ساهم التطبيق الفعلي للقانون الإطار للإصلاح الجبائي في تحقيق تطور ملحوظ في الإيرادات الضريبية، حيث ارتفعت هذه المداخيل من 199 مليار درهم في عام 2020 إلى 300 مليار درهم في عام 2024.
في هذا السياق، أفاد هشام الصالح، الخبير الاقتصادي، في حديث مع موقع "تيلكيل عربي"، اليوم الخميس، أنه يمكن زيادة الإيرادات الضريبية دون تحميل المواطنين عبئًا إضافيًا من خلال تحسين النمو الاقتصادي. فكلما تحسن النشاط الاقتصادي زادت الإيرادات الضريبية، حيث تؤدي زيادة الاستهلاك إلى رفع ضريبة القيمة المضافة، كما تؤدي زيادة أرباح الأعمال إلى زيادة ضريبة الشركات.
وأضاف أن انخفاض البطالة يؤدي إلى رفع ضريبة الدخل، وتزايد الواردات من الرسوم الجمركية، بينما تساهم زيادة المعاملات العقارية في رفع الإيرادات الضريبية.
وأوضح الصالح أن العامل الثاني يتمثل في توسيع القاعدة الضريبية، أي توسيع فئات الأشخاص أو الدخول أو الأنشطة التي ستدفع الضريبة. أما العامل الثالث، الذي لا يقل أهمية، فهو فعالية عمليات التدقيق الضريبي للكشف عن الغش الضريبي لدى دافعي الضرائب.
وأشار إلى أن المغرب بدأ، منذ عام 2020، في تطبيق سياسة زيادة الوعاء الضريبي، مثل فرض ضرائب على المزارعين أو على أنشطة المغاربة على اليوتيوب مؤخرًا.
وأضاف أن الرافعة الثانية تتمثل في التحسن الكبير في عمليات التدقيق الضريبي، وخاصة فعاليتها، الأمر الذي مكّن الدولة من زيادة الإيرادات الضريبية، حيث أصبحنا أكثر قدرة على كشف الغش الضريبي.
وتابع قائلاً إن الرافعة الثالثة ترتبط مباشرةً بالنمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، الذي بلغ حوالي 3 بالمائة سنويًا، وهو ما كان له تأثير على الإيرادات الضريبية كما تم شرحه أعلاه. هذه هي العوامل التي تفسر باختصار سبب قدرة وزارة الخزانة على جمع المزيد من الإيرادات الضريبية دون زيادة الضرائب.
وأبرز أن سياسة العفو الضريبي، التي تسمح لدافعي الضرائب الذين لديهم دخل مخفي عن السلطات الضريبية بعدم التصريح به، وهي بمثابة معالجة لتقنيات التهرب الضريبي، ليست جديدة. ففي الواقع، سبق للمغرب أن طبق هذه السياسة في الماضي، مثلما حدث في حالة مغادرة رؤوس الأموال إلى بلدان أخرى. وتجدر الإشارة إلى أنه في قانون المالية لعام 2023، تم تطبيق سياسة مماثلة، ولكنها كانت موجهة لأصحاب رؤوس الأموال في الخارج.
وأضاف: "أما بالنسبة لمزايا هذه السياسة، فإن أبرز فائدة للسلطات الضريبية تكمن على المدى القصير، حيث ستؤدي إلى تحقيق إيرادات ضريبية إضافية. أما على المدى المتوسط، فهناك احتمال – وأؤكد أنه مجرد احتمال – أن يمتنع المستفيدون من العفو عن التهرب الضريبي مستقبلاً، مما يسمح للدولة بالاعتماد على إقراراتهم الضريبية لزيادة مداخيلها. ومع ذلك، قد يكون هناك تأثير معاكس، إذ قد يرتفع عدد المتهربين من الضرائب، باعتبارهم أن الدولة ستمنح فرصًا أخرى في المستقبل لتسوية أوضاعهم دون التعرض لعقوبات".
واستطرد: "أما بالنسبة لمزايا هذه السياسة، فإن أبرز فائدة للسلطات الضريبية تكمن على المدى القصير، حيث ستؤدي إلى تحقيق إيرادات ضريبية إضافية. أما على المدى المتوسط، فهناك احتمال – وأؤكد أنه مجرد احتمال – أن يمتنع المستفيدون من العفو عن التهرب الضريبي مستقبلاً، مما يسمح للدولة بالاعتماد على إقراراتهم الضريبية لزيادة مداخيلها. ومع ذلك، قد يكون هناك تأثير معاكس، إذ قد يرتفع عدد المتهربين من الضرائب، لتوقعهم أن الدولة ستمنح فرصًا أخرى في المستقبل لتسوية أوضاعهم دون التعرض لعقوبات".
وذكر أن الشرط الثاني يتمثل في توجيه هذه الأموال، التي لم تعد تُعتبر غير مشروعة، نحو مشاريع استثمارية بدلاً من استخدامها في شراء العقارات أو ادخارها.
وأفاد أن استمرار الدولة في تمويل مختلف البرامج الاجتماعية دون المساس بالتوازنات الاقتصادية الرئيسية، وقبل كل شيء، دون زيادة العجز العام وتفاقم الدين بشكل مقلق، يحدّ من خياراتها المتاحة.
وقال إن الإيرادات الضريبية يجب أن تستمر في الزيادة، خاصة وأن أكثر من 90 بالمائة من إيرادات الدولة تعتمد على الضرائب. لذلك، وكما تم توضيحه سابقًا، ينبغي توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز مراقبة دافعي الضرائب، بما يشمل التدقيق في إقراراتهم الضريبية وغيرها من الإجراءات. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الدولة مواصلة تنفيذ سياسات تحفز الاستثمار والتوظيف والاستهلاك، لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز مصادر الإيرادات.
وقال الخبير إن على الدولة أيضاً أن تتحلى بالمسؤولية في إنفاقها، فكلما قلّت نفقاتها أو تم توجيهها بشكل أكثر كفاءة، زادت قدرتها على المناورة لتوفير الموارد المالية داخليًا، مما يمكنها من الاستمرار في دعم البرامج الاجتماعية بفعالية.
واختتم حديثه مشددًا على أهمية فعالية هذه البرامج وقيمتها الحقيقية، موضحًا أن دور الدولة لا يقتصر على ضمان فعاليتها فحسب، بل يمتد أيضًا إلى التحكم في المبالغ المخصصة لها، لتفادي هدر الموارد المالية وعدم الاضطرار إلى إعادة توظيف الأموال في برامج غير مجدية.