شّهد مركز الندوات والتكوين لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، فعاليات المؤتمر الدولي حول "الصحافة الاستقصائية ومنهجية البحث العلمي في تغطية الحروب والنزاعات"، الذي نظمه مختبر الدراسات الأدبية واللسانية وعلوم الإعلام والتواصل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، بشراكة مع مركز الجزيرة للدراسات بقطر.
خلال الجلسة الصباحية لليوم الثاني من المؤتمر، استعرضت الدكتورة منى مجدي عبد المقصود، أستاذة بقسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، تجربة الصحافة الاستقصائية في جامعة القاهرة وتأثيرها على الحقل الصحفي معرفيًا ومهنيًا.
في هذا الحوار الذي أجراه "تيلكيل عربي" بمدينة فاس مع الدكتورة منى مجدي عبد المقصود، على هامش المؤتمر الدولي، شددت على أن الصحافة الاستقصائية لن تموت، مبرزة أنها تمثل رافعة أساسية في تعزيز مصداقية الإعلام واستعادة ثقة المجتمع، خاصة من خلال معالجة القضايا التي تمس احتياجات الناس الأساسية وحقوقهم.
هل نعيش "موت" الصحافة الاستقصائية في العالم العربي؟
الصحافة الاستقصائية لن تموت في المنطقة العربية، ربما تصاب أحيانا بكبوات نتيجة لتغير المناخ السياسي والتشريعي والحالة الاقتصادية، والوعي لدى الجمهور بوجود الصحافة الاستقصائية، لكنها بطبيعة الحال تعود إلى الأفق نتيجة حاجة الدول العربية إليها.
لدينا كثير من الملفات التي يمكن أن تُفتح، تستطيع الصحافة، إذا توفرت النية لها، أن تخوض هذه المعارك، لكن لا بد من وجود تأسيس تكويني يراعي هذه المسألة ويجعلها تقوم بمسؤوليتها في تغيير الواقع نحو الأفضل من خلال عرض مهني وأداء محكم مصحوب بالأخلاقيات التي تتمتع بها.
حتى إن خفتت في بعض الأحيان، لا تلبث أن تعود من جديد إلى الساحة، نتيجة توافر المصادر المفتوحة وظهور جيل Z الذي يعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا.
فهي لن تموت، بل العكس، أعتقد أنها أحد الروافد الأساسية التي يمكن أن تعطي للصحافة المطبوعة القدرة على الحياة.
هل يمكن للصحافة الاستقصائية أن تعيد للمجتمع الثقة والمصداقية في الإعلام؟
أولا، المصداقية والثقة في الإعلام والصحافة في العالم تراجعت، وليس فقط في العالم العربي، ولكن مع وجود كوارث بيئية، مثل كوفيد-19، استعادت وسائل الإعلام الثقة والاعتماد عليها باعتبارها المصدر الرئيسى للخبر.
أعتقد أن الصحافة الاستقصائية هي صاحبة الحصان الرابح في إعادة المصداقية مرة أخرى، حتى يمكن للمواطن أن يشعر أن القضايا التي تمس احتياجاته وحقوقه الأساسية على أجندة وسائل الإعلام التي تعبر عنه.
هذا أحد الضمانات التي يمكن أن تعيد الصحافة مرة أخرى المصداقية التي ينبغي أن تتمتع بها.
هل تتفقين مع من يربط بين الصحافة الاستقصائية والديمقراطية؟
الربط بينهما منطقي، لأن الصحافة لا تنشأ من فراغ، بل تتأثر بطابع المناخ السياسي والقانوني، ونظرة السلطات للدور الذي ينبغي أن تقوم به وسائل الإعلام.
لكن هذا لا ينفي أن الصحافة تستطيع أن تجد مخارج بديلة وطرقا مبتكرة، خاصة في ظل التكنولوجيا الرقمية الجديدة، التي من خلالها تحقق الوصول إلى مجتمع أكثر ديمقراطية وعدالة وإنصافا.