خبير يعدد تحديات الوصول إلى الماء في إقليم ورزازات في ظل سنوات الجفاف

خديجة قدوري

كشف وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن وضعية الموارد المائية بإقليم ورززات عرفت عجزا كبيرا بسبب قلة التساقطات المطرية الناتجة عن التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف.

وذكر الوزير، في جوابه عن سؤال كتابي وجهته النائبة البرلمانية فاطمة ياسين، عن الفريق الحركي، أنه رغم التحسن الطفيف الملحوظ في مستوى الموارد المائية الجوفية، نتيجة التساقطات المطرية التي عرفها إقليم ورززات خلال بداية السنة الفلاحية 2024-2025، إلا أن حجم المياه المستخرجة يتجاوز حجم المياه المتجددة.

في هذا السياق، قال جواد الخراز، مدير شبكات خبراء المياه والطاقة والمناخ، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، إن إقليم ورززات "يعاني بالفعل من أزمة مائية حادة، حيث سجل عجزاً مائياً بنسبة 85 في المائة خلال الموسم 2023-2024، استمر بنسبة 9 في المائة، حتى نهاية مارس 2025، مع تراجع الواردات المائية بنسبة 46 في المائة".

وكشف الخراز أن الفرشات الجوفية، خاصة في سكورة وتزناخت، شهدت استنزافاً كبيراً بسبب الاستخراج الزائد الذي تفاقم بفعل الجفاف المتواصل، والتغيرات المناخية، وانخفاض ذوبان الثلوج في الأطلس الكبير. وفي هذا السياق، اقترح الخراز، بدائل تقنية وبيئية لمعالجة هذا الوضع، مع تقييم الإجراءات الحالية.

التغذية المدارة للفرشات الجوفية (MAR)

لمعالجة استنزاف المياه الجوفية في سكورة وتزناخت، وضمان استدامة الموارد على المدى المتوسط (5-10 سنوات)، دعا الخراز إلى إنشاء أحواض وخنادق تغذية في مجاري الأودية (مثل وادي دادس) لتجميع مياه الفيضانات الموسمية وتوجيهها لإعادة شحن الفرشات، مع بناء سدود صغيرة لتقليل الجريان السطحي.

وفيما يتعلق بالتنفيذ، قال الخراز، إنها ستساهم في زيادة التخزين الجوفي بنسبة 15-20 في المائة، وتقليل التبخر، ودعم الزراعة الواحية في سكورة. ووجب تحديد المواقع المناسبة بحلول الربع الثاني من 2026 بالتعاون مع وكالة الحوض المائي لدرعة-وادي نون. وبخصوص التكلفة التقديرية، فإنها تتراوح ما بين 50-100 مليون درهم لمشاريع تجريبية، مع إمكانية تمويل دولي (مثل البنك الدولي، أو صندوق المناخ الأخضر).

إحياء وتحديث الخطارات

ومن بين البدائل التقنية والبيئية، أشار الخراز إلى ترميم أنظمة الخطارات التقليدية في سكورة، مع دمج أجهزة استشعار حديثة لمراقبة التدفقات ومضخات تعمل بالطاقة الشمسية لتقليل التكاليف، التي تهدف إلى تقليل التبخر بنسبة 30 في المائة، والحفاظ على التراث الثقافي، وتعزيز التماسك الاجتماعي، كما في تجربة مراكش.

وذكر الخراز أنه سيتم إطلاق مشروع تجريبي لترميم 10 خطارات بحلول الربع الثالث من 2026، بالشراكة مع منظمات غير حكومية مثل مؤسسة مفاتح السعادة. وبخصوص التكلفة التقديرية، قدرها في 20 مليون درهم لكل مشروع تجريبي، مع تمويل محتمل من الاتحاد الأوروبي.

الري الموفر للمياه والزراعة الشمسية

في هذا الصدد، ذكر الخراز توسيع البرنامج الوطني لاقتصاد مياه الري (PNEEI) لتغطية 20,000 هكتار إضافي في ورززات بحلول 2027، مع نشر أنظمة الزراعة الشمسية (ألواح شمسية فوق المحاصيل) لتقليل التبخر وتشغيل الري بالتنقيط، من أجل توفير 30-40 في المائة من مياه الري، ودعم الأمن الغذائي. البرنامج الوطني غطى بالفعل 585,000 هكتار على المستوى الوطني.

وأبرز في معرض حديثه، أنه سيتم إطلاق مشاريع تجريبية في تزناخت بحلول الربع الرابع من 2026، بالتعاون مع وزارة الفلاحة، وبخصوص التكلفة التقديرية، 150 مليون درهم لـ 5,000 هكتار، مع تمويل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.

