حماة المال العام: فتح بحث قضائي حول الفساد في قطاع الصحة "قرار جريء وشجاع"

تيل كيل عربي

أشاد محمد الغلوسي، المحامي بهيئة مراكش، ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، بقرار فتح بحث قضائي حول وجود شبهة التلاعب في مجموعة من الصفقات العمومية الخاصة بالمؤسسات التابعة لقطاع الصحة، يومه الأربعاء.

ووصف الغلوسي في تدوينة فيسبوكية، هذا القرار القضائي، بـ"الجريء والشجاع"، الذي يتجاوب مع مطالب الجمعية المغربية لحماية المال العام، والمتعلق بالمطالبة بإجراء تحقيق في مواجهة العديد من المتهمين، ضمنهم أطر مركزية وجهوية، وموظفون، ومهندسون، يعملون بقطاع الصحة، فضلا عن أصحاب شركات، وهي المطالبة الصادرة عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، والمتعلقة بما مجموعه 31 متهما، من أجل تكوين عصابة إجرامية، وتبديد واختلاس أموال عمومية، والإرشاء والارتشاء، وتزوير محررات رسمية، وغيرها من التهم الأخرى الواردة في المطالبة بإجراء تحقيق.

اقرأ أيضا: الفساد وتضارب المصالح في قطاع الصحة.. اعتقال وحجز ممتلكات عشرات الموظفين وأرباب المقاولات

وأوضح أن هذه المتابعة تأتي على خلفية "وجود شبهة تلاعبات في الصفقات العمومية بقطاع الصحة، والذي باشرت بخصوصه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أبحاثها وتحرياتها المكثفة والعميقة".

وتابع أن "الأمر يتعلق بشبهة ارتكاب أفعال منافية للقانون، تتعلق بتسهيل تمرير ونيل صفقات عمومية لها صلة بعمليات توريد واقتناء بعض الأجهزة والمعدات الطبية الموجهة لتجهيز المستشفيات، وذلك مقابل عمولات ومبالغ مالية وعينية".

وأضاف: "وبعد إحالة المتهمين جميعا على قاضي التحقيق، قرر هذا الأخير بعد استنطاقهم ابتدائيا، إيداع 19 متهما السجن. فيما تابع الباقي في حالة سراح، في انتظار استكمال التحقيق التفصيلي".

وثمّن الغلوسي القرار المهم الذي اتخذه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بخصوص هذه القضية، والمتعلق بحجز ممتلكات بعض المتهمين في هذه القضية المشتبه في تحصلها من الجرائم موضوع المطالبة بإجراء تحقيق، لافتا إلى أنه "من شأن هذا الإجراء أن يوفر ضمانات لاسترجاع الأموال المنهوبة والمختلسة، علما أن مبالغ مالية مهمة ضبطت بحوزة بعض المتهمين تم حجزها".

وأشار إلى أنه "سبق للجمعية المغربية لحماية المال العام أن تقدمت، في وقت سابق، بشكاية إلى رئاسة النيابة العامة، حول الاختلالات التي اعترت تدبير الصفقات العمومية خلال جائحة "كورونا"، وهي الاختلالات التي تحدث عنها تقرير رسمي صادر في الموضوع، وأثارت حينها نقاشا مجتمعيا واسعا حول شفافية هذه الصفقات، خاصة وأن مبالغ مالية ضخمة قد خصصت لها، وتم تمرير هذه الصفقات بإجراءات استثنائية، خروجا على القواعد والمساطر الواردة بمرسوم الصفقات العمومية".

وأعرب الغلوسي عن تمنيه أن "تشكل هذه المناسبة فرصة لفتح هذا الملف قضائيا، وترتيب الجزاءات القانونية المناسبة".

وتابع أن "القضية أعلاه تكشف كيف يتم استغلال مواقع المسوؤلية العمومية، للتلاعب بالمساطر وخرق القانون، إضرارا بالمجتمع وحقوقه في التنمية والعدالة، ومراكمة الثروة بطرق مشبوهة، من طرف مسوؤلين وموظفين مؤتمنين على حقوق الناس".

وأبدى استهجانه لتزامن ما يحدث مع "معاناة قطاع الصحة من أمراض مزمنة، وافتقار بعض المؤسسات الصحية والاستشفائية للإمكانيات الضرورية المادية والبشرية، للقيام بأدوارها، ما يضطر المجتمع لأداء تكلفة الفساد ونهب المال العام، مقابل إرضاء جشع وهوس بعض المسوؤلين، وهو ما يفرض قانونا على النيابة العامة المختصة فتح مسطرة الاشتباه في تبييض الأموال ضد المتورطين في هذه القضية. وحينها، سيكتشف الرأي العام حجم الثروات التي راكمها البعض، بطرق منحرفة".

وختم تدوينته: "نتمنى أن يشكل قرار الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بفاس، في قضية البرلماني ورئيس جماعة أولاد الطيب ومن معه، فضلا عن قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مؤشرا إيجابيا للتصدي للفساد والرشوة ونهب المال العام، وربط المسوؤلية بالمحاسبة، وتجسيد دور السلطة القضائية في تخليق الحياة العامة".