الموافقة البيئية هي تقييم أي مشروع استثماري من ناحية الانعكاسات التي يمكن أن يلحقها بالبيئة المحيطة به، ويخضع الترخيص بها لمسطرة التأثير على البيئة وعلى كلفته، بناء على تقارير مكاتب الدراسات".
وأضاف الكاتب العام لقطاع البيئة بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة، أن "صاحب المشروع ملزم بإحالة التقارير والدراسات المطلوبة منه على لجنة وطنية، ويخضع المشروع لبحث عمومي على مستوى الجماعة التي يوجد فوق ترابها المشروع لمدة أقصاها 20 يومياً".
وشدد المتحدث ذاته، على أن "دراسة التأثيرات المحتملة على البيئية، تليها قرارات باتخاذ مجموعة من التدابير للحد منها أو إزالتها إن كان ذلك ممكنا، سواء أثناء إنشاء المشروع أو بعد استغلاله".
وبخصوص عدم حصول الشركة المعنية على الموافقة البيئية، وأنه الأولى في ما يخص جرف الرمال منذ العام 1997، أجاب الكاتب العام لقطاع البيئة بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة، بأن "الشركة لم ليسبق لها أن طلبتها، وعندما طلبتها قمنا بتتبع جميع المساطر القانونية. جرف الرمال في ساحل العرائش، اللجنة قدمت مجموعة من الملاحظات بشأنه، وطُلب من صاحب المشروع القيام بدراسة تكميلية".
وبخصوص وجود معارضة لهذا المشروع على المستوى المحلي، أكد محمد بن يحيى ذلك، وأضاف: "نعم البحث العمومي أظهر أنه هناك 10 جمعيات عبرت عن رأيها بخصوص المشروع، 7 معه و3 ضده".
وأورد في سياق توضيحاته، أنه "خلال نقاش المشروع، لجأت اللجنة للتوصيت، ومر قرار منح الموافقة البيئية بأغلبية أعضائها. رأى الموافقون على المشروع أنه ليست هناك أضرار بيئية، ووجهت ملاحظات بشأن طرق الاستغلال وتغيير مكان جرف الرمال، وقامت الشركة بتنفيذ هذه الملاحظات".
الكاتب العام لقطاع البيئة بوزارة الطاقة والمعادن والبيئة، قال إن "الأخيرة قررت منح الموافقة البيئية فقط، وليس الترخيص، لأنه هناك قانون آخر يتعلق بالمقالع، خاصة المقالع البحرية، وتمنح رخصة استغلالها من طرف وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء. وقانون المقالع إذا منحت رخصة الاستغلال وإتضح أنه هناك خطر، تصدر عن الوزارة تدابير إضافية للتقليص أو الحد منها، وإذا تعذر على صاحب المشروع ذلك، تسحب منه الرخصة".
وعن تأخر صدور قرار الموافقة البيئية لهذا المشروع، أوضح المسؤول السامي بالوزارة، أن "اللجنة عقدت ثلاث اجتماعات، آخرها في يوليوز، وكانت هناك آراء وملاحظات بخصوص المشروع، وكانت هناك قطاعات معنية يجب التواصل معها، آخرها قطاع الصيد البحري، تمت إضافة دراسات تكميلية بعد تواصل الشركة مع المسؤولين في القطاع المذكور، ولا يمكن لمشروع استثماري أن يبقى دون جواب لمدة سنتين".