يعطي إدوارد فيليب، الوزير الأول الفرنسي، الموجود في زيارة رسمية إلى المغرب، في هذه المقابلة الحصرية مع "تيلكيل"، قراءة في الأجندة المشتركة بين المغرب وفرنسا، المستمرة، رغم التجديد الذي لحق الطبقة السياسية الفرنسية. وفي هذا الجزء ينشر "تيلكيل – عربي"، مقتطفات من المقابلة المطولة التي ستنشر في العدد المطبوع لمجلة "TelQuel"، الذي سيكون في الأكشاك ابتداء من غد (الجمعة) 17 نونبر.
أجرى الحوار: طوما سافاج – ترجمة: امحمد خيي
تأتي زيارتكم للمغرب في سياق "علاقة صداقة استثنائية بين المغرب وفرنسا"، وإذا كان اللقاء الذي يجمعكم بسعد الدين العثماني هو الـ13 من هذا النوع، ماهو الاستثنائي في اللقاء الجديد؟
قد لا نتخيل الأمر، لكن في الحقيقة يوجد قليل من البلدان التي تجمعنا معها مباحثات ثنائية متواصلة ومنتظمة، يتم ترؤسها على مستوى مؤسسة الوزير الأول، إن هذا ما ينطبق على علاقتنا بالمغرب،ومنذ زمن طويل. ونقوم بهذا الاجتماع بين الوزيرين الأولين خلال كل سنتين منذ 1997.
هذه السنة ستشهد قفزة إضافية، لأن اللقاء سيتمحور، لأول مرة، حول خمسة محاور إستراتيجية، تم تحديدها مسبقا باتفاق مشترك. إن الأمر بمثابة إشارة قوية على كثافة ونضج شراكتنا، والمحاور الخمسة هي: الشباب، والابتكار، وإفريقيا، والتنقل والهجرة، والتعاون حول اللاتمركز والجهوية.
إننا بتلك الهندسة، نهدف إلى تجاوز إطار المباحثات الثنائية بين الوزراء، والتقدم معا لتحقيق أهداف مشتركة، تعد مهمة جدا لمستقبل بلدينا.
الصحافة ستكتب أن سعد الدين العثماني التقى بنظيره الفرنسي، ومن غير رئاستكما للحكومتين، هل هناك نقط مشتركة أخرى؟
أشترك مع السيد العثماني في واجب مشترك، هو أن نكون في مستوى الطلب القوي على التعاون الذي نحس به لدى المغاربة والفرنسيين، سواء في ما يتعلق بالأمن، والتنمية الاقتصادية، وتكوين الشباب. إن فرنسا والمغرب مرتبطان أكثر من أي وقت مضى.
إن زيارتي للمغرب من أول زياراتي إلى الخارج، ما يعكس أهمية وحيوية العلاقات بين المغرب وفرنسا، وهدف فرنسا بسيط: أن يظل المغرب شريكا مرجعيا على كل الأصعدة، ومن أجل ذلك، وهو ما نعيه، يجب التلاؤم مع انتظارات بلد يتحول، ويتأكد يوما بعد آخر، أنه بلد صاعد بشدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا.
المغرب يريد التموقع شريكا رابطا بين أوربا وإفريقيا، فكيف تنظر فرنسا إلى هذا الأمر؟ وما رأيكم في السياسة الإفريقية للمغرب؟
إنها مسألة مفروغ منها: المغرب فاعل رئيسي في إرساء الاستقرار، وفي تنمية إفريقيا، وتحركاته تتخذ أشكالا متعددة، من قبيل المشاركة في البعثات العسكرية الأممية لحفظ السلام، واعتماد مقاربة جديدة في ما يتعلق بالهجرة، وسياسات الاستثمار، علاوة على تعزيز الطاقات المتجددة.
إسمحوا لي بتذكيركم بخطاب جلالة الملك محمد السادس في أديس أبابا خلال يناير 2017، وفيه "إفريقيا هي قارتي، هي بيتي". إن هذا التأكيد القوي ميز على نحو لافت، عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، والتي كانت قرارا نحييه، على غرار مقاربة السعي إلى الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
إن ذلك سيسمح لنا بتقوية حوارنا الإستراتيجي، خصوصا حول الملفات الكبرى الإقليمية، بالتوازي مع عملنا على تقوية تصورنا المشترك في إفريقيا، وكثير من القطاعات معنية: الثقافة والمعرفة، والتنمية، والاقتصاد ...
وأخيرا، المغرب رائد في علاقته مع الاتحاد الأوربي، سيما أنه حصل على وضع الشريك المتقدم في 2008، وهذا الاعتراف يجعله في الموقع الأول للعب دور "القنطرة" بين القارتين الأوربية والإفريقية. إنني مقتنع بأن فعله وتحركه سيتيح له اندماجا أقوى، وهذا هدف مشترك بين بلدينا.
خلال زيارتكم للمغرب، هل ننتظر إطلاق اتفاقيات جديدة للشراكة الاقتصادية؟
إن زيارتي تؤكد أولا إرادتنا في مصاحبة المغرب في مشاريعه المهيكلة، و"طرامواي" الرباط والبيضاء من أفضل الأمثلة على ذلك، وسيستفيدان من قرض جديد للوكالة الفرنسية للتنمية.
وبالإضافة إلى ذلك، توجد قطاعات جديدة صاعدة صارت موضوع تعاون مقوى بين المغرب وفرنسا، من قبيل قطاعا البحر والموانئ اللذين يعيشان ازدهارا، ما يفتح الطريق نحو شراكات جديدة، من أجل تحسين الأمن والسلامة، وتقوية التشريعات المينائية والبحرية، وتنمية قطاع صناعة السفن، وتحسين التكوين التقني والعلمي.
يجب علينا أيضا تجديد الشراكة الاقتصادية، بدون توقف، بيننا وربطها بطموحات جديدة. وفي هذا الصدد، سنعمل على دعم المغرب في التنمية الرقمية، وتمويل الإبتكار، ومصاحبته في إرساء وكالته الوطنية للتنمية الرقمية، كما اتفقنا على توفير تمويلات (40 مليون درهم) لدعم "صندوق إنوف أنفيست"، بهدف أن يتحول إلى بنية دائمة للتمويل وإقلاع الشركات الناشئة (ستار تاب) المغربية.
إن كل هذا، سيمكننا من تشجيع الابتكار والشباب، والمساهمة، في الوقت نفسه، في جعل اقتصاداتنا أكثر تنافسية.
جون- إيفيس لودريان، (وزير الخارجية الفرنسي)، وبرونو لومير، (وزير الاقتصاد الفرنسي)، حلا بالجزائر في 12 نونبر الجاري، فهل الدبلوماسية الفرنسية تريد أن توحي بأنها تحرص على علاقات متساوية مع المغرب والجزائر؟ وهل لفرنسا دور تلعبه لتخفيف التوتر بين البلدين الجارين؟
إن مصلحتنا، تتماشى مع مصلحة المنطقة المغاربية، ويتمثل في أن تكون هناك علاقات جيدة بين البلدين بوصفهما فاعلين كبيرين. إن المغرب والجزائر شريكان أساسيين لفرنسا، ولا نجعل حوارنا مع أحدهما، متوقفا على طبيعة علاقتنا بالآخر.