جسوس عالمة "السوسيولوجيا": سفير صديق لوالدي أرادني عشيقة بباريس

سمية نعمان جسوس تبوح بتجاربها مع التحرش الجنسي
امحمد خيي

بعد تفجر فضيحة الاعتداءات الجنسية وتحرشات هارفي وينشتاين، المنتج السينمائي العالمي بممثلات مشهورات طيلة سنوات، انطلقت حملة دولية في "تويتر" و"فيسبوك" تحث النساء على فضح المتحرشين. مشهورات مغربيات، قررن أن ينوبن عن جميع النساء المجبرات على الصمت، ويتحدثن في شهادات لـ"تيلكيل"، حول التحرش الجنسي الذي تعرضن له. في الحلقة الرابعة، البوح لسمية نعمان جسوس، المتخصصة المغربية الشهيرة في علم الاجتماع، والمناضلة النسائية.

وأنا أستعد للذهاب إلى باريس بمناسبة سنتي الدراسية الأولى هناك، قال لي والدي: "إذا أردت الإقامة في دار المغرب، فاذهبي لمقابلة سفير المغرب، إنه صديق". رحت إذن لمقابلته، فشرح لي بأنه من المستحيل أن أحصل على غرفة في الدار.

وهو يرافقني إلى الباب، احتضنني بين ذراعيه ووضع قبلة ناعمة على خذي، قبل أن يقول لي : "بدل البحث عن مكان في دار المغرب ودفع سومة الكراء، افعلي ما تفعله مغربيات كثيرات هنا: ابحثي عن رجل أكبر منك سنا، مثلي، يتكفل بمصاريفك، وستعيشين في أحسن الأحوال". عبرت له عن رفضي وتركته.

إقرأ أيضا: سيطايل لـ"تيلكيل": وزير حاول استدراجي لأمارس معه الجنس

 قدراتي على رد الفعل كانت قد شلت، وانتابني إحساس لا يطاق بالضيق، بكيت جراء ما حصل، وشعرت بأنني قذرة، وبفعل صغر سني، لم أخبر والدي بالأمر تجنبا لحصول مشاكل.

تلك كانت "الحشومة" بامتياز، إذ كنت خائفة من الفضيحة. سنوات بعد الحدث فقط، حكيته لأمي. وفي كل مرة أعيد التفكير في ما حصل، أتساءل: "لماذا لم أصفعه؟"

يكمن الجواب في أنني لم أكن مهيأة للقيام برد فعل إزاء تصرفه، فلا محيطي ولا المدرسة كانا قد علماني ذلك. لو صفعته، لما تكلمت عن الأمر بكل هذا الانفعال اليوم.

لقد عشت ذلك الحادث كأنه اغتصاب. وموقف السفير يحجمنا كنساء إلى مجرد عضو جنسي متجول. الاحترام الذي كنت أكنه لنفسي في ذلك السن الصغير كان عرضة لامتحان عسير.

إقرأ أيضا:حكايتي مع التحرش.. نور: مخرج اشترط علي الجنس مقابل التمثيل

بعدها بسنوات، وبالضبط في 1986، وكنت قد ناقشت أطروحتي لنيل الدكتوراه، نظمت بمراكش ندوة لمناقشة بحثي الاجتماعي "ما وراء كل حشمة". في نهاية وجبة الأكل، همس أستاذ شهير وكاتب جد معروف في أذني بنبرة جد شهوانية: "ماذا سنفعل إذن؟ هل تلتحقين بي في غرفتي أم ألتحق بك أنا في غرفتك؟ زوديني برقم غرفتك".

 في هذه المرة، قمت برد فعل في المستوى، حيث صرحت بأعلى صوتي أمام العشرة أشخاص الجالسين معنا في نفس الطاولة: "لدينا مشكلة لوجيستيكية. السيد فلان سألني إن كنت سألتحق به في غرفته أم أن عليه الالتحاق بي في غرفتي". الرجل دافع عن نفسه مدعيا أنني لم أفهم قصده، وهو يكرهني منذ ذاك.

  طوال مساري المهني، وبما أنني امرأة حرة تجرأت على الدفاع عن حق المرأة في النشوة الجنسية، ألصقت بي سمة كوني سهلة المنال، امرأة قادرة على الخيانة بسبب حريتها. في البداية، كنت كلما طالني تغزل شديد، أشعر بالضيق، تغمرني الحشمة، أحس بأنني تعرضت للتوسيخ، ما يدفعني إلى الاحتيال للتملص من الوضع.

 كنت أجد صعوبة في الرد بالعدوانية اللازمة في الحالات من هذا القبيل. أما الآن، بعد أربعين سنة، فصرت أمتلك القدرة على أن أقول للرجل مباشرة: "إنك تغازلني، تقدم لي عروضا فاحشة، توقف".

إقرأ أيضا: حكايات المغربيات مع التحرش.. شهادات منيب والزعيمي والشنا والمنصوري

لم أتطرق للموضوع في السابق أمام العموم، لأن الفرصة لم تتح لي ببساطة. لكنني علمت بناتي، مسلحة بما راكمته من تجربة، كيف يدافعن عن أنفسهن، لكي يصرخن ويصفعن ويرفعن قضايا أمام المحاكم كلما اقتضى الأمر.