صادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، بالأغلبية، على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وذلك في ختام اجتماع امتد من مساء أمس إلى صباح اليوم الأربعاء.
وتعليقا على هذه المصادقة، أكد مصطفى جعى، عضو الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد أنه "يجب أن يكون الهدف من تنزيل القانون التنظيمي لمقتضى دستوري متعلق بالإضراب هو تقنينه وتنظيمه، وليس تقييده أو وضع قيود تهدف إلى منعه. وذلك تماشياً مع التشريعات الدولية والتراكمات التي شهدها المغرب، والتي جعلت من الإضراب حقاً مضموناً، بما يعكس التقدم إلى الأمام وليس العودة إلى الوراء".
وأوضح أن "مشروع القانون 15-97، الذي تم تقديمه للمؤسسة التشريعية منذ عام 2016، يعتبر تراجعاً ويشكل مساً بالممارسة الديمقراطية. وللأسف، فإنه يشكل نفس الأرضية التي يتم النقاش حولها حالياً".
وأضاف جعى، أن "الحديث هنا يدور حول أحد أهم الحقوق الاجتماعية والنقابية، وهو أداة سلمية أساسية لدى الطبقة العاملة للتغيير. وإن محاولة تقييده تعد مخاطرة حكومية قد تؤثر سلباً على السلم الاجتماعي، خاصة في غياب نقاش مجتمعي شامل. وأوضح أن المشروع الحالي، بالإضافة إلى بعض التعديلات التي تم إدخالها اليوم في المؤسسة التشريعية، لا يفي بالحد الأدنى من متطلبات ممارسة هذا الحق، ما يساهم في تعقيد ممارسته من خلال فرض مجموعة من الشروط القبلية المجحفة".
وأكد على أن "تضمين المرجعية الدولية والدستورية للحق في الإضراب في الديباجة يعد أمرًا بالغ الأهمية، مشدداً على ضرورة تضمين تعريف شامل يعترف بجميع أشكال الإضراب، بما في ذلك الإضراب السياسي والتضامني، لضمان حماية هذا الحق".
وشدد عضو الجبهة المغربية، على أن "المشروع الحالي، إذا تم تمريره، سيؤثر سلباً على ممارسة الحق في الإضراب، بل قد يؤدي إلى القضاء عليه في بعض القطاعات، مثل قطاع الصحة، من خلال فرض نظام الحد الأدنى من الخدمة".
وأضاف جعى، أن "استمرار فرض قيود قبلية مثل التحكيم، والمفاوضات القلبية، والإشعار مع التبليغ، يمثل جزءًا من محاولة لمنع الحق في الإضراب من الممارسة الفعلية. ونحن نعلم التحديات التي يواجهها التبليغ؛ حيث كان يكفي في السابق إعلان الإضراب ونشره عبر الإعلام للبدء فيه. لكن في المستقبل، سيكون من الضروري التقيد بالتبليغ الرسمي مع الحصول على وصل استلام. ومن المعروف أن حتى عملية تسجيل بعض النقابات واستخراج وصولاتها تواجه صعوبات، فما بالك بتبليغ الإضراب والحصول على وصل رسمي لذلك؟".
وأشار عضو الجبهة المغربية، إلى "أن منح السلطة الصلاحية لمنع أو إيقاف الإضراب في حالات "الضرورة" يعد خطوة مقلقة، حيث لم يحدث أن تدخلت السلطة لوقف الإضراب بقرار إداري منذ عقود. ومع ذلك، قد يصبح إصدار قرارات إدارية بوقف الإضرابات أمرًا شائعًا في ظل الوضع الحالي، حيث تكون الحكومة هي الخصم والحكم في الوقت ذاته. وهذا من شأنه تعزيز السلطة التنفيذية على حساب دور القضاء، الذي يتولى مسؤولية حماية الحقوق والحريات".
وفيما يتعلق بتحديد الحد الأدنى من الخدمة في بعض المرافق، قال جعى، إن "ذلك يعني بالضرورة استحالة ممارسة الإضراب، خاصة في القطاع الصحي. فالجميع يعلم أن الإضرابات في هذا القطاع تستثني دائمًا المرافق الاستعجالية والحيوية، لكن هذا القانون سيمنح السلطة صلاحية توسيع مفهوم الحد الأدنى ليشمل جميع المرافق، مما سيؤدي في النهاية إلى القضاء على هذه الممارسة".
واختتم حديثه بالقول إن "التوفيق بين حقوق المواطن وحق المضربين هو مسؤولية السلطة، لكن ذلك لا يعني حرمان أحد الأطراف من حقه على حساب الآخر. فالسلطة تتحمل مسؤولية ضمان استمرارية الخدمات ولديها كافة الصلاحيات لضمان ذلك دون أن تمس بحق دستوري. يجب عليها أن تتحمل مسؤولية توفير الحقوق وإنصاف العمال والموظفين، والعمل على نزع الاحتقان بدلاً من خلقه، لتجنب حدوث الإضرابات كما حدث في قطاعات التعليم