في خطوة لافتة تحمل أبعادا دبلوماسية واقتصادية، أعلنت الحكومة الفرنسية عن توسيع نطاق خدماتها القنصلية لتشمل الأقاليم الجنوبية، وبالأخص، العيون والداخلة والسمارة، عبر افتتاح مركز جديد لتلقي طلبات التأشيرات، ابتداء من شهر ماي المقبل.
وحسب موقع "SchengenVisaInfo"، فإن مركز "TLS Contact"، المكلّف من قبل السلطات الفرنسية باستقبال طلبات التأشيرة، سيبدأ عملياته في مدينة العيون، خلال الأسابيع المقبلة، رغم غياب إعلان رسمي، إلى حدود الساعة.
وسيوفر المركز لسكان المنطقة الخدمات القنصلية التي طال انتظارها، دون الحاجة إلى التنقل إلى مدن بعيدة؛ مثل أكادير أو الدار البيضاء.
خدمة أقرب وتكلفة أقل
ومن المتوقع أن يخفف افتتاح هذا المركز من العبء اللوجيستي والمالي على المتقدمين في جنوب المملكة، ويجعل الإجراءات أكثر سلاسة.
وحسب ما أفادت به السفارة الفرنسية بالرباط، فإن هذه الخطوة تأتي انسجاما مع تعهدات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال زيارته الرسمية إلى المغرب، في أكتوبر الماضي، والتي شدد فيها على ضرورة تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين المغاربة في جميع أنحاء البلاد.
وأكد البيان أن سكان جهة العيون - الساقية الحمراء سيستفيدون من نفس المعايير والخدمات التي تقدمها المراكز الأخرى، في شراكة مباشرة مع "TLS Contact".
مركز جديد في البيضاء
وتأتي هذه المستجدات في أعقاب افتتاح مركز تأشيرات فرنسي حديث بمدينة الدار البيضاء، بقدرة استيعابية يومية تتراوح بين 800 و1200 متقدم.
ويوفر هذا المركز خدمات محسّنة تشمل تمديد ساعات العمل، بالإضافة إلى خدمة جمع الوثائق من منازل طالبي التأشيرة.
ورحب السفير الفرنسي في المغرب، كريستوف لوكورتيي، بهذه الخطوات، مؤكدا أن "المواطنين المغاربة المتقدمين بطلبات تأشيرة لديهم توقعات مشروعة ومتزايدة يجب التعامل معها بجدية، لضمان علاقات متوازنة ومتقدمة بين باريس والرباط".
وأضاف لوكورتيي: "المرفق الجديد يجسد التزامنا الدائم، سواء على مستوى السفارة أو من خلال شريكنا "TLS"، بتحسين جودة الاستقبال والخدمات لكل من يطمح لزيارة فرنسا".
زيارات دبلوماسية وتأكيدات حول الصحراء
وتزامن الإعلان عن التوسعة القنصلية مع زيارة وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إلى فرنسا، يوم 14 أبريل الجاري، بدعوة من نظيره الفرنسي، جان نويل بارو.
وبعد هذه الزيارة، سارعت الحكومة الفرنسية إلى إصدار بيان رسمي تؤكد فيه موقفها "الثابت" من قضية الصحراء المغربية، في خطوة قرأها مراقبون ضمن سياق "تهدئة وتوازن" في العلاقة المتأرجحة، مؤخرا، بين البلدين.
وفي تطور مواز، استقبلت الرباط، يوم 16 أبريل الجاري، وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، الذي التقى نظيره المغربي، عبد الوافي لفتيت.
وتناول اللقاء ملفات التعاون الأمني والهجرة؛ ما يعكس إرادة مشتركة لإعادة ترميم الروابط الثنائية على أكثر من صعيد.
دبلوماسية التأشيرة
وتحوّل ملف التأشيرات، في السنوات الأخيرة، إلى أداة دبلوماسية بامتياز، واستُخدم كوسيلة ضغط سياسي في أكثر من محطة.
واليوم، يبدو أن باريس تعيد تموضعها في هذا الملف، متجهة نحو إعادة بناء الثقة، ليس فقط عبر التصريحات، بل من خلال إجراءات عملية ملموسة، قد يكون افتتاح مركز العيون أحد أبرز تجلياتها الرمزية.