تحلية المياه بالطاقة الشمسية

في هذا الصدد، أفاد الخراز أن إنشاء محطات تحلية تناضح عكسي صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية للمياه الجوفية المالحة في تزناخت، لتزويد مياه الشرب والاستخدام الصناعي المحدود، من أجل تقليل الضغط على المياه العذبة، مستوحاة من نجاح محطة شتوكة آيت باها (15,000 هكتار مروية بالمياه المحلاة).

ولفت الانتباه إلى أن دراسة جدوى بحلول الربع الأول من 2026، مع بدء البناء في الربع الثالث من 2027، وبخصوص التكلفة التقديرية فهي في حدود 200 مليون درهم لمحطة بطاقة 50,000 م³/يوم.

إدارة الأحواض المائية وإعادة التشجير

أوضح الخراز أن تنفيذ برامج إعادة التشجير وحفظ التربة في الأطلس الكبير يساهم في تعزيز الاحتفاظ بالثلوج وزيادة التسلل، بالإضافة إلى استخدام التدرجات وأحواض التجميع الصغيرة لتقليل الجريان، من أجل تحسين تغذية الفرشات بنسبة 10-15 في المائة، مستوحاة من نماذج اليونسكو للتعاون المائي.

وأشار الخراز إلى أن البرنامج سيتم إطلاقه بقيادة المجتمعات المحلية بحلول الربع الثاني من 2026، بالتنسيق مع وزارة الفلاحة، وكلفته التقديرية 30 مليون درهم لـ 1,000 هكتار، مع دعم محتمل من الصندوق الأخضر للمناخ.

وأضاف قائلا إن هذه التدابير يمكن أن تقلل الطلب على المياه بنسبة 20 في المائة وتزيد تغذية الفرشات بنسبة 15-25 في المائة خلال 5-10 سنوات، مما يضمن أمن مياه الشرب واستقرار الإنتاج الفلاحي.

تقييم فعالية الإجراءات الحالية 

 شدد الخراز على ضرورة منع توسيع المساحات المسقية، لأن الفعالية مرتفعة على المدى القصير، حيث قللت الطلب على المياه بنسبة تقديرية 10-15 في المائة، نظراً لأن الزراعة تمثل 80 في المائة من استهلاك المياه في ورززات.

وفي ما يتعلق بالتحديات، قال الخراز إن التطبيق الصارم ضروري لمنع الحفر غير القانوني، وهذا يتطلب ليس فقط تشريعات صارمة بل وضع آليات تسهر على تطبيقها وضمان احترامها. فالمنع بحسبه، قد يؤثر سلباً على دخل الفلاحين، مما يتطلب دعماً تعويضياً (مثل دعم الري بالتنقيط).

وأوصى الخراز، بتعزيز المراقبة من خلال استخدام صور الأقمار الصناعية ومشاركة المجتمعات المحلية، كما يحصل في الجارة إسبانيا في فترات الجفاف على وجه الخصوص، حيث يتم تعويض الفلاحين المتضررين. داعيا إلى ربط كراء الأراضي الفلاحية بموافقة وكالة الحوض المائي، لأن فاعليته متوسطة، حيث ضمنت تخصيص المياه للاستخدامات الأساسية. اللجنة التقنية في تزناخت رفضت 60 في المائة من طلبات الكراء غير الضرورية.

تتجلى التحديات، أيضا، وفق الخراز، في تأخير معالجة أكثر من 200 طلب قد يعيق التنمية الاقتصادية. فالحاجة قائمة كما يقول، إلى "مزيد من الشفافية في اتخاذ القرارات. كما يجب رقمنة عملية الموافقة بحلول الربع الثالث من 2026، مستفيدة من منصات رقمية مثل تلك التي يطورها المركز العربي لدراسات المناطق الجافة (ACSAD)". مضيفا أنه وجب حماية المناطق المخصصة لمياه الشرب والخطارات، لأنها فعالة في ضمان إمدادات مياه الشرب لـ 95 في المائة من سكان ورززات الحضريين.

وأوصى الخبير بتخصيص 10 ملايين درهم سنوياً لصيانة الخطارات، وتوسيع نقل المياه إلى المناطق الريفية، كما تم في 2024، موضحا أن الإجراءات الحالية قللت الضغط على الفرشات بنسبة تقديرية 10-15 في المائة، لكنها غير كافية للاستدامة على المدى المتوسط دون استراتيجيات تغذية إضافية. ومرافقة هذه التدابير بدعم اجتماعي-اقتصادي للفلاحين.