خبير لـ"تيلكيل عربي": تحديات ندرة المياه بالمغرب تستدعي استراتيجيات جديدة

خديجة قدوري

كشف وزير التجهيز والماء، نزار بركة، خلال جلسة أول أمس الاثنين بمجلس النواب، أن المخزون المائي بحقينات السدود وصل، حتى تاريخ 6 دجنبر الجاري، إلى نحو 4.90 مليار متر مكعب، مما يعادل نسبة ملء إجمالية قدرها 29.13 بالمائة، مقارنة بـ 23.70 بالمائة المسجلة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.

وتعليقًا على ذلك، قال محمد بازة، الخبير الدولي في الموارد المائية، إن "الوزير أشار إلى أن نسبة ملء السدود بلغت 29.13 بالمائة مقابل 23.70 بالمائة خلال نفس الفترة من العام الماضي. لكن إذا أردنا مقارنة دقيقة بين العامين، ينبغي تصحيح النسبة الحالية إلى حوالي28 بالمائة، لأن هذا العام شهد دخول ثلاث سدود إضافية مقارنة بالسنة الماضية".

وأشار بازة إلى أن "عدد السدود المستخدمة حاليًا لقياس المخزون المائي اليومي يبلغ 64 سدًا، مقارنة بـ 61 سدًا في العام الماضي، مما يعني إضافة ثلاثة سدود جديدة هذا العام. لذلك، لتحقيق مقارنة دقيقة، يجب تعديل النسبة الحالية من 29.13% إلى 28%. وعند المقارنة بين 28% و23.70%، يظهر فارق بنحو 4.3%، وهو ما يعادل حوالي 650 مليون متر مكعب إضافية من المياه هذا العام، أو 700 مليون متر مكعب في المخزون عندما نضيف مخزون الثلاثة ".

وأضاف بازة، أنه بغض النظر عن النسبة، سواء كانت 23 بالمائة أو 28 بالمائة أو حتى 30 بالمائة، فإن الوضع يظل يعكس ندرة شديدة في الموارد المائية. ونحن نقارن بين سنتين تميزتا بمستويات منخفضة للغاية من المياه المتاحة.

في السياق ذاته، أفاد بازة، أنه "لو كان المخطط الوطني قد اكتمل، لكانت لدينا رؤية أوضح حول الوضع. إلا أن المخطط لا يزال قيد التحيين، حيث أُعدت مسودته قبل جائحة كوفيد، وبعد الجائحة تقرر تحديثه بالاعتماد على بيانات الأحواض المائية. هذا التحيين لا يزال جاريًا وسيتم إتمامه لاحقًا".

وردا على سؤال حول الإجراءات المتخذة لضمان استدامة الموارد المائية في المملكة، أردف الخبير قائلاً: إذا كنا نبحث عن الحقيقة، فإن ما يقوم به مستخدمو المياه بالمغرب لا يضمن استدامة الموارد المائية، خصوصاً في قطاع الري. فالاستخدام المفرط للمياه، أي بطلب أكثر من الموارد المتجددة، وخاصة المياه الجوفية، أدى إلى استنزاف العديد من الأحواض المائية الجوفية، وهناك أخرى في طريقها للاستنزاف أيضاً. وعندما تنفد هذه الموارد، لن يكون هناك مجال للري بعد ذلك نظرا لكونه أصبح يعتمد أساسا على هذا النوع من المياه بسبب ندرة مياه السدود، مما يعني أن المياه الجوفية أصبحت غير مستدامة كما أصبح الري أيضا غير مستدام.

وفي رده عن سؤال حول مساهمة تحلية مياه البحر في تأمين التزويد بالماء الصالح للشرب، أكد الخبير، أن برنامج تحلية المياه يلعب دوراً مهماً في تأمين إمدادات المياه الصالحة للشرب في العديد من المناطق، وخاصة في مدينتي الجديدة وآسفي. وقد أشار الوزير إلى أن هناك 16 محطة تحلية للمياه، جميعها مخصصة لتوفير مياه الشرب، باستثناء محطة واحدة في أكادير التي يتم تخصيص جزء منها لمدينة أكادير والمناطق المجاورة، بينما يُخصص الجزء الآخر لري محاصيل الطماطم الكرزية والبطيخ والفواكه الحمراء الموجهة للتصدير.

وأضاف أن هذه المحطات يمكن أن تنتج نحو 290 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، وإذا لم تكن موجودة، لكانت العديد من المناطق قد تعاني من نقص حاد في مياه الشرب.

وفي سياق متصل، قال بازة، إن الوزير قد أشار إلى أن حصة مياه السقي لهذا العام تبلغ مليارًا و66 مليون متر مكعب، وهي زيادة طفيفة مقارنة بالعامين الماضيين، لكنها تبقى غير كافية نسبيًا. وأكد أنه يجب إضافة هذه الكمية إلى مخزون المياه الجوفية التي لم يتم الإشارة إليها، والتي تقدر بنحو 5 مليارات متر مكعب حسب البيانات الصادرة عن الوزارة العام الماضي".

وأوضح الخبير، أن هذه الكمية مخصصة للزراعة، بشرط عدم حدوث أي نقص في المياه الجوفية.

واستطرد بازة، في حديثه قائلاً إن "هذا يعني أن هناك نقصًا كبيرًا وندرة في المياه مقارنة بالطلب المتزايد. وهو ما يستدعي ضرورة إعادة النظر في طريقة إدارة الزراعة المسقية، وإعادة تنظيمها بناءً على المياه المتجددة المتاحة حاليًا. ويجب أن نتوقف عن الاعتماد على أساليب الماضي، بل يجب تجاوزها".

واختتم حديثه، مشددا على أنه "يجب أن تُبنى الخطط المستقبلية على أساس هذه الوضعية في الأحواض المائية، بما يتوافق مع توازن العرض والطلب. لكن للأسف، هذا التوجه لم يتحقق بعد، ويتوجب على الجهات المعنية الاعتراف بتغير الوضع، وأن الماضي لم يعد قابلًا للعودة".