جطو يكشف اختلالات مالية طالت محافظ التلاميذ المعوزين

تيل كيل عربي

أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره الشامل برسم سنتي 2016-2017، حول مراقبة تسيير وتقييم البرامج العمومية، ومراقبة استخدام الأموال فيها. وركزت أحد محاور التقرير على أعطاب "صندوق دعم التماسك الاجتماعي".

وكان من بين أهداف إحداث "صندوق دعم التماسك الاجتماعي"، المساهمة في النفقات المتعلقة بمكافحة الهدر المدرسي خاصة تلك المتعلقة بمنح الكتب واللوازم المدرسية، وكذلك تقديم المساعدات المالية المشروطة المباشرة لفائدة الأطفال المتمدرسين من برنامج "مليون محفظة".

مشاكل الصندوق المالية

وأشار المجلس الأعلى للحسابات أن الصندوق اعترته اختلالات عدة من بينها: التأخر في صرف الإعانات المالية للأسر؛ فرغم إنشاء الصندوق سنة 2012، إلا أنه "لم يتم الشروع في صرف الإعانات المالية للبرامج الاجتماعية التي يمولها إلا خلال سنة 2014".

أما على مستوى التخطيط والتتبع والتقييم، فقد سجل المجلس غياب استراتيجية مندمجة لتفعيل برامج الدعم الاجتماعي تمكن من تحديد الأهداف المتوخاة والفئات المستهدفة ومصادر التمويل، والتي يتم على أساسها وضع برمجة متعددة السنوات لتخصيص مداخيل الصندوق.

ومن حيث برمجة موارد الصندوق ونفقاته، فقد لاحظ المجلس أن وزارة المالية، بصفتها آمرا بالصرف لهذا الصندوق، لا تتوفر على رؤية واضحة للموارد المتوقعة وكذا المعلومات الكافية المتعلقة باستعمال المبالغ المرصدة لمختلف برامج الدعم االجتماعي التي يمولها الصندوق.

واتضح للمجلس من خلال مراقبته للوضعية الإجمالية المدلى بها من طرف وزارة الاقتصاد والمالية، أن الصندوق راكم رصيدا يناهز 8 مليار و 584 مليون درهما عند نهاية سنة 2016 ، في حين تعرف كل البرامج الممولة من طرفه عدة اختلالات ترجع بالأساس إلى ضعف التمويل.

اختلالات محافظ التلاميذ

أشار مجلس جطو أن تمويل برنامج "مليون محفظة" يتم من طرف العديد من المتدخلين إلى جانب مساهمة الصندوق، وفي هذا الصدد لاحظ أن ضبط مداخيل هذا البرنامج يستوجب تحصيل هذه المساهمات لفائدة الصندوق من أجل التحكم في الموارد والحرص على تحصيلها، لكن، يضيف التقرير، "الجمعية المغربية لدعم التمدرس"، والتي تسهر على تدبير موارد هذا البرنامج، لا تتوفر على صلاحيات تضمن تحصيل هذه المساهمات.

ومن حيث تنفيذ البرنامج عبر اعتماد طرق بديلة ذات فعالية محدودة، فقد طرح هذا النظام، بحسب المجلس، مشاكل على مستوى تدبير المرجوعات من الكتب المستعملة خاصة بالنسبة للعالم القروي، تتمثل أساسا في غياب أماكن للتخزين (التخزين داخل األقسام)، وعدم اعتماد معايير لتوزيع الكتب المستعملة، وكذا عدم قبول التلاميذ تسلم الكتب المستعملة. ناهيك على الأثر السلبي البيداغوجي لهذه الكتب على المتمدرسين الجدد.

ولاحظ المجلس كذلك أن المقاربة المعتمدة لتحديد المستفيدين من برنامج "مليون محفظة" ترتكز على المجال الترابي ولا تراعي المستوى السوسيو-اقتصادي لألسر، حيث تحصر الاستفادة من البرنامج في شرط التسجيل في إحدى المؤسسات التعليمية التي شملها البرنامج، والذي يسمح بإدراج غير المستحقين ضمن الفئة المستفيدة، وفق ملاحظة التقرير.

ويرى المجلس أن برنامج "مليون محفظة" لا يتوفر على مؤشرات لتقييم مدى آثاره على الحد من الهدر المدرسي وتشجيع اإلقبال على التمدرس. كما لا توجد أية دراسة تتعلق بتقييم آثار البرنامج على الفئات المستهدفة وعلى معدلات الحضور والنجاح بالنسبة للتلاميذ المستفيدين منه.

فيما يخص الجمعية المغربية لدعم التمدرس، فقد أكد المجلس أن هذه الأخيرة، فوضت عملية شراء الحقائب المدرسية واللوازم إلى "جمعيات دعم مدرسة النجاح" التي تعتبر وحدات جمعوية مستقلة عنها، دون التنصيص على هذه الإمكانية في الاتفاقية التي تؤطر البرنامج.

الوزير يرد على الملاحظات

أمام كل هذه الملاحظات وتعرية الأعطاب من طرف مجلس، فقد رد وزير الاقتصاد والمالية، المعني بهاته الاختلالات، وأجاب على جملة من الاعتراضات التي أبداها مجلس جطو، وكان جوابه أن دعم الموارد المخصصة لبرنامج "مليون محفظة" لمواكبة الحاجيات المتزايدة للبرنامج حسب بنود اتفاقية الشراكة المبرمة خلال 2016 ،فقد تم تحديد المساهمات الفعلية لكافة الشركاء المعنيين بهذه االتفاقية، كما تؤكد على التزام وزارة الداخلية في تعبئة الموارد المالية المعتمدة وتعبئة مساهمات مالية أو عينية إضافية أخرى.

ويضيف أنه تم اعتماد ملحق رقم1 لهذه الاتتفاقية يحدد مساهمة كلا من التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والوزارة الوصية في حالة تجاوز الكلفة التقديرية، التي تم اعتمادها وذلك بالمناصفة بين الطرفين.

 البرنامج عرف منذ مرحلته التجريبية، بحسب رد الوزير، "دراسة تقييمية لأثر التحويالت المالية المشروطة لتحسين مؤشرات التمدرس للفئات المستهدفة. وقد مكنت هذه الدراسة من إنجاز بحث ميداني للأسر، يهدف إلى قياس أثر الدعم المالي المباشر في تحسين مستوى عيش الأسر".

ويضيف: شمل البحث الأسري حوالي 5000 أسرة وذلك في مرحلتين: قبل انطالق البرنامج وبعد انتهاء المرحلة التجريبية. ومنذ 2016-2017 تم إطلاق دراسة تقييمية لأثر برامج الدعم االجتماعي، ومنها برنامج "تيسير"، على المنظومة التربوية وذلك بإشراف المرصد الوطني للتنمية البشرية والهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.