خبير سياحي لـ"تيلكيل عربي": السياحة المغربية بحاجة إلى استثمار أكبر في العنصر البشري

خديجة قدوري

سجل عدد السائحين الوافدين إلى المغرب خلال الشهر الأول من السنة الحالية زيادة بنسبة 27 بالمائة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وفقًا لما أوردته وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

في هذا السياق، أفاد الزوبير بوحوت، الخبير السياحي، في تصريح لموقع "تيلكيل عربي" يوم السبت 8 من الشهر الجاري، بأن الرقم المسجل خلال شهر يناير 2025 يعد إيجابياً في المطلق، حيث بلغت نسبة الزيادة 27 بالمائة مقارنة بسنة 2024، وهو ما يعكس استمرار الانتعاش الذي شهدته السياحة المغربية خلال العام الماضي. ومع ذلك، يظل التحدي الأساسي هو كيفية الحفاظ على هذا النمو وتعزيزه.

وأشار بوحوت إلى أن هذا الرقم، رغم دلالته الإيجابية، لا يوفر تفاصيل دقيقة حول نسبة مساهمة مغاربة العالم مقارنة بالسياح الدوليين، وهو معطى مهم لتحليل دينامية القطاع. وأوضح أنه في سنة 2024، من بين 17.4 مليون سائح، شكل مغاربة العالم 49 بالمائة، وهو ما يرجح أن تكون نسبة مهمة من الزيادة المسجلة خلال يناير 2025 مرتبطة بهذه الفئة، رغم غياب هذا التفصيل في التصريح الرسمي.

وأوضح بوحوت أنه في حال تحقيق تحسن أكبر في تركيبة السياح، بحيث تصل نسبة السياحة الدولية إلى 55 بالمائة مقابل 45 بالمائة لمغاربة العالم، فإن ذلك سيكون مؤشراً إيجابياً للغاية.

وأضاف أن التقسيم الحالي للأرقام لا يوضح بدقة الوجهات التي استفادت من هذا النمو، فعلى الرغم من الزيادة المسجلة، لا تزال الوجهتان الرئيسيتان المستفيدتان هما مراكش وأكادير. أما فيما يتعلق بالأسواق المصدرة للسياح، فقد أشار إلى أن المغرب لا يزال يعتمد على نفس الأسواق التقليدية، في حين أن الانفتاح على أسواق جديدة لم يسفر بعد عن نتائج ملموسة.

وأضاف بوحوت، أن النشاط السياحي لا يزال متمركزًا في مراكش وأكادير، مشيرًا إلى أن الأرقام الدقيقة لم تُعلن بعد، لكن من المتوقع أن تواكب الزيادة في عدد السياح ارتفاعٌ في عدد ليالي المبيت.

وأوضح أنه في عام 2024، سجلت ليالي المبيت الخاصة بالسياحة الدولية ارتفاعًا ملحوظًا، متجاوزة 20 مليون ليلة، من أصل 28.7 مليون ليلة إجمالية، حيث بلغت ليالي المبيت الخاصة بالسياحة الداخلية 8.5 مليون، مقابل 20.2 مليون ليلة للسياح الدوليين. وأضاف أن هذا النمو ينعكس بشكل مباشر على مداخيل العملة الصعبة، إذ حققت السياحة الدولية عائدات بلغت 112.5 مليار درهم. وبناءً على ذلك، فإن كل ليلة سياحية تساهم في خلق نشاط اقتصادي ورواج مالي يصل إلى 5500 درهم، ما يؤكد التأثير الإيجابي لارتفاع ليالي المبيت على الاقتصاد الوطني.

وقال بوحوت، إنه عند الحديث عن الرواج الاقتصادي، فإن ذلك يشمل تحرك الفنادق ودور الضيافة والنقل السياحي، إضافة إلى أنشطة أخرى، من بينها الصناعة التقليدية، التي سجلت أرقامًا مهمة خلال سنة 2024. وأكد أن هذه العناصر تمثل الجوانب الأساسية للرواج الاقتصادي وأثره على التشغيل.

وأشار بوحوت إلى أن جودة الخدمات تظل مرتبطة بنوعية المنتوج السياحي المُقدم، لافتًا إلى أن برنامج "Cap Hospitality"الذي انطلق مؤخرًا يوفر فرصة لتطوير الاستثمار، حيث يستفيد المنعشون السياحيون من امتيازات في إطار هذه الآلية الداعمة. وأضاف أن هذا البرنامج، إلى جانب ميثاق الاستثمار، سيمكن من تجديد الأسطول السياحي وتعزيز العنصر البشري من خلال برامج مرافقة تدعم تكوين وتأهيل الموارد البشرية في القطاع.

وأفاد بوحوت، أنه لابد من انتظار النتائج، لأن البرنامج لا يزال في بداياته ولم تصدر بعد أي حصيلة رسمية. وأوضح أنه في الوقت الحالي، هناك اهتمام من مجموعة من المهنيين الذين لديهم الإمكانية للاستفادة من دعم مؤسسات صندوق محمد السادس للاستثمار. ورغم وجود تصريحات إيجابية وتعبئة كبيرة من المهنيين، إلا أن النتيجة الحقيقية ستظهر في المستقبل.

واختتم بوحوت، حديثه بالقول إن هناك ثلاثة مؤشرات مهمة يجب مراعاتها: حجم مغاربة العالم داخل الرقم، توزيع السياح حسب الأسواق، وتوزيعهم حسب الجهات. وأشار إلى أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فسيستمر نمو القطاع السياحي، لكن سيظل الاعتماد على نفس الأسواق. وإذا لم يتم استكشاف أسواق جديدة، ستظل المناطق المستفيدة بشكل رئيسي من هذا النمو هي مراكش وأكادير.