دعت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة إلى ضرورة التحقيق في مصدر وجودة وفعالية دواء "أفاستين"، على إثر إصابة 16 مريضا بفقدان البصر، بالبيضاء، نتيجة مضاعفات وآثار جانبية لحقنهم به، داخل الجسم الزجاجي المعروفة اختصارا بـ"IVT"، خلال متابعتهم العلاج، بقسم طب العيون، بمستشفى 20 غشت 1953، التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد.
وأوضحت الجهة أن استعمال حقن "أفاستين" داخل الجسم الزجاجي له آثار جانبية قد تؤدي إلى مضاعفات نادرة، من بينها انخفاض في الرؤية و/ أو العمى؛ ما قد يتطلب علاجها إجراءات إضافية، بالإضافة إلى احتمالية إصابة العين بالتهاب باطن المقلة؛ الشيء الذي يؤدي إلى فقدان شديد ودائم للرؤية، داعية إلى ضرورة التكفل بعلاج وتعويض المصابين المتضررين أو المصابين بالعمى، نتيجة علاجهم بهذه الحقن، على أن تتحمل النفقات الشركة المنتجة، في حال ما إذا تبين أن الدواء ملوث، أو فاسد، أو منتهي الصلاحية؛ حيث نبهت إلى السقوط في الصراعات التنافسية الحادة للشركات المعنية، والمؤدى عنها أحيانا.
كما أكدت أنه على مديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية اتخاذ قرار نهائي بخصوص الترخيص من عدمه لعقار "أفاستين"، والتعويض عنه 100 في المائة، من طرف صناديق التأمين، والعمل على توفير الأدوية، كافة، بجودة عالية وأسعار مناسبة، وإعادة النظر في القوانين المحدد لها، ومحاربة ظاهرة التهريب والغش والتزييف في الأدوية، وتقليد المنتجات الصيدلانية والمادة الفعالة الأصلية في الدواء، والعمل على السحب الاحترازي لأدوية مشكوك في سلامتها، وتوفير البدائل الآمنة.
وأشارت الشبكة إلى أن الدواء الذي تلقاه المرضى يتعلق بعقار "أفاستين (Bivacizumab)"؛ وهو عقار يستخدم كدواء للعلاج الكيميائي لعلاج أنواع عديدة من السرطان؛ كسرطان الثدي والقولون والرئة والكلى والدماغ، مشيرة إلى أنه لم يتم إنشاؤه، في البداية، لعلاج أمراض العين، لكن بناء على تجارب سريرية، بدأ استخدامه من طرف أطباء العيون، لعلاج العديد من أمراض العين والشبكية؛ مثل مرض الضمور أو التنكس البقعي المرتبط بالعمر (مرض تنكسي يؤثر على مركز الشبكية (البقعة الصفراء) المسؤولة عن الرؤية المركزية، مسببا فقدان البصر فيها).
وتابعت أنه يتم حقن "أفاستين" داخل غرفة العمليات، وتحت تأثير التخدير الموضعي للعين، وقبل المباشرة بالحقن، يتم تنظيف منطقة العين والجفنين بالمطهرات. وفي العادة، تكون عملية الحقن سريعة ومن غير ألم، وقلّما تؤدي إلى الآلام ما بعد العملية. كما أن الهدف من حقنه هو منع المزيد من فقدان الرؤية. وعلى الرغم من أن بعض المرضى قد يتمكنون من استعادتها، إلا أن الدواء قد لا يعيد الرؤية، التي فقدها المريض بالفعل.
وكشفت الشبكة أن حادثة مستشفى 20 غشت بالدار البيضاء "ليست معزولة"، بل إن وزارة الصحة الباكستانية أصدرت، مؤخرا، قرارا يقضي بسحب عقار "أفاستين" من الشركة التي تقوم بترويجه، ومتابعتها قضائيا، بعد أن اكتشفت أن الحقن بهذا الدواء أدى إلى حدوث التهاب خطير تسبب، في النهاية، إلى فقدان البصر لعشرات المرض السكري، في إقليم البنجاب، كما أمرت بإجراء تحقيق في الموضوع.
وتابعت أنه سبق ووقعت نفس الحادثة في السودان، بولاية الخرطوم، وإصابة 34 شخصا بالعمى والالتهابات، بمستشفى عمومي، بعد حقن مرضى السكري بنفس العقار؛ حيث كشفت نتائج التحقيق عن إصابة المرضى بتلوث بكتيري.
وفي هذا السياق، يضيف بلاغ الشبكة، "أعلنت شركة "روش"، في 25 شتنبر 2023، أن دواءها "أفاستين" سليم وخال من أي شوائب أو عيوب، ومن دون آثار جانبية، بعد أن رصدت حالات الإصابة بالعمى، في باكستان".
بالمقابل، أوصى المعهد الوطني للصحة، بإنجلترا، باعتماد دواء "لوسينتس"، رسميا، لعلاج بعض أمراض العيون؛ حيث أكدت خبيرة طبية أن كلا الدواءين لهما فعالية متساوية بوقف التدهور في الإبصار، قياسا على مخطط معياري للعين.
من جانبها، رحبت جمعية المرض البقعي البريطانية بالنتائج، معتبرة أن كلا الدواءين مفيدان، رغم اختلافهما من حيث الثمن، على اعتبار أن دواء "لوسينتس"، الذي يبلغ ثمن القارورة الواحدة منه نحو 1197 دولارا، ليس أفضل من عقار "أفاستين"، الذي ثمنه نحو 65 دولارا، في علاج ما يعرف بالتنكس البقعي الرطب المصاحب للشيخوخة.
وأشارت الشبكة المغربية إلى أنه لمعالجة العمى المرتبط بالعمر السكري، على وجه الخصوص، تستخدم العديد من الدول؛ مثل فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا دواء معروفا بأنه فعال وآمن؛ وهو "أفاستين"، وفي إيطاليا وإسبانيا، تطلب السلطات من مستشفياتها وصف هذا العقار، حصريا.
وأكدت الشبكة أن استعمال هذه الأدوية بالمغرب تطرح إشكاليات كبرى، سواء على مستوى الترخيص أو الترخيص المؤقت، أو على مستوى سعر البيع للعموم، أو على مستوى مراقبة الجودة ومراقبة بروتوكول العلاج وتوعية المريض بالآثار الجانبية، خاصة أنه يتم إدخال عقار "أفاستين" برخصة مؤقتة قابلة للتجديد، من طرف مديرية الأدوية، لافتة إلى أن شركات تصنيع هذه الأدوية تعيش صراعات تنافسية محتدمة، وصل بعضها إلى أروقة المحاكم؛ حيث سبق لهيئة المنافسة بفرنسا أن فرضت عقوبات على مختبرين، بسبب ممارسات حملة إعلامية لتشويه سمعة "أفانتيس"، والحفاظ على مبيعات عقار "لوسنتيس" على حسابه، باعتباره منافسا أرخص.
وتم تحديد سعر زجاجة "أفانتيس" سعة 4 مل، والتي يمكنها علاج العديد من المرضى؛ أي الثمن العمومي للدواء (PPV)، في 2908 درهما، فيما يبلغ سعر المستشفى (PH) 2581 درهما. أما دواء "لوسنتيس" سعة 0.3 مل، فحدد ثمنه العمومي في 7850 درهم سعر، فيما بلغ سعر المستشفى 7969 درهم. أما دواء "Eylea" سعة 2 مل، فيبلغ ثمنه العمومي 7920 درهم، وسعر المستشفيات 7741 درهم.
وحسب نفس التقارير، فإنه رغم ارتفاع سعر لوسنتيس" و"Eylea" سعة 2m، فإنهما ليس أفضل من العقار "أفاستين" في علاج ما يعرف بالتنكس البقعي الرطب المصاحب للشيخوخة، إلا أنه لا يتم التعويض عنهما من طرف صناديق الحماية الاجتماعية.