قال الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، إننا "نعيش اليوم في عالم متحرك حيث لا حدود أمام حركة الأموال والمعاملات التجارية، وإذا كان هذا الوضع نتيجة طبيعية لمستوى النمو الاقتصادي العالمي باعتباره إحدى تجليات العولمة، فإنه بالمقابل تزامن مع ظواهر إجرامية خطيرة يستغل فيها المجرمون ما تتيحه وسائل التجارة والمال والأعمال والتكنولوجيا الحديثة من إمكانيات هائلة لارتكاب الجرائم وتمويل أنشطة إجرامية أخرى وعلى رأسها غسل الأموال".
وأضاف الداكي في كلمته بمناسبة الندوة الوطنية حول موضوع التحقيق المالي الموازي في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب على ضوء مستجدات القانون رقم 12-18، اليوم الأربعاء، أن "تكوين وتأهيل الموارد البشرية المكلفة بمحاربة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرٍهاب يكتسي أهمية بالغة في مسار تطويق هذه الظواهر الإجرامية خاصة على مستوى تنمية قدرات الأجهزة المكلفة بالبحث والتحقيق في هذه الجرائم".
وأوضح المتحدث ذاته، أن "التحقيقات المالية الموازية ومدى نجاحها في الوصول إلى تحقيق الهدف الأساسي منها والمتمثل في مصادرة متحصلات الجريمة تعتبر معيارا مهما يتحدد على أساسه مدى التزام الدولة بمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإٍرهاب وفقا لمعايير مجموعة العمل المالي، ويعتبر ذلك عاملا حاسما في تقييمها على المستوى الدولي ومن تم رفعها من قائمة الدول عالية المخاطر".
وأشار إلى أن "رئاسة النيابة العامة عملت على إيلائه أهمية بالغة من خلال التعليمات التي وجهت إلى النيابات العامة على الصعيد الوطني من خلال الدورية عدد 48 س/ ر ن ع بتاريخ 14 نونبر 2019 حيث تم حث النيابات العامة على تكليف الشرطة القضائية بإجراء الأبحاث المالية الموازية وذلك عبر جرد ممتلكات المتهمين العقارية والمنقولة وحساباتهم البنكية وعلاقة تلك الممتلكات بالجريمة بالإضافة إلى الإستعانة بمخرