خبير: "القوة الناعمة" مؤشر يتيح لصانع القرار فهم كيفية تحسين صورة المغرب وتأثيره العالمي

بشرى الردادي

وضع تصنيف مؤشر القوة الناعمة العالمي لسنة 2025، الصادر عن مؤسسة "Brand Finance"، المغرب، في المركز 50 عالميا من أصل 193 دولة، برصيد 40.6 نقط (نفس ترتيب السنة الماضية)، فيما احتل المرتبة الثالثة على مستوى القارة الإفريقية، بعد مصر وجنوب إفريقيا، والسابعة على مستوى الدول العربية.

وفي هذا الصدد، أبرز أمين سامي، خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات والاستراتيجيات التنموية، اليوم الأحد، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن هذا المؤشر يُعد من أهم المؤشرات التي تقيس مدى تأثير الدول على المستوى العالمي، استنادا إلى القوة الناعمة؛ أي القدرة على التأثير والإقناع دون اللجوء إلى الوسائل التقليدية للقوة الصلبة؛ مثل القوة العسكرية أو الاقتصادية.

وأوضح سامي أن المؤشر يعتمد على تحليل شامل لأداء الدول في مجالات الثقافة، والدبلوماسية، والتعليم، والاقتصاد، والإعلام، والاستدامة؛ مما يجعله أداة استراتيجية هامة للدول الساعية إلى تعزيز نفوذها العالمي.

وسجل المتحدث نفسه أن مؤشر القوة الناعمة يستند إلى أربعة محاور رئيسية؛ هي الألفة (Familiarity)؛ أي مدى معرفة الناس بالدولة وتأثيرها عالميا، والسمعة (Reputation)؛ أي مدى احترام وثقة الآخرين في الدولة، والتأثير (Influence)؛ أي مدى قدرة الدولة على التأثير في المجالات المختلفة، والتوصية (Recommendation)؛ أي مدى تفضيل الدول الأخرى التعامل معها على الصعيد الدولي.

وتابع سامي أن هناك 8 ركائز رئيسية تقيس جوانب مختلفة من القوة الناعمة تتفرع عن هذه المحاور الأربعة. أولا، الثقافة والتراث: دور الدولة في الفنون والترفيه وتأثيرها الثقافي. ثانيا، التعليم والعلوم: جودة التعليم والتقدم في مجالات العلوم والتكنولوجيا. ثالثا، العلاقات الدولية: مدى تأثير الدولة في الدبلوماسية العالمية. رابعا، الأعمال والتجارة: قوة الاقتصاد، والابتكار، وسهولة ممارسة الأعمال. خامسا، الحوكمة: الاستقرار السياسي، ومكافحة الفساد، وسيادة القانون. سادسا، الإعلام والاتصال: مدى تأثير الإعلام الوطني على المستوى العالمي. سابعا، المستقبل المستدام: التزام الدولة بالاستدامة والبيئة والتغير المناخي. ثامنا، الشعوب والقيم: القيم الاجتماعية ومدى احترام الدولة لحقوق الإنسان.

وفي هذا الإطار، اعتبر الخبير أن المغرب يواصل تعزيز مكانته في الساحة الدولية من خلال استراتيجيته المتوازنة التي تجمع بين التنمية الاقتصادية، والدبلوماسية الناجحة، والاستثمار في القطاعات المستقبلية.

وشدد سامي على أن هذا التصنيف يعكس المكانة الإيجابية التي يحظى بها المغرب في عدة مجالات؛ من بينها "الثقافة والتراث؛ حيث تواصل المملكة التأثير عالميا بفضل إرثها الثقافي الغني وصناعتها الإبداعية النامية"، و"الدبلوماسية والعلاقات الدولية؛ إذ يتمتع المغرب بحضور دبلوماسي قوي عبر سياساته الفعالة تجاه إفريقيا وأوروبا والمنطقة العربية"، بالإضافة إلى "التعليم والابتكار؛ حيث تحقق المملكة تطورا مستمرا في البحث العلمي والابتكار التكنولوجي، خاصة في مجالات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الزراعية"، و"المستقبل المستدام؛ إذ يُعد المغرب من الرواد العالميين في الطاقة المتجددة، من خلال مشاريع كبرى مثل محطة نور للطاقة الشمسية"، فضلا عن "الأعمال والتجارة؛ حيث تتمتع المملكة ببيئة اقتصادية جاذبة للاستثمارات، مدعومة بتحسينات مستمرة في البنية التحتية والتكامل الإقليمي".

كما أبرز أن "هذا المؤشر يتيح لصناع القرار والحكومات والشركات فهم كيفية تحسين صورتهم وتأثيرهم العالمي"، موضحا أنه "بالنسبة للمغرب، تحقيق ترتيب متقدم في هذا المؤشر يعزز ويساهم، بشكل كبير، في تعزيز جاذبية الاستثمار؛ حيث تعكس القوة الناعمة بيئة مستقرة وآمنة للأعمال، وتحسين العلاقات الدولية، خاصة من خلال الدبلوماسية الاقتصادية والثقافية، بالإضافة إلى تعزيز السياحة والتبادل الثقافي، من خلال تسويق الوجهة المغربية عالميا، فضلا عن الاستفادة من الاستدامة والتكنولوجيا لجذب الشراكات العالمية في مجالات الطاقة الخضراء والابتكار".