لايكفي رفع الولوج إلى الطاقة، وخاصة الكهرباء، إلى مرتبة الحق، بل يفترض تسهيل الولوج إليها، عبر تبني منظومة أسعار تراعي القدرة الشرائية للأسر، خاصة الفقيرة منها، سواء عبر التعريفة الاجتماعية أو "شيك الطاقة" أو استحضار عدد أفراد الأسرة بالنسبة لبعض الفئات.
حق وأسعار
انصب النقاش الذي عرفته الندوة التي نظمتها جمعية "طاقات" بتعاون مع المنظمة الألمانية " هينريش بول ستيفونغ"، في نهاية الأسبوع الماضي، على الحق في الطاقة، الذي يعنى إلزامية تطوير الدولة لسياسات عمومية من أجل الاستجابة، للحاجيات الأساسية للمواطنين، حسب ما يكرسه الميثاق الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي يشدد على التدرج في تكريس تلك الحقوق.
ولاحظ عبد الصمد صادوق رئيس جمعية « طاقات » التي تضم أطر ومتقاعدي المكتب الوطني للماء والكهرباء، أن البند 31 من الدستور، يؤكد على الحريات والحقوق الأساسية والحق في التنمية المستدامة مثل الحق في الصحة والماء والسكن.. لكنه لم يشر إلى الحق في الطاقة.
ويتصور عدنان لحسن، المحامي بباريس والمدير السباق للشؤون القانون بالمكتب الوطني للماء والكهرباء، أنه في ظل عدم التنصيص على الحق في الطاقة في الدستور، يمكن تكريسه عبر السياسات العمومية التي تقودها الحكومة.
وأشار المشاركون في الندوة إلى أن المغرب من تعميم الكهرباء، التي تشير إلى البنيات التحتية التي تساعد على إدخال الكهرباء، حيث وصلت نسبة ذلك إلى 99 في المائة، غير أن الوزير الداودي، يشير إلى مناطق مازالت تعاني بسبب عدم ولوجها لخدمة التوفر على الكهرباء.
ويذهب خبراء إلى أن هناك فرقا بين الكهربة التي تؤشر على برنامج تعميم تلك الطاقة، وبين الطلب على الكهرباء، الذي قد لا يتعدى 80 في المائة على صعيد المملكة.
غير أن جمعية " طاقات"، تسجل أنه لا يجب اختزال الحق في الطافة في الكهرباء، على اعتبار الوقود من أجل تلبية حاجيات التنقل، والغاز من أجل الطهي والتدفئة، تعتبر طاقات تكتسي ذات الأهمية التي يتمتع بها الكهرباء. هذا ما أكدته مأساة « أنفكو » في 2007.
وترى الجمعية في ورقتها التقديمية للندوة، أن تقريب الكهرباء من المواطنين، يحيل على مسألة القدرة الاقتصادية للولوج إلى تلك الطاقة، ما يطرح تساؤلات على السلطات العمومية حول القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في المناطق الفقيرة، هذا دفع متدخلين في الندوة إلى التأكيد على إمكانية المضي في تبني مفهوم "الشريحة الاجتماعية" مع إمكانية اختبار مداخل اخرى مثل " شيك الطاقة" أو " الفاتورة حسب عدد أفراد الأسرة.
ويشتكي مستهلكون من ارتفاع فاتورة الكهرباء في المغرب، حيث أنه بعد الشريحة الاجتماعية في الفاتورة، التي تسعى إلى التخفيف عن الفئات الفقيرة، تبدأ شرائح يؤدي المستهلك فيها سعر الكهرباء بشكل متناسب مع الاستهلاك، الذي يخضع لضغط ضريبي يراه مستهلكون مجحفا.
ويتصور مشاركون في الندوة أن الطريقة الحالية التي تحتسب بها فاتورة الكهرباء، تعتمد على التناسب Porportionnel، على اعتبار أن المستهلك يؤدي المبلغ الذي يناسب شريحة استهلاك الكهرباء، بينما يفترض في تصورهم، اعتماد مقاربة تصاعدية Progressive، بما يساعد على تخفيف الأعباء عن الشرائح العليا، دون إغفال إمكانية الكف عن تضريب استهلاك الكهرباء عبر الضريبة على القيمة المضافة.
طاقة للبيع، ولكن
وتتساءل جمعية "طاقات" حول راهنية وضع إطار قانوني، يتيح الإنتاج الذاتي من قبل الأسر للطاقة، وضخ الفائض في الشبكة، حيث يمكن لها بيعه للمكتب الوطني للماء والكهرباء، كما تجلى من النقاش خلال الندوة.
ويتصور وزير الشؤون العامة والحكامة، لحسن الداوري أنه يفترض وضع قانون يتيح للمواطنين إنتاج الطاقة المتجددة وبيع الفائض الذي يتوفر لديها، وإن كان المكتب الوطني للماء والكهرباء، يعارض ذلك التوجه، حسب ما أشار إليه الوزير.
ويلح الخبير مصطفى جامع على ضرورة تشجيع استعمال الطاقات المتجددة في إنتاج الطاقة على غرار ما سارت عليه بلدان أوروبية مثل النمسا وألمانيا.
ويشدد عل ضرورة العمل من أجل توضيح الفوائد التي يمكن جنيها من استعمال الطقات المتجددة، خاضة في ظل احتمال فتح الباب أمام جني المواطنين أرباحا من وراء المشاركة في مشاريع للطاقة المتجددة.
غير أن الخبير عدنان بلحسن يعتبر أنه من السابق لأوانه المراهنة على مساهمة الطاقة الريحية مزيج استهلاك الكهرباء بالمغرب في الوفت الحالي، بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج.
ويضيف يرى أن تسخير الطاقة المتجددة من أجل توفير الكهرباء، مازال غير متاح حاليا، بسبب ارتفاع تكلفة تكنولوجيا تخزين تلك الطاقة، ما من شأنه أن ينعكس على السعر النهائي الذي يشتري به المستهلك الطاقة.
وأوضح أن المشكل لا يطرح على مستوى إنتاج الطاقة الريحية وتسخيرها من أجل توفير الكهرباء، بل المشكل يثور عندما يتعلق الأمر بتخزين ونقل تلك الطاقة، لتوفير الكهرباء، بالإضافة إلى غلاء التكنولوجيا التي تتيح ذلك.
ومازال المغرب لم يشرع في إنتاج الكهرباء عبر الطاقات المتجدةة، غير أن احتمال ذلك يطرح التساؤل حول كلفتها والسعر الذي يسيؤديه المستهلكون، هذا ما يبرر المضي في الاعتماد على الفحم، الذي يتدخل بنسبة 50 في المائة في إنتاج الكهرباء.