قام المجلس الأعلى للحسابات بتدقيق حساب حزب الاستقلال برسم سنة 2023، وفحص صحة النفقات المنجزة من طرفه برسم الدعم العمومي الممنوح إليه. وقد أفضى تحليل البيانات الواردة في الحساب إلى حصر تركيبة الموارد والنفقات المنجزة خلال السنة.
وأزاح المجلس الستار عن مجموعة من التحفظات، تضمنها تقرير الخبير المحاسب المدلى به من طرف الحزب، وتتعلق بعدم تسجيل أي مخصصات لمواجهة المخاطر الضريبية المحتملة، وعدم إخضاع مفتشي الحزب والعاملين بالمفتشيات لقانون الشغل على غرار مستخدمي مركز الحزب، واستغلال الحزب لعقارات باعتبارها في ملكيته، في حين أن سندات ملكيتها مسجلة لدى الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية في ملكية الغير، كما أن الحزب يمتلك عقارات تم تسجيلها، غير أنه لم يقم بعد بتحديد قيمتها.
وكشف التقرير المتعلق بتدقيق حسابات الأحزاب السياسية برسم سنة 2023، أن عملية تدقيق الحساب السنوي وفحص صحة النفقات أسفرت عن إحدى عشرة ملاحظة، قام المجلس بتوجيهها إلى المسؤول الوطني عن الحزب بتاريخ 9 يوليوز 2024 بهدف تقديم التبريرات اللازمة. ومن خلال الأجوبة التي توصل بها المجلس بتاريخ 8 غشت 2024، تبين أن الحزب لم يقدم تبريرات كافية بخصوص بعض الملاحظات.
ففيما يتعلق بمسك المحاسبة، ذكر التقرير أنه باستثناء مبلغ الدعم الإضافي غير المستعمل (1.126.585,31) درهم برسم الدعم السنوي، الإضافي لسنة 2022 الذي تم تنزيله على مستوى الموازنة، لم تتضمن محاسبة الحزب باقي مبالغ الدعم الواجب إرجاعها إلى الخزينة، والتي تبلغ 14.164.939,52 درهم برسم مساهمة الدولة في تمويل حملاته الانتخابية بمناسبة اقتراعات 2021، إذ لم يتم احتساب هذا المبلغ، ولم يتم إدراجه في الموازنة -الخصوم بالحساب رقم 445 الدولة -دائنة"، كما لم يتم تسجيله ضمن جدول الديون في قائمة المعلومات التكميلية.
وأشار المجلس إلى أن المبالغ الواجب إرجاعها إلى الخزينة قد تم تحديدها في تقرير المجلس المتعلق بتدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي عن السنة المالية 2022، والذي نشر بتاريخ 28 فبراير 2024.
وأضاف المصدر ذاته أنه كان من اللازم إدراج المبلغ الإجمالي الواجب إرجاعه ضمن ديون الحزب، وأخذه بعين الاعتبار في الحساب السنوي الذي تم إيداعه لدى المجلس بتاريخ 27 مارس 2024، أي بعد شهر على تحديد هذه المبالغ التي تمثل ديونا مستحقة لفائدة الخزينة.
وبين المجلس أنه خلال سنة 2023، قام الحزب بتحويل ما مجموعه 4.818.600.00 درهم لفائدة مفتشيه على المستوى المحلي، لتغطية مصاريف تتعلق بتعويضات المسؤولين عن المفتشيات، وشراء الوقود وأداء نفقات كراء المقرات، والماء والكهرباء، والهاتف، وغيرها من المصاريف. غير أن الحزب لم يقم بتنزيل هذه العمليات في الحسابات المناسبة، حيث اكتفى بإدراج المبلغ الإجمالي المحول لكل مفتشية ضمن الحساب 614351 (مهام)، وذلك خلافا لمبدأ الوضوح المنصوص عليه في الدليل العام للمعايير المحاسبية والمخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، الذي يلزم بتقييد جميع العمليات المحاسبية في الحسابات المناسبة.
وأورد التقرير أن الحزب لم يقم بتخصيص حساب فرعي لكل دائن، وقد أظهرت الوثائق المكونة للحساب أن المبلغ الإجمالي لديون التمويل (Dettes de financement) والبالغ 9.600.000,00 درهم، قد تم تسجيله ضمن الحساب رقم 1488 "ديون التمويل" دون تخصيص حساب فرعي لكل دائن.
وفي هذا السياق، شدد المجلس على ضرورة تخصيص حساب فرعي لكل دائن على مستوى محاسبة الحزب باعتباره أمرًا ضروريًا للتمكن من تتبع الديون والتأكد من مصادرها.
وذكر المجلس أن مبلغ الديون الوارد في جدول "الديون" المرفق ضمن قائمة المعلومات التكميلية لم يتضمن تفاصيل أسماء الدائنين المسجلين في الحساب دائنون آخرون (Autres créanciers) " والبالغ إجمالا 2.224.000,00 درهم، حيث لم يتم تحديد هوية الدائنين المعنيين.
ولفت المجلس الانتباه إلى أن الحزب يقوم بتحويل المبالغ المخصصة لتغطية المصاريف المنجزة على مستوى كل مفتشية إلى حسابات بنكية غير مسجلة باسمه، وذلك بدلا من فتح حسابات بنكية محلية خاصة به.
وفيما يخص صحة النفقات، أسفر فحص الوثائق المرفقة بالحساب السنوي عن رصد نفقات لم يتم دعم صرفها بوثائق الإثبات القانونية المنصوص عليها في قائمة الوثائق والمستندات المثبتة لموارد ونفقات الأحزاب السياسية الملحق رقم (3) وفقا لما هو محدد في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب.
وأبرز المجلس في تقريره أن فحص الوثائق المقدمة ضمن الحساب السنوي والكشوفات البنكية أسفر عن رصد مبالغ محولة لفائدة بعض مفتشي الحزب، بلغ مجموعها 657.600.00 درهم، لم يتم دعم سوى جزء منها بقيمة 249.111,44. درهم بوثائق الإثبات، في حين لم يتم تقديم أي وثائق إثبات بشأن صرف المبلغ المتبقي، والبالغ 408.488,56 درهم.
وجاء في التقرير أنه خلافا لمقتضيات المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، قام الحزب بدعم صرف نفقات مرتبطة بالماء والكهرباء (15.680,01 درهم)، وواجبات الكراء (18.240.00 درهم)، والرسوم والضرائب (17.226,00 درهم)، بفواتير وإيصالات غير معنونة باسم الحزب.
وفي هذا الصدد، دعا المجلس الحزب إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسوية الوضعية القانونية للعقارات المستغلة من قبل الحزب، والتقيد بالمقتضيات والقواعد المحاسبية، ولاسيما مبدأ "الوضوح" من خلال تسجيل العمليات المحاسبية في الحسابات الملائمة لها، وقاعدة "الشمولية" عبر إدراج المبالغ الواجب إرجاعها إلى الخزينة كما تم حصرها من طرف المجلس على مستوى موازنة الحزب بالحساب "الدولة دائنة".
وحث على تخصيص حساب فرعي خاص بكل دائن على مستوى محاسبة الحزب، ودعم صرف أجور المستخدمين والمنح والتعويضات المتعلقة بهم، بوثائق الإثبات القانونية كما تم حصرها في قائمة الوثائق والمستندات المثبتة لموارد ونفقات الأحزاب السياسية المحددة في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية الملحق رقم (3).