تعتبر احتفالات رأس السنة فرصة هامة لتحفيز العديد من القطاعات الاقتصادية، خاصة في مجال السياحة والفنادق، حيث تقدم هذه المؤسسات عروضًا استثنائية وحفلات متنوعة تتناسب مع احتياجات ورغبات مختلف الشرائح الاجتماعية.
وفي هذا السياق، أفاد الزوبير بوحوت، الخبير السياحي، أن فترة الاحتفالات بأعياد رأس السنة الميلادية، التي تبدأ من 24 دجنبر وتستمر حتى نهاية السنة، تعد من أبرز فترات ذروة النشاط السياحي في العالم بأسره.
وبالنسبة للمغرب، أشار إلى أن مجموعة من المدن التي تتمتع بروابط جوية قوية تشهد نشاطًا ملحوظًا خلال هذه الفترة.
وتابع بوحوت، أن مراكش على وجه الخصوص شهدت حركة طيران مكثفة خلال الأسبوع الممتد من 23 إلى 29 دجنبر، حيث بلغ عدد الرحلات الجوية الواردة إلى مطار مراكش أكثر من 660 رحلة، أي ما يعادل حوالي 125 ألف مسافر. وإذا أضفنا السياحة الداخلية، التي تتركز غالبًا في نهاية السنة، فقد وصل عدد السياح المغاربة إلى ما بين 30 و40 ألف شخص، مما يساهم في امتلاء الفنادق ودور الضيافة والنوادي بشكل كامل.
وقال الخبير إن أهمية الاحتفالات تكمن في أن هذه الفترة تتصادف في الدول المتقدمة المصدرة للسياح، خصوصًا في أوروبا، مع العطل المدرسية. وبالتالي، فإن العائلات التي ترغب في السفر تجد في هذه الفترة فرصة مثالية للسفر معًا. مشيرا إلى أن الطقس في المغرب، الذي يتميز بالاعتدال مقارنة بالأجواء الباردة في أوروبا، يمثل ميزة إضافية للزوار خلال هذه الفترة.
وأشار إلى أن الجانب المهم أيضًا هو أن نهاية السنة تشهد استفادة بعض السياح الذين يعملون في قطاعات معينة من منح إضافية، مما يسهم في زيادة دخلهم. وأضاف أن عامل الفرح والاحتفالات يؤثر بشكل كبير على نسبة الإنفاق، حيث لا يكون العشاء المرتبط بليلة رأس السنة عاديًا، بل يستغل السياح هذه المناسبة للقيام بمجموعة من الأنشطة الترفيهية، مما يزيد من حجم الإنفاق بشكل عام.
وتابع قائلاً: "كل هذا يجعل من نسبة كبيرة من المداخيل قوية مقارنة مع الأيام العادية، خصوصًا وأن هناك هاجسًا نفسيًا لدى السياح يتمثل في رغبتهم في وداع السنة الماضية والدخول في سنة جديدة، مما يجعل هذه الفترة تحمل طابعًا خاصًا ويعتبرونها بادرة خير للعام المقبل".
وفيما يخص المغرب، أشار المصدر ذاته إلى أنه يمكن استثمار هذه الفرصة من خلال التركيز على المدن والوجهات التي تتمتع بشبكة نقل قوية، سواء برية أو جوية. وأضاف أن المدن التي تمتلك بنية تحتية متطورة، والموجهة إلى جميع فئات السياح، من الفنادق ذات النجمة الواحدة إلى الخمس نجوم، ستكون الأكثر استفادة. وأوضح خصوصًا أن الفنادق التي تتضمن مرافق نوادي رياضية وترفيهية تشهد إقبالًا أكبر من الزوار.
ولفت إلى أنه "نظرًا للإقبال الكبير الذي تشهده هذه الفترة، يجب استثمارها بشكل أكبر، من خلال تقديم خدمات عالية الجودة للزوار. فعندما يصل الزائر، يجب أن يجد خدمات ممتازة في المطار، من حيث النقل والإرشاد، بالإضافة إلى الأمان أثناء تجواله. لأن الزائر سيشارك تجربته على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في الترويج إذا كانت الأمور إيجابية. لكنه حذر من أن تكون التجربة سلبية، حيث يمكن أن يكون لها تأثير عكسي".
وأضاف أن "المغرب هذا العام يحقق أرقامًا جيدة في مجال السياحة، حيث أن مطار مراكش يسجل أرقامًا متميزة، بالإضافة إلى مناطق أخرى مثل أكادير، التي شهدت تطورًا ملموسا في الربط الجوي. كما أن المدينة تتميز بجو دافئ كونها مدينة شاطئية، وقد بذلت جهودًا كبيرة في تحسين بنيتها التحتية، مما سيساهم في جذب المزيد من السياح إليها".
وفي سياق متصل، أفاد بوحوت قائلاً: "أنا أقول إن هذا العام سيشهد تجاوز مطار مراكش لعتبة 10 ملايين مسافر ذهابًا وإيابًا، كما ستتجاوز الليالي السياحية 10 ملايين ليلة سياحية. أما أكادير فستصل إلى 6.5 مليون ليلة سياحية بنهاية السنة، بينما ستسجل الدار البيضاء حوالي 2.3 مليون. ومع كل هذه الأرقام، من المتوقع أن يتجاوز المغرب في نهاية السنة عتبة 17 مليون وافد، بما فيهم مغاربة العالم الذين سيشكلون ما بين 47 إلى 49 بالمائة من هذا الرقم. ولكن الأهم هو أن ليالي المبيت ستصل إلى حوالي 27.8 مليون، وهو ما يعكس حجم النشاط السياحي الكبير".
واختتم حديثه قائلاً: "المهم أيضًا هو العملة الصعبة التي من المتوقع أن تصل إلى حدود 115 مليار درهم، علماً بأنها تمثل نسبة كبيرة مقارنة بالسنة الماضية، إلا أنني أعتقد أنه يجب العمل على تطويرها أكثر".