بعد سنوات من تعطل اللقاءات المباشرة بين المغرب و"البوليساريو" بخصوص قضية الصحراء، تعود عجلة نقاش القضية حول طاولة واحدة للدوران، استجابة لدعوة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء هورست كولر. لقاء يأتي بعد اعتماد مجلس الأمن للقرارين 2440 و2414، وما تضمناه لأول مرة، من إشارة إلى أن الجزائر يجب أن تشارك في مسار الحل كطرف في الملف.
وينتظر أن تنطلق المائدة المستديرة، التي سوف تجمع المغرب والجزائر ومورتانيا وجبهة "البوليساريو" اليوم الأربعاء 5 دجنبر الجاري، وتستمر أشغالها إلى غاية يوم غد الخميس 6 دجنبر، برعاية من الأمم المتحدة في شخص مبعوثها كولر، لقاء يلخصه الجانب المغربي في بحثه عن "اختبار باقي الأطراف في البحث عن حل للملف".
الجزائر وجدل صفة المشاركة في جنيف
عشية انطلاق أشغال المائدة المستديرة في جنيف، عاد الجدل إلى الصفة التي سوف تحضر بها الجزائر للمائدة المستديرة بجنيف، بعدما لمح مسؤولون بوزارية خارجيتها إلى أن حضورهم "يقتصر فقط على دور الملاحظ".
ورداً على ما ورد على لسان المسؤولين في الجزائر، قال مصدر مسؤول من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربية لـ"تيل كيل عربي"، إن "التصريح الذي أدلى به نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، في 4 دجنبر 2018، لم يميز، و لأول مرة في تاريخ هذا النزاع، بين وضعيات الأطراف المشاركة".
وتابع المصدر ذاته، أن نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام فرحان حق، "يدعو البلدان الأربعة للمشاركة بحسن نية وبروح بناءة، على أساس القرار 2440، مما يفند ادعاءات الجزائر و البوليساريو، اللذين يدعيان بأن الأطراف الأساسية في المباحثات هم فقط المغرب والبوليساريو، وأن الجارة الشرقية ليست سوى عضوا ملاحظا".
وبعث المصدر ذاته بنص بيان المتحدث الرسمي باسم الأمين العام بشأن اجتماع المائدة المستديرة حول الصحراء، والذي جاء فه: "يرحب الأمين العام بقرار المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا بقبول دعوة مبعوثه الشخصي، هورست كوهلر، للمشاركة في اجتماع مائدة مستديرة أولي، في جنيف يومي 5 و 6 ديسمبر 2018".
وتابع البيان ذاته، أن "الأمين العام، يكرر تأكيد دعمه الثابت لمبعوثه الشخصي ولجهوده الرامية إلى إعادة إطلاق عملية التفاوض، تماشيا مع قرار مجلس الأمن 2440 المؤرخ 31 أكتوبر 2018. ويحث الجميع على المشاركة بحسن نية في المناقشات ودون شروط مسبقة وبروح بناءة".
"مفاوضات" أم اختبار لـ"حسن النوايا".
حسب مصدر مسؤول من وزارة الخارجية والتعاون الدولي، تحدث لـ"تيل كيل عربي"، "اللقاء ليس مفاوضات، بل هو اختبار فقط".
وقال المصدر ذاته، إن "المائدة المستديرة التي سوف تعقد في جينيف ليست تفاوضاً، بل هو اجتماع لاختبار قدرة الأطراف على التحرك نحو حل لقضية الصحراء. إنه اختبار".
واعتبر مصدر "تيل كيل عربي"، أن "هذا الاجتماع يأتي في سياق إيجابي للمملكة، بعد اعتماد القرارين رقم 2440 و2414 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بخصوص ملف الصحراء، خاصة وأنه تم الحديث لأول مرة بشكل مباشر وصريح على أن الجزائر طرف في هذا الملف".
وأوضح المصدر من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، أنه "تجدر الإشارة إلى أن جدول أعمال المائدة المستديرة، سيخصص لنقاش تطور الملف والوضع الإقليمي".
تشكيلة الوفد المغربي
يقود الوفد المغربي المشارك في المائدة المستديرة بجنيف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، بالإضافة وعمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وحمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا خطاط، رئيس جهة الداخلة واد الذهب وفاطمة عدلي ناشطة في المجتمع المدني وعضوة في مجلس مدينة السمارة.
وبخصوص تركيبة الوفد المغربي المشارك في جنيف، أوضح مصدر "تيل كيل عربي" من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، أن المغرب اختار أن يتألف من الممثلين المنتخبين من الأقاليم الجنوبية ومن يمثل مكونات المجتمع المدني بالمنطقة".
واعتبر المصدر ذاته، أن "هذا الاختيار يعزز وجود الممثلين الشرعيين لسكان الصحراء المغربية، سواء تعلق الأمر بمن يمثل المنتخبين أو المجتمع المدني".
وتابع المصدر من الخارجية المغربية، أن "الوفد يُعد استمرارا للاجتماع الذي عقد في لشبونة مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للصحراء".
رهانات المغرب من لقاء جنيف
وعن رهانات المملكة من اللقاء، لخصها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، في لقاء سابق معه، مباشرة بعد صدور قرار مجلس الأمن بخصوص ملف الصحراء، شهر نونبر الماضي، (لخصها) في أن المغرب سوف يذهب إلى المائدة المستديرة التي دعا إليها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هورست كولر، بالإضافة إلى المملكة، كل من الجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، بناء على المبادئ الأربعة التي حددها الخطاب الملكي للمسيرة الخضراء، وهي: "لا حل خارج مبادرة الحكم الذاتي، ولا مظلة غير مظلة الأمم المتحدة، والجزائر هي طرف في الملف، ولا نقاش للأمور الهامشية".
وأضاف بوريطة، خلال اللقاء ذاته، أن "المغرب شدد خلال قبوله لدعوة كولر بحضور المائدة المستديرة في جنيف، على ضرورة عدم إعادة سيناريو منهاست، وليس مستعداً للانخراط في مسار يعيد نفس الأخطاء، بل يريد مساراً جدياً أساسه إرادة حقيقية لحل هذا الملف".
وتابع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، أن "المغرب تعامل مع الدعوة لحضور جنيف بالعبارات التي فيها، خاصة أنها وضعت الجميع على نفس المستوى". وأردف المتحدث ذاته، أن "جينف ستكون مختلفة عن منهاست، وذلك بالخروج من صيغة 2 ملاحظين و2 يشاركان في المسار بشكل مباشر، أي أن الأطراف بأربعة سوف تجلس إلى الطاولة طيلة فترة تنظيم المائدة المستديرة".
وعن مخرجات هذا اللقاء المرتقب، شدد بوريطة على أنه "فرصة لجس النبض بشكل مباشر بين جميع الأطراف، وفرصة للمغرب من أجل الوقوف حقيقة وجود رغبة لحل هذا الملف".
وفي رد عن سؤال لـ"تيل كيل عربي"، حول إمكانية صدور توصيات أو خلاصات عقب اللقاء، تحدد مسار الملف في المستقبل بناء على دعوة كولور لعقد المائدة المستديرة، أوضح الوزير ناصر بوريطة، أن "المغرب سوف يقوم بإعداد تقييم حول اللقاء، خاص به، وسوف يطلع المبعوث الأممي الخاص عليه، وهذا التقييم هو الذي سيحدد موقف المملكة".