في الوقت الذي يعتقد فيه أشخاص كثيرون أن ممارسة الجنس مرادف، بالضرورة، للمتعة والنشوة، جاءت دراسة ألمانية بتكذيب قاس جدا، بعدما أبرزت أن ممارسة الجنس يمكن أن تسبب وفيات لدى الأفراد الحاملين لأمراض القلب والأوعية الدموية، فتكون الوفاة المفاجئة أول وآخر ظهور لتلك الأمراض عندهم.
وحددت الدراسة المنشورة في 12 شتنبر 2017 في جريدة الطب الجنسي، أسباب الوفيات الطبيعية المرتبطة بنشاط ممارسة الجنس، استنادا على تحليل بيانات التشريح الطبي لـ38 ألف حالة وفاة وقعت بين 1972 و2016، من قبل الدكتور لينا لانج وزملائها في معهد الطب الشرعي لفرانكفورت، وهي المعطيات التي استجمعت بأثر رجعي إلى حدود سنة 2000 ثم بطريقة عادية ابتداء من تلك السنة.
وفي المجموع، تم فرز لائحة بـ99 وفاة مرتبطة بممارسة الجنس، أي 0.26 % من أصل 38 ألف حالة، فتبين أنها وفيات حدثت، مباشرة قبل ممارسة الجنس، أو أثناءها، أو بعدها بلحظات، أما متوسط عمر الضحايا، فكان بالنسبة إلى النساء 45 سنة، مقابل 57 سنة بالنسبة إلى الرجال، أما أصغر النساء من الضحايا فعمرها كان 22 سنة، وأكبر الرجال كان عمره 92 سنة، كما كان عمر أغلبية الحالات يتراوح بين 40 سنة و69، و10 % كان عمرهم أكثر من 70 سنة.
أما مسببات الوفاة المرتبطة بممارسة الجنس، فقد انتهت الدراسة إلى تحديدها في مرض القلب التاجي، أي داء نقص تروية عضلات القلب بالأوكسيجين (28 حالة وفاة)، ومرض النوبة القلبية (21 وفاة)، وتمدد الأوعية الدموية، ومرض عضلة القلب (8 وفيات)، والتهاب العضلة القلبية، وموت القلب المفاجئ (حالة وفاة واحدة)، في حين حدثت لدى رجل وفاة بسبب النوبة القلبية والتسمم بالكوكايين.
الوزن الزائد والسمنة
سجل معدو الدراسة أن 65 % من الأشخاص المتوفين كان لهم وزن زائد، أو مصابون بالسمنة، كما أبرزوا أن 60 % من القلوب التي عرضت للتشريح الطبي لوحظ أن أوزانها تتجاوز 500 غرام، وبينها واحد وصل وزنه عتبة كيلوغرام و100 غرام، علما أن وزن القلب لدى الأشخاص الراشدين معدله الطبيعي المتوسط هو 270 غراما لدى الرجال و260 غراما لدى النساء.
ولاحظ أصحاب الدراسة نفسها، أن الوفاة خلال الممارسة الجنسية، حدثت لدى 34 من الرجال وهم على السرير مع ممتهنة جنس (مومس)، كما تم رصد الوفاة المفاجئة لاثنتين من عاملات الجنس وهما على الفراش مع زبنائهن، علاوة على حالة رجل متزوج كان يمارس الجنس مع امرأة أخرى، ومقابل وفاة تسع حالات وهم يمارسون مع زوجاتهم، أو بعد انتهاء اللقاء الجنسي بلحظات، توفي خمسة رجال وهم يمارسون مع رجال مثليين.
وتوفيت خمس نساء خلال الممارسة الجنسية مع رفاقهن، في حين تم رصد 30 وفاة أثناء ممارسة العادة السرية، إذ تم العثور على مجلات "بورنوغرافية" قرب الجثامين، ما يعني أن أغلبية الوفيات حدثت بحضور عشيقة، أو عاملة جنس، أو خلال ممارسة جنسية انفرادية.
وفي المجموع، داهمت الوفاة 50 حالة أثناء المضاجعة أو بعد مرور وقت قليل على انتهائها، مقابل خمس وفيات لحظات قبيل الشروع في الممارسة الجنسية. وقالت الدراسة إن "ممارسة جنسية فموية سبقت الوفاة بالنسبة إلى ثلاث حالات، كما مارس الشريك عملية الاستمناء لسبع حالات قبل الوفاة، وفيما جرت ثلاثة وفيات خلال المداعبة الجنسية، داهمت الوفاة حالة خلال حفل للتعري".
وفي ما يتعلق بأماكن الوفاة، فأغلبيتها جرت في محل السكن الشخصي للضحايا، مقابل حدوث ست وفيات في صفوف الرجال وهم في شقق عشيقاتهم أو في بيوت عاملات الجنس، في حين حدثت خمس وفيات في بيت الخليلات والحبيبات.
وتم تسجيل حدوث 31 وفاة في البيوت المغلقة (الماخور)، بينها خمس وفيات قبيل رؤية المومسات، وهي الحالات التي تبين أن ضحاياها أصيبت قلوبهم بالضعف حديثا، في حين تم العثور على خمسة من أولئك الضحايا من الرجال في مرائب أو منتزهات، كما تم العثور على رجل داخل سيارته، وهو يرتدي لباسا نسائيا وبجانبه بعض الألعاب الجنسية.
وبينما أسلمت إحدى الحالات، ويتعلق الأمر برجل عمره 53 سنة وهو محمول في الإسعاف نحو المستشفى من داخل ماخور للدعارة، توفيت أربع حالات في غرف داخل فنادق أو داخل قاعات محلات التدليك، في حين حدثت وفاة إحدى النساء في المستشفى مباشرة بعد ممارسة جنسية داخل شقة شريكها الجنسي، ولوحظ أن وفاة واحدة تمت داخل مرأب منزلي.
حمى الربيع
واكتشفت الدراسة أن 32 وفاة من أصل 99، جرت خلال فصل الربيع (مارس، أبريل، ماي)، مقابل 28 خلال الصيف (يونيو، يوليوز، غست)، مقابل 20 وفاة خلال فصل الشتاء و18 في فصل الخريف، فاستنتج معدو الدراسة وجود تأثير للطقس على وتيرة العلاقات الجنسية، سيما خلال فترة "الحمى الربيعية".
وبالنسبة إلى معدي الدراسة الألمانية ذاتها، "رغم أن حالات الوفاة الطبيعية المرتبطة بالممارسة الجنسية تظل نادرة، إلا أن الأطباء مطلوب منهم أن يجعلوا في اعتبارهم أن العلاقات الجنسية، خصوصا الرعشة والنشوة، يمكن أن تسبب حوادث ترتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية، سيما عند الأشخاص الذين لهم ارتفاع في مؤشر كتلة الجسم (الوزن والسمنة)".
وحرص معدو الدراسة في معهد الطب الشرعي بفرانكفورت، على التذكير في نهاية الدراسة على أن البيانات والمعطيات المستخلصة لا تسمح بمعرفة هل نسبة الوفيات الكرتبطة بالممارسة الجنسية لدى الرجال، أكثر ارتفاعا بارتباط مع عدم الوفاء للزوجة أو الشريكة الجنسية الرئيسية.
يشار إلى أن الدراسة الألمانية، تأتي بعدما أظهرت دراسات سريرية سابقة أن الممارسة الجنسية تقارن بممارسة نشاط بدني بوتيرة معتدلة، من قبيل ركوب الدراجة الهوائية.
(عن لوموند بتصرف)