حالت من الترقب تسود شوارع مصر، منذ الساعات الأولى لصباح اليوم الجمعة، في ظل انتشار مكثف لقوات الأمن، وإغلاق لك الشوارع والمسالك المؤدية إلى "ميدان التحرير"، حيث يتوقع أن ينزل متظاهرون اليوم ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابة لنداء الفنان ورجل الأعمال محمد علي، الذي كشف ما وصفه بـ"الفساد المستشري داخل الجيش المصري، وتورط الرئيس في صرف أموال المرصيين على بناء القصور والإقامات الخاصة".
إدارة مترو الأنفاق، أعلنت اليوم عن قرار إغلاق ثلاث محطات رئيسية وهي: جمال عبد الناصر وأنور السادات وأحمد عرابي، كما قامت الشرطة بوضع حواجز لمنع دخول السيارات إلى محيط "ميدان التحرير". التحركات على مستوى الميدان من طرف النظام المصري، تقابلها حرب إعلامية بين المؤدين والمعارضين للسيسي، كما تعج مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات التظاهر وأخرى تحذر منه.
اعتنقالات بالجملة
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الإنسان، اليوم الجمعة، أن السلطات المصرية أوقفت "قرابة ألفي شخص" بعد تظاهرات الأسبوع الماضي، وذلك قبل ساعات على احتجاجات جديدة ممكنة.
وقالت المنظمة أيضا، إن السلطات حجبت "مواقع انترنت سياسية واعلامية كما عطلت خدمات انترنت أخرى يستخدمها المتظاهرون للتواصل".
وصرحت ساره لي ويتسون مديرة الشرق الأوسط أن "التوقيفات الجماعية التي قامت بها الحكومة والقيود على الانترنت تهدف على ما يبدو إلى ردع المصريين عن التظاهر".
وقالت المنظمة نقلا عن محامين، إن بين الموقوفين 68 امرأة وعددا غير محدد من الأطفال. لكن "أحدهم ذكر أن العديد من الموقوفين وبينهم أطفال تم الإفراج عنهم".
وتابعت أن الحكومة تحتجز مئات الأشخاص في مراكز اعتقال سرية للاستخبارات وفي معسكرات لقوات الأمن أو الشرطة "غير قانونية" ولا يستطيع المحامون دخولها.
والمحتجزون متهمون "بالانضمام إلى تنظيم إرهابي" و"التظاهر بلا ترخيص" و"نشر أنباء كاذبة"، كما ذكر محامون.
وأضافت المنظمة أنه "على السلطات المصرية أن تحمي حق التظاهر السلمي"، مطالبة بالإفراج عن الموقوفين.
السيسي "يطمئن"
وردا على دعوات التظاهر، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صباح الجمعة إنه "لا داعي للقلق" من الدعوات إلى التظاهر ضده التي وجهها رجل أعمال مصري مقيم في أسبانيا محمد علي، وذلك في تصريحات بثتها التلفزيونات المحلية.
وصرح السيسي الذي كان يتحدث للصحافيين فور وصوله اإى القاهرة عائدا من نيويورك حيث شارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة "لا يمكن خداع المواطنين ولا داعي للقلق مصر بلد قوي بالمصريين".
وأضاف بالعامية المصرية مقللا من شأن دعوات التظاهر "الوضع مش مستاهل خالص (لا يستحق إطلاقا) أي قلق".
وتابع السيسي أن "الشعب المصري أصبح واعيا جدا لما يحدث حوله وما يحدث هو صورة ترسم لتزييف الواقع... فلا تستمعوا إلى ما يقولون ولا تتعاملوا معه على أنه حقيقة... هذه صورة غير حقيقة" من دون أن يحدد الجهة التي تسعى، وفقا له، إلى "تزييف الواقع".
ومنذ أيام، تتهم وسائل الاعلام المصرية المؤيدة للسيسي، جماعة الإخوان المسلمين بـ"الوقوف وراء الحملة الاعلامية ضد الرئيس المصري".
وهذا الأسبوع حمل السيسي مجددا "الاسلام السياسي" مسؤولية الاضطرابات في الشرق الأوسط.
وقال خلال لقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نيويورك الثلاثاء: "ستظل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار الحقيقي طالما مازال هناك اسلام سياسي يسعى للوصول الى السلطة".
حرب مواقع التواصل الاجتماعي
و تشتعل منصات التواصل الاجتماعي في مصر بحرب على استقطاب الرأي العام بين مؤيدين للرئيس المصري ومعارضين له، من خلال وسوم إلكترونية وتعليقات، وذلك عشية تظاهرات محتملة ضد عبد الفتاح السيسي.
وتكثفت الوسوم منذ الجمعة الماضي يوم نزلت إلى الشارع في القاهرة ومدن مصرية أخرى "تظاهرات محدودة" تم تفريقها بسرعة تطالب السيسي بالرحيل: #ارحل_ياسيسي و#انت_انتهيت_ياسيسي، و#سيسي_مش_رئيسي... في المقابل، حملة إلكترونية مضادة يقوم بها مؤيدو النظام تحت وسم #تحيا_مصر_السيسي.
وتوفر مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما "تويتر" و"فيسبوك"، مساحة لحرية الرأي في البلاد حيث أسكت النظام جميع الأصوات المعارضة، وقد شهدت حركة سياسية متزايدة خلال الأيام الماضية.
وبدأ عدد كبير من المصريين يتجاوبون مع الدعوة للتظاهر ويتناقلونها على مواقع التواصل الاجتماعي. وجدد محمد علي الدعوة هذا الأسبوع.
وكتب عالم الفضاء المصري عصام حجي الذي يعمل في وكالة "ناسا" في الولايات المتحدة تغريدة على "تويتر" الأربعاء قال فيها "الدعوة للتظاهر السلمي يوم الجمعة ليست دعوة للدمار والخراب والفوضى كما يصورها الإعلام المضلل وإنما هي دعوة للاستماع لآمال وأحلام وطموح ملايين المصريين بحياة كريمة بعيد ا عن أي إنتماء سياسي. لا نريد إلا أن نكون دولة آدمية تحارب الفقر والجهل والمرض".
في المقابل، غر د النائب المصري مصطفى بكري، ملقيا اللوم في الدعوة الى التظاهر على جماعة الإخوان المسلمين، "الشعب المصري لن يكون أداة لعودتكم إلى الحكم مرة أخرى، وهو الذي ذاق منكم الأمرين، الشعب واع بحقيقة أهدافكم وكذب شعاراتكم ولن يفرط في بلاده مرة أخرى".
ويرجح أن مواقع التواصل الاجتماعي تخضع بشكل أو بآخر لتحكم أكبر من السلطات المحلية اليوم، وهو ما كان ملحوظا حينما تعطلت خدمة "المسنجر" على موقع "فيسبوك" عقب تظاهرات الجمعة فضلا عن حجب بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية