خبير: إنفاق المغاربة بالخارج يعادل ثلاثة أضعاف معدل نمو عائدات السياحة

خديجة قدوري

أوضح الخبير السياحي الزوبير بوحوت، أن عائدات السياحة الدولية بلغت 112.5 مليار درهم متم دجنبر 2024، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 7.5 في المائة مقارنة بعام 2023. ورغم ذلك، فإن هذا النمو يظل أقل من نسبة ارتفاع ليالي المبيت الخاصة بالسياح الأجانب، التي زادت بنحو 16.1 في المائة، في حين شهد عدد الوافدين الدوليين زيادة بنسبة 23 في المائة، بينما ارتفع إجمالي عدد الوافدين بنسبة 20 في المائة.

وأشار بوحوت،  في  تصريح توصل به موقع "تيلكيل عربي"، إلى أن عدد ليالي المبيت الخاصة بالسياحة الداخلية استقر عند 8.5 ملايين ليلة في 2024، مسجلًا تراجعًا طفيفًا بنسبة 1 في المائة مقارنة بعام 2023. وأدى هذا الانخفاض إلى تقلص حصتها من إجمالي السوق إلى 30 في المائة، مقابل 33.5 في المائة في 2023 و31 في المائة في 2019.

وأضاف أن ما يلفت الانتباه هو ارتفاع إنفاق المغاربة في الخارج بنسبة 22.9 في المائة خلال عام 2024، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف معدل نمو عائدات السياحة.

وفي السياق ذاته، قال بوحوت: "ورغم هذه التباينات، أعرب رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، خلال عرضه أمام البرلمان في 27 يناير 2025، عن ارتياحه لأداء القطاع السياحي. فقد أبرز استقبال 17.4 مليون سائح في عام 2024، بزيادة قدرها 20 في المائة مقارنة بالعام السابق، مشيرًا إلى أن هذا النمو يعتمد على نهج شامل يدمج عدة قطاعات وسياسات حكومية. كما شدد على أهمية الاستثمار في الموارد البشرية، مذكرًا بإحداث 25 ألف فرصة عمل جديدة في 2023، ورصد أكثر من 8 مليارات درهم في 2024 لتحديث البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات السياحية".

ولفت الخبير ذاته  إلى أن رئيس الحكومة أشار إلى الزخم القوي الذي شهدته السياحة الداخلية في عام 2024، حيث تم تسجيل 8.5 ملايين ليلة مبيت في الفنادق المصنفة، ما يشكل 30 في المائة من إجمالي ليالي المبيت على المستوى الوطني. وأضاف أن السياح المغاربة يتصدرون المشهد، متفوقين على نظرائهم الأجانب من حيث عدد الليالي. وأكد أن هذا التفوق ليس ظاهرة جديدة، بل يعود إلى سنة 2014، أي قبل عشرة أعوام.

وذكر أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، كشف عن تبني الحكومة لاستراتيجية تهدف إلى تنويع العرض السياحي وتعزيز المنتجات المبتكرة، إلى جانب تسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية. وشمل ذلك إنشاء طرق جديدة وتوسيع شبكة السكك الحديدية، بهدف تحسين ربط الوجهات السياحية وتحقيق الهدف المنشود المتمثل في استقبال 80 مليون مسافر جوي بحلول عام 2035.

وأشار إلى أن تصريحات رئيس الحكومة أمام البرلمان في 27 يناير 2025 تعكس الأهمية المتزايدة للقطاع السياحي في المغرب، باعتباره رافدًا واعدًا للاقتصاد الوطني يستوجب اهتمامًا خاصًا لتعزيز إمكاناته وتحقيق أقصى استفادة منه.

وأفاد أن هذا التحليل يهدف إلى تقديم رؤية واقعية للسياحة المغربية، تأخذ بعين الاعتبار النقاط التي أشار إليها رئيس الحكومة، بالإضافة إلى الجوانب التي لم يتم التطرق إليها.

وأوضح أن القطاع السياحي المغربي يواجه تحديًا في تنويع أسواقه، إذ يعتمد على أكثر من 80 في المائة من السياح الوافدين من أوروبا، مع تميز فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة بمكانة قوية، مما يجعل المغرب عرضة للتقلبات الاقتصادية في هذه البلدان.

واستطرد قائلاً: "من أجل تقليل هذه التبعية، يجب استهداف أسواق جديدة، مثل الصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى تعزيز مكانة أسواق مثل الولايات المتحدة وكندا واليابان. فهذه الأسواق تتمتع بإمكانات نمو كبيرة وتستقطب زوارًا ذوي قدرة شرائية عالية، نظرًا لاهتمامهم بالسياحة الفاخرة، والمغامرات، والتجارب الثقافية."

وتابع بوحوت، قائلاً: "بالرجوع إلى تطور عدد الوافدين السياحيين إلى المغرب بين عامي 2023 و2024، فقد سجل المغرب زيادة ملحوظة، حيث ارتفع العدد الإجمالي، الذي يشمل السياح الأجانب (TES) والمغاربة المقيمين بالخارج (MRE)، من 14.5 مليونا في 2023 إلى 17.4 مليونا في 2024، بزيادة قدرها 2.88 مليون وافد (+20 في المائة). في 2024، بلغ عدد السياح الأجانب 8.8 ملايين، بزيادة بـ 23 في المائة مقارنة بـ2023. كما ارتفع عدد المغاربة المقيمين بالخارج بنسبة 17 في المائة ليصل إلى 8.6 ملايين. ظلت فرنسا في المقدمة بزيادة بـ21 في المائة، بينما سجلت المملكة المتحدة نموًا قويًا بنسبة 47 في المائة، وحققت كل من إيطاليا وألمانيا زيادات بنسبة 35 في المائةو29 في المائة على التوالي، في حين سجلت الولايات المتحدة ارتفاعًا متواضعًا بنسبة 6 في المائة".

وفي سياق متصل، أشار إلى أنه، وبشكل غريب، شهد المغاربة المقيمون بالخارج من الدول الرئيسية المصدّرة زيادة متطابقة بنسبة 16.81 في المائة، حيث ارتفع عدد الوافدين من فرنسا من 2.88 مليون إلى 3.37 مليون، ومن إسبانيا من 1.72 مليون إلى 2.01 مليون، ومن المملكة المتحدة من 125 ألفًا إلى 146 ألفًا، ومن إيطاليا من 439 ألفًا إلى 502 ألفًا، ومن ألمانيا من 398 ألفًا إلى 465 ألفًا، ومن الولايات المتحدة من 44 ألفًا إلى 51 ألفًا، ومن بلجيكا من 1.03 مليون إلى 1.21 مليون، ومن هولندا من 464 ألفًا إلى 542 ألفًا. وقد سجلت جميع هذه الأسواق زيادة متطابقة بنسبة 16.81 في المائة، مما يثير العديد من التساؤلات.

وأضاف أنه في ما يتعلق بتطور ليالي المبيت في المؤسسات السياحية المصنفة، فقد شهد المغرب زيادة ملحوظة في عدد ليالي المبيت بين عامي 2000 و2024، حيث انتقل العدد من 13.5 مليون ليلة في 2000 إلى 28.3 مليون ليلة في 2024، بزيادة بلغت 108.9 في المائة. وقد مر هذا النمو بثلاث مراحل رئيسية؛ حيث سجلت الفترة من 2000 إلى 2019 زيادة مستمرة بنسبة 86 في المائة، تلتها فترة تراجع حاد بنسبة 72.3 في المائة في 2020 نتيجة للجائحة، ثم شهد القطاع انتعاشًا قويًا ابتداء من 2022 بزيادة قدرها 106.8 في المائة، ليشهد بعد ذلك تباطؤًا في 2024 بنسبة 10.4 في المائة.

وفي ما يتعلق بليالي المبيت للسياح الأجانب، أفاد بوحوت أن عدد ليالي المبيت ارتفع بنسبة 75.8 في المائة، من 11.3 مليونا في 2000 إلى 19.8 مليونا في 2024. ومع ذلك، شهدت هذه الفترة تقلبات كبيرة. ففي الفترة بين 2000 و2019، سجلت زيادة بنسبة 54.5 في المائة، إلا أن حصتها من إجمالي ليالي المبيت تراجعت من 83.2 في المائة إلى 69 في المائة بسبب الأزمات. كما شهدت سنة 2020 انهيارًا حادًا بنسبة 80 في المائة نتيجة الجائحة، ثم شهدت انتعاشًا قويًا في 2022 بنسبة 293.1 في المائة، ليصل النمو في 2024 إلى حوالي16 في المائة.

وأشار إلى أنه، من جهة أخرى، شهدت ليالي مبيت السياحة الداخلية ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 274.4 في المائة، منتقلة من 2.27 مليون ليلة في عام 2000 إلى 8.5 مليون ليلة في 2024. وسجل هذا النمو وتيرة منتظمة بين 2000 و2019، محققًا زيادة بنسبة 245 في المائة، حيث بلغت حصة السياحة الداخلية 31 في المائةمن إجمالي ليالي المبيت في 2019. ومع تفشي الجائحة، تراجعت ليالي المبيت بنسبة 55.2 في المائة، قبل أن تنتعش بقوة في 2021 بزيادة بلغت 81.7 في المائة. أما في 2024، فقد شهدت السياحة الداخلية تراجعًا طفيفًا بنسبة 1 في المائة، كما انخفضت حصتها إلى 30 في المائة، بعدما كانت قد تجاوزت 33 في المائةفي 2023 وبلغت 31 في المائة في 2019.

واختتم بوحوت حديثه بالإشارة إلى الدور المحوري الذي لعبته السياحة الداخلية في دعم القطاع، خاصة خلال فترات الأزمات. فبعد تداعيات هجمات 11 سبتمبر 2001 وأزمة سارس 2003، التي أثرت بشكل كبير على السياحة العالمية، أطلق المغرب في 2003 مبادرة "كنوز بلادي" لتعزيز السياحة الداخلية. ورغم بداياتها الصعبة، فقد شهدت المبادرة تحسنًا في 2004 واستمرت في النمو، خاصة بعد الأزمة المالية لعام 2008، مع إطلاق نسخ جديدة في 2009 و2012. ويظل تعزيز السياحة الداخلية هدفًا استراتيجيًا لضمان استدامة القطاع وتعزيز مناعته أمام التقلبات الخارجية.