رضوان بنتهاين - متدرب
قامت دراسة حديثة، نشرت من طرف مجلة Heliyon على موقع ScienceDirect تحت عنوان "تصميم نظام آلي فعال ومستدام وذو تكلفة منخفضة لتسخين الدفيئات الزراعية: دراسة حالة نمو فاكهة الفراولة (fragaria vulgaris)"، باختبار نظام شمسي أوتوماتيكي في دفيئة زراعية متجهة إلى الجنوب (أي معرضة للأشعة الشمسية الجنوبية) وتأثيره على نمو نباتات الفراولة داخلها بفصل الشتاء.
واستنتج البحث، الذي أنجز من طرف مختبر جامعة محمد 5 بالرباط للطاقة الشمسية والمناخ، بأن النظام ساهم في تحسين المناخ الصّغري (microclimate) للدفيئة، كما سمح كذلك بالتسخين خلال فصل الشتاء؛ فضلا عن ذلك، مكن الدفيئة المختبرة من الحصد المسبق بـ17 يوم مقارنة مع دفيئة أخرى ضابطة (أي، دفيئة مرجعية؛ بالإنجليزية: control greenhouse)، زيادة عن تخفيض نسبة مياه الري بـ30 في المائة، مما يدل على ربحيته من ناحية الاستثمار والجانب الاقتصادي للطاقة.
وأشارت الدراسة إلى أهمية القطاع الزراعي في محاربة مآثر التغيرات المناخية باستحضار دراسة سابقة نشرت في موقع Nature تحت عنوان "الأنظمة الزراعية مسؤولة عن ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة البشرية المنشأ"، كما ذكرت الدراسة بتفاقم أزمة الأمن الغذائي العالمي، زيادة عن ضياع 14 في المائة من الغذاء إبان مراحل إنتاجه، كما أكدت على أن استعمال وسائل الطاقة البديلة في الزراعة، كالإشعاعات الشمسية، يحمل مآثر إيجابية على كل من المستويين البيئي والربحي للمزارعين.
ويسمح النظام بتحويل الحرارة المتوفرة خلال اليوم إلى الليل عن طريق تدفق الماء باستعمال دائرة مياه مُركبة على سقف الدفيئة. كما تحتوي هذه الأخيرة على بطارية ولوحة شمسية كهروضوئية (وهي لوحة شمسية تحول الضوء الشمسي إلى كهرباء) تقوم بتزويد بعض عناصر البيت الزجاجي بالكهرباء، إضافة إلى ملف نحاسي متواجد داخل زجاج مزدوج فوق سقف الدفيئة، زيادة على مضخة ماء وصهاريج للتخزين.
فتم اختباره عن طريق مقارنة المخضرة المدروسة بدفيئة أخرى ضابطة غير مجهزة به. وتم بناؤهما في أرضية مختبر الطاقة الشمسية والمناخ بجامعة محمد الخامس بالرباط.
وتم تجميع المعطيات باستعمال "انترنيت الأشياء" (بالإنجليزية: Internet of Things) – وهو مصطلح عام يشير إلى تقنية ربط الأجهزة الذكية أو الحسية، من غير الحواسيب، التي يمكن ولوجها بدون أية ضوابط زمنية أو مكانية، إضافة إلى الحيوانات والأشخاص، بالشبكة العنكبوتية، وتمكينها من توليد وتبادل واستهلاك البيانات بشكل تلقائي مع أقل نسبة من التدخل الإنساني، والهدف من ذلك هو تزويدها بقدرة التواصل فيما بينها والتقرير عن المعطيات أثناء فترة اشتغالها، مما يسمح بتجميع المعطيات بشكل أكثر فعالية وسرعة من الأنظمة التي تعتمد على تدخل الإنسان.
إلا أن الدراسة أقرت بنقص تعاني منه من حيث عدم أخذها بعين الاعتبار للمتانة على المدى الطويل ومتطلبات صيانة النظام، وهما عاملان لهما قدرة التأثير على الأداء العام للنظام وفعاليته من حيث التكلفة. ولكن، مع إشارتها إلى الدراسات والتجارب السابقة لأنظمة تسخين الدفيئات التي عانت بدورها من تحديات على المستوى الاقتصادي وغيره، شددت المقالة على أصالتها من حيث عدة جوانب، وهي: استعمال سقف الدفيئة في تجميع الإشعاعات الشمسية وتحويلها إلى كهرباء لتسخين هواء وماء المخضرة بتوظيف الوسائل المذكورة أعلاه، مما يساهم في تقليص كل من التكاليف والصادرات الغازية؛ وتلقائية النظام واعتماده على انترنيت الأشياء، إضافة إلى تلقائية الري المنقط، مما يساهم في حفظ المياه وتقليص جهود العمل؛ فضلا عن استعمال ملف نحاسي مركب فوق سقف البيت الزجاجي يقوم بتجميع أكبر قدر ممكن من الإشعاعات الشمسية، في حين معظم الدراسات السابقة اعتمدت على أنظمة تسخين أرضية.
ويشار إلى أن هذه الدراسة أتت كتتمة لدراسة سابقة نشرت في العام الماضي بمجلة Elsevier تحت عنوان "دراسة الأداء لنظام تسخين شمسي مبني على ملف نحاسي يقوم بتحويل الحرارة من الماء إلى الهواء بداخل الدفيئات الزراعية" (Performance study of a sustainable solar heating system based on a copper coil water to air heat exchanger for greenhouse heating)، والتي شارك فيها أعضاء من فريق عمل الدراسة الحالية قيد الوصف؛ والتي سعت بدورها إلى تقييم قدرة استعمال الطاقة الشمسية من خلال ملف نحاسي على تحسين الجو الًصّغري للدفيئات، بالاعتماد على مقارنة بين نفس الدفيئتين المستعملتين في الدراسة قيد النقاش، واستنتجت بأن هذا النظام أدى إلى ارتفاع درجة حرارة الدفيئة المجهزة به خلال الليل ب4 درجات سيلسيوز، ونقص في الرطوبة بنسبة 14 في المائة، فضلا عن انبعاثات منخفضة لغازCO2؛ إلا أنها ركزت فقط على مآثر النظام تجاه الجو الصّغري لداخل الدفيئة، في حين سعت الدراسة المنشورة حديثا إلى دراسة تأثيره على إنتاجية المحاصيل، وبالخصوص فاكهة الفراولة.