رضوان بنتهاين - متدرب
قام بحث حديث بدراسة آثار مطرح للنفايات المراقب، المتواجد قرب مدينة فاس وبلدة سيدي حرازم، على الأماكن الرطبة القريبة منه، عن طريق التقييم الكمي والنوعي لتلوث الترسبات بالعناصر المعدنية الضئيلة المقدار (بالإنجليزية: metallic trace elements (MTE)) (التلوث) المنبعث من المقلب، بحيث سعى إلى تحديد تلوث العصارة للترسبات خارج المقلب في حوض تدفق متجه إلى نهر سبو، أحد أكبر أنهار المملكة.
ويتواجد المطرح على مسافة 5 كيلومترات من جنوب شرق مدينة فاس، ويبعد بـ750 متر شرق دوار ولاد محامد، وتم تجميع العينات المدروسة للترسبات والعصارة من المسافة الفاصلة بين المقلب ومركز سيدي حرازم.
وأشارت تحاليل الترسبات والعصارات – والمقصود بها السوائل التي تترشح في النفايات – الصادرة من أصباب خط قعر مصب المقلب الصائب نحو مركز سيدي حرازم إلى وجود تلوث، بحيث أظهرت تحاليل المختبر وجود قيم مرتفعة للنيتروجين والزنك والنحاس والكروم والرصاص في 24 عينة من العصارة و20 عينة من الترسبات، إلى جانب 4 عينات مرجعية (reference samples)، مع عدم بلوغ نسبتي تركيز الرصاص وأول أكسيد الكربون لمستوى التلوث.
وأكدت الدراسة، وهي الأول من نوعها منذ تأسيس مطرح فاس في عام 2004، على تلوث الترسبات بمختلف المواقع التي أخذت منها العينات، واصفة الوسط الطبيعي لهذه العينات كوسط "متوسط إلى شديد التدهور" من طرف العناصر المعدنية الضئيلة.
وفي محاولتها لفهم سلوك هذه العناصر المعدنية، بينت التحاليل الإحصائية مشاركة نقاط عينات الترسبات لنفس مصدر التلوث، "والذي لا يمكن أن يكون غير المقلب"، وهو ما اعتبرته المقالة، إلى جانب قيم مؤشر حمل التلوث المحصل عليها، والتي تفيد بتدهور قوي ومتزايد عبر خط القعر، كمسلط ضوء على الأثر السلبي للمقلب.
وحذرت الوثيقة ذاتها من التهديدات التي يواجهها الوسط الطبيعي للمنطقة، إضافة إلى الصحة العامة للمواطنين، بسبب تلوث الترسبات والعصارة المنبعثة من المقلب والمتجهة نحو نهر سبو، محذرة كذلك بتفاقم الوضع في المستقبل في حالة غياب أي تدخل لوقف تسرب عصارات النفايات إلى خارج المقلب.
كما استحضرت التحدي الذي تواجهه مختلف البلديات المغربية في إدارة مقالب النفايات – والتي تشكل الوسيلة الأكثر استعمالا في المملكة للتخلص من النفايات الحضرية والصناعية والزراعية، وخصوصا عند تواجد هذه المقالب في مناطق حساسة (كالمناطق الزراعية وذات الموارد الطبيعية، خاصة المياه السطحية والمياه الجوفية).
كما أفادت بأن التخلص من النفايات في أماكن الطمر عبر الصرف الصحي وتفريغها وتشتيتها باعتماد مجاري المياه السطحية والجوفية تشكل أكبر عامل لتلوث مقالب النفايات، نظرا لانتشار المعادن في الترسبات بسبب التحلل المائي للجزيئات الدقيقة للنفايات.
وفي عرضها لنتائج تحاليل عينات الترسبات في المنطقة المدروسة المؤشرة على التلوث المعدني، افترضت المقالة ذاتها، والتي أنجزت من طرف جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بشراكة مع جامعة شعيب الدكالي بالجديدة وجامعة الملك سعود بالرياض وإيمبيريال كوليدج لندن (Imperial College London)، (افترضت) وجود تلوث من نفس النوع في واد سبو، مستحضرة دراسات أنجزت سابقا على الوادي والتي بينت ارتفاع لكمية المعادن الضئيلة المقدار في كل من مياهه وترسباته، وهو ما أثار قلق الباحثين حول وضعية النهر، والذي يظل "مهددا بتدهور واضح جدا".
وذكرت المقالة بأن موقع اختيار المقلب لم يكن اعتباطيا، بحيث تم الأخذ بعين الاعتبار بعده الجغرافي من مدينة فاس، وقاعدة الطين المحتوية على نسبة منخفضة لكربونات الكالسيوم، إضافة إلى مورفولوجية الموقع المتمثلة في انخفاض المقلب وتصريفه عبر خط قعر متجه إلى وادي نهر سبو، إلا انه لم يتم الأخذ بعين الاعتبار لعوامل أخرى، لاسيما هيكل القاعدة الطينية التي تؤثر عليها الانقسامات والانشقاقات والطيات، إضافة إلى الظروف الجوية السيئة المسببة من طرف التغير المناخي.