أفادت "جمعية التحدي للمساواة والمواطنة"، بأن عددا من الدراسات الصادرة عن مراكز بحث دولية كشفت أن "ما بين 40 إلى 60 في المائة في المتوسط من النساء في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضحايا للتحرش الجنسي في الشارع (بشكل أساسي، من خلال تلقي تعليقات ذات طبيعة جنسية، أو من خلال مضايقات تتبعهن، إلخ)".
أما على المستوى الوطني، تضيف الجمعية، فيشير استطلاع المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2019 إلى أن "12.6 في المائة من النساء تعرضن للاعتداء في الأماكن العامة، خلال الـ12 شهرا الأخيرة التي سبقت البحث"، مضيفا أن "كافة المؤشرات تتقارب، خلال مختلف الاستطلاعات اللاحقة، نحو تأكيد خطورة الظاهرة نفسها".
ومن حيث الانتشار، قالت إن "هذه النسبة تبلغ 15.6 في المائة، في المناطق الحضرية؛ أي ضعف النسبة المسجلة في المناطق الريفية (7.1 في المائة). كما أن 9.5 في المائة من نساء المناطق الحضرية يقعن ضحايا للعنف الجنسي (مقابل 4.2 في المائة في الريف)، و3.8 في المائة تعرضن للعنف الجسدي (مقابل 1.5 في المائة)، و6.2 في المائة تعرضن للعنف النفسي (مقابل 2.6 في المائة)"، مسجلة أن العنف الجسدي و/ أو الجنسي معا يسجلان 12.2 في المائة من الضحايا في المناطق الحضرية (مقابل 5.3 في المائة).
وتابعت الجمعية أن "العنف الجنسي في الأماكن العامة يمثل وحده 50 في المائة من جميع حالات العنف الجنسي التي تتعرض لها النساء، في جميع الأماكن مجتمعة".
وأبرزت الجمعية أن "معدل انتشار العنف على الصعيد الوطني أعلى في بعض أنحاء المملكة، مقارنة ببعض المناطق الأخرى. ففي جهة الدار البيضاء - سطات، نجد نسبة 71.1 في المائة، وهي النسبة الأعلى وطنيا، تأتي بعدها بني ملال خنيفرة بنسبة 63.9 في المائة، وطنجة تطوان - الحسيمة بنسبة 61.5 في المائة، ثم سوس ماسة بنسبة 58.2 في المائة".
وعلى المستوى المحلي، جماعة الدار البيضاء نموذجا، "كان من الصعب جدا، في السنوات الفارطة، تشخيص العنف القائم على النوع الاجتماعي في الأماكن العامة، وخاصة في مدينة من حجم الدار البيضاء"، وفق نفس المصدر.
وقالت الجمعية إن "الأمور تغيرت، اليوم، بشكل كبير، ويمكن للمواطنين الضغط من أجل تحقيق ذلك، من خلال المطالبة بالوصول إلى المعلومات العامة، ويمكن أن نشير هنا إلى صدور القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، غير أن ما يجب لفت الانتباه إليه، هو استمرار السلطات المحلية في اعتبار الفضاء العام مكانا محايدا، في حين أنه ليس كذلك"، موضحة أن "للرجال والنساء استخدامات مختلفة للمدينة، وهم وهن لا يترددون/ يترددن على نفس الأماكن، في نفس الأوقات، وليس لهم/ لهن نفس الحقوق الفعلية في المدينة؛ حيث أن الولوج للفضاء العمومي ليس محايدا بين الجنسين. فالأماكن التي تعتبر آمنة وممتعة لفئات من الرجال، يمكن أن تبدو خطيرة وغير مريحة بالنسبة للنساء".
وتابعت أن "الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب التي تضم ما يقرب من 34 في المائة من المؤسسات الصناعية في البلاد، لا تزال سيئة التجهيز، من حيث المرافق الاجتماعية وجودتها، حتى عندما تكون متاحة".
وأضافت الجمعية أن "استطلاعا أعد، سنة 2013، من قبل فريق من الخبراء في الشأن المحلي، يظهر أن 14 في المائة من النساء يفضلن عدم التردد على المساحات الخضراء وأماكن الاستجمام، رغم ندرتها، لكونهن يتعرضن لعدد من السلوكيات؛ من قبيل التحرش، والمضايقات، والعنف؛ وهو ما يؤكد أن هذه المرافق لا تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الخاصة للنساء".
ولهذا، توضح، "فالجماعات الترابية تعتبر جهات فاعلة مؤسساتيا تلعب دورا محليا قادرا على إقامة شراكات فعالة مع مختلف المعنيين للحد من هذه الظاهرة. ويهدف هذا العمل التشاركي الذي نقدمه، اليوم، للتأكيد على أهمية المقاربة الوقائية، من خلال دعم الشعور بالأمن والأمان، واتخاذ التدابير اللازمة لتحسين تخطيط الحيز الحضري لولوج النساء للمرافق، في ظروف جيدة، لاسيما بالنسبة للفئة الأكثر عرضة للعنف، وانتهاك حقوقها منهن؛ مما يعزز المساواة بين الجنسين"، في إشارة إلى المبادرة الجديدة التي أطلقتها: "الدار البيضاء، مدينة آمنة.. من العنف الممارس على النساء النشيطات/ البائعات في الفضاءات العامة".
وسجلت الجمعية أن "تعزيز مساءلة وحوكمة المدن والسلطات المحلية هو الطريقة الأكثر حسما، لضمان مواطنة النساء من جميع الأعمارن وفعالية الحقوق المعترف بها لهن، بما في ذلك حق الجميع في المدينة، وفي حياة خالية من العنف"، مؤكدة أن "الوضع الحالي للنساء فيما يتعلق بالعنف بين الجنسين في الأماكن العامة لا يزال مثيرا للقلق في مدينة الدار البيضاء".
كما أكدت أن "الجهود التي تبذلها جميع الأطراف ليست ضئيلة، ونحن موقنون أنه لا يمكن استخلاص النتائج، بسرعة. فعملنا التشاركي مع جميع الفاعلين المؤسساتيين، السياسيين، المجتمعيين، والمدنيين، والاقتصاديين، وكذا مختلف المتدخلين المعنيين بالانخراط الفعلي في هذا المشروع وتنزيله وأجرأته على أرض الواقع، لما له من أهمية في مناهضة كل أشكال العنف الممارس على النساء في الفضاء العام، سيساهم في الحد من هذه الظاهرة، حتى تصبح مدينة الدار البيضاء آمنة من العنف الممارس على النساء النشيطات/ البائعات في الفضاءات العامة".