خديجة قدوري-صحافية متدربة
قال عبد الحق بوتشيشي، المستشار الفلاحي المعتمد من طرف وزارة الفلاحة إن "هناك عدة أسباب وراء ارتفاع الأسعار وليست مقتصرة على عامل واحد فقط. من أبرزها أن انخفاض العرض وارتفاع الطلب يؤديان إلى استمرار ارتفاع الأسعار. إن هذا الإشكال لم ينشأ حديثًا، بل هو نتيجة لأزمة متفاقمة استمرت على مدى أربع سنوات، حيث يعاني قطاع تغذية المواشي وإنتاج اللحوم الحمراء من تدهور مستمر دون وجود حلول جذرية تضع حدًا لهذه الوضعية المتفاقمة".
وأضاف البوتشيشي قائلا "من العيب أن نختبئ وراء ظروف طبيعية مثل الجفاف، لأن سياسة الدولة تُبنى مع الأخذ بعين الاعتبار جميع المعطيات المتاحة. إذا كان الجفاف هو التحدي، كيف سنواجهه؟ وإذا كانت هناك مشكلة في نقص المراعي، فما هي الحلول؟ يجب أن يكون هناك تدبير معقلن ومسؤول. نحن نعلم جيداً أن الجفاف في المغرب أصبح هيكلياً، ولكن ما الذي أعددناه لهذا القطاع في ظل هذه المعطيات؟ خاصة ونحن نلاحظ تراجعاً في المخزون الاستراتيجي للقطاع الوطني، وهذا أمر خطير".
وأعرب المستشار الفلاحي عن أنه"عندما نتحدث عن المخزون الوطني للقطيع، غالبًا ما نركز على ارتفاع أسعار لحم الغنم دون الإشارة إلى الأسباب الحقيقية وراء ذلك، متجاهلين لحم البقر الذي يشهد بدوره زيادة في الأسعار. هذا الارتفاع ناتج عن تراجع أعداد الأبقار مقارنةً بالماضي. وفي التصريحات الرسمية، أشار وزير الفلاحة إلى إنتاج الحليب، وذكر أن أكثر من 90% من مربي الأبقار يمتلكون أقل من 5 أبقار".
وفي السياق ذاته، أفاد البوتشيشي أنه "على الرغم من الحلول التي اتخذتها الدولة والمجهودات التي بذلتها وزارة الفلاحة ووزارة المالية، مثل الإعفاء من الضرائب وإعانات مخصصة للمستوردين بقيمة 500 درهم، إلا أنه لم يُلاحظ تأثير مباشر على المستهلك. فلم تُشاهد أي تغييرات في تسعير اللحوم الحمراء، حيث أصبح المنتج المستورد يعادل المنتج المحلي من حيث الأسعار".
كما أشار" فيما يتعلق بالدعم المخصص للمواليد الجدد من العجول، خصصت الدولة مبلغ 6000 درهم. لكن الشرط المفروض للاستفادة من هذا الدعم هو أن يكون لدى المستفيد أكثر من 5 بقرات أو 10 بقرات، في حين أن 90% من المربين يمتلكون أقل من 5 بقرات. وهذا يعني أن 90% من المربين لن يستفيدوا من هذا الدعم".
وفيما يتعلق بالحلول، أكد البوتشيشي أن "هذه القضية تهم جميع المغاربة وليست مقتصرة على الحكومة فقط، حيث أن تأثير الارتفاع في الأسعار يطال الفقراء بشكل خاص، مما قد يؤدي إلى أزمة غذائية. وأشار إلى أن أسعار الدواجن وصلت إلى 30 درهماً، والسردين إلى أكثر من 20 درهماً، وأصبح الحصول على اللحوم أمرًا صعبًا. لذلك، يتعين البحث عن حلول، ويجب على الوزارة الوصية أن تكون منفتحة على جميع الخيارات المتاحة".
وتابع قائلا "من بين الحلول الفورية التي يمكن للدولة اعتمادها للتخفيف من هذا الضغط وحماية القطيع، هناك اقتراحان رئيسيان: أولاً، يجب منع ذبح الإناث مثل الخروفة والنعجة، وفي المقابل يجب تقديم دعم للفلاحين. فعلى الرغم من وجود دعم للمنخرطين في الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز للحفاظ على السلالات المحلية، إلا أن هذا الدعم لا يشمل الإنتاج".ثانيًا، "بما أن أسعار الأعلاف الخشنة قد ارتفعت، وعدم توفر الدعم لها يعتبر مشكلة كبيرة، حيث تشكل الأعلاف الخشنة 70% من وجبة الحيوانات المجترة وتكون مكلفة".
بالإضافة إلى ذلك، "من الحلول الأخرى التي يمكن أن تنفذها الدولة هي استيراد اللحم المجمد أو الطري مع ضمان احترام سلسلة التبريد. ويجب العودة إلى الفلاحين البسطاء والتواصل معهم للبحث عن حلول مناسبة، لأن الوضع الحالي لا يبشر بخير".