دراسة مغربية تحذر من تزعزع الاقتصاد وتدعو الحكومة إلى تحسين سياستها المالية

تيل كيل عربي

رضوان بنتهاين - متدرب

قامت دراسة حديثة، أنجزت من طرف مختبر الإدارة والابتكار والعلوم التطبيقية التابع لقسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والتدبير بكلميم، التابعة لجامعة ابن زهر، بشراكة مع مختبر الأبحاث الاقتصادية النظرية والتطبيقية (بالفرنسية: Le LARETA, Laboratoire de Recherche en Economie Théorique et Appliquée) لكلية الاقتصاد والتدبير التابعة لجامعة الحسن الأول بسطات، بتقييم مدى استمرارية السياسة المالية المغربية الحالية، واستخلصت بأن هذه الأخيرة "قد لن تكون مستدامة وفعالة على المدى البعيد، مما يشير إلى احتمال وجود مخاطر وتهديدات للاستقرار الاقتصادي للملكة".

ويقصد باستمرارية السياسة المالية العامة قدرة الدولة على الاستمرار في سياساتها الاقتصادية الحالية بدون تعريضها لخطر الإعسار.

وحذرت الدراسة من الاعتماد الكبير للاقتصاد المغربي على القطاعات الزراعية والسياحية – مع العلم من تبني المملكة لسياسات التنويع الاقتصادي الاستراتيجي منذ عام 2000، والتي سمحت بتمويل استثمارات أكثر ربحا للاقتصاد الوطني والرفع من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي مع تخفيض معدل الديون، إضافة إلى التحويلات المالية، وذلك نظرا لعرضتها إلى الصدمات الخارجية وتقلبات الدورات المالية، مشددة على ضرورة تبني الحكومة لسياسات مالية مستدامة قادرة على مقاومة التأثيرات السلبية للدورات الاقتصادية وتشجيعها للتنمية الاقتصادية على المدى البعيد.

كما اعتبرت مسايرة السياسات المالية المغربية للاتجاهات الدورية (بالانجليزية: procyclical fiscal policy) – والتي تعني الزيادة في الإنفاق العام وتخفيض الضرائب أثناء فترات الازدهار الاقتصادي، في مقابل تقييد الإنفاق العام ورفع الضرائب خلال أوقات الركود الاقتصادي، وذلك خلافا للسياسة المالية المغايرة للاتجاهات الدورية (بالانجليزية: anticyclical/countercyclical fiscal policy)، والتي تقيد الإنفاق العام وترفع من الضرائب خلال الازدهار وتقوم بالعكس خلال فترات الركود، مما يسمح بمقاومة هذا الأخير بشكل أكثر فعالية، إضافة إلى تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي – (المسايرة) من الدوافع الرئيسية خلف عدم استمرارية السياسة المالية المغربية، مما قد يضر آفاق النمو الاقتصادي على المدى البعيد.

وأشارت المقالة في هذا الصدد إلى التحديات التي واجهت البلاد مؤخرا، مثل ارتفاع التضخم وجائحة كوفيد 19، والتي دفعت الحكومة إلى نهج سياسة مالية محافظة وخفض الإنفاق العام سعيا لمواجهتها، إلا أن البلاد لا زالت تواجه ضغوطات من حيث ارتفاع الدين العام إلى جانب العجز الكبير للميزانية.

وأكدت الوثيقة ذاتها بأن تبني سياسات مالية مستدامة وفق توصية الدراسة، يقتضي تفعيل تغييرات واسعة النطاق حول إطار سياسة الميزانية، مما يشمل الابتعاد عن التركيز على إدارة الميزانية بشكل قصير الأجل والتوجه نحو مقاربة ذات أمد أكثر طولا والتي تأخذ بعين الاعتبار الدورات التجارية للمغرب وحاجياته الاستثمارية.

فضلا عن ذلك، شددت على الأهمية القصوى لوضع وتفعيل قواعد للمالية العامة (fiscal rules) لتسقيف حجم عجز الميزانية ومستويات الديون، زيادة عن تحسين الشفافية والمحاسبة في صنع قرارات السياسة المالية، في تحقيق نمو اقتصادي مستدام في المملكة، "مما يستوجب مجهود موحد من طرف الحكومة لإعطاء الأولوية للاستدامة البعيدة الأجل للمالية العامة عوض النفعية السياسية القريبة المدى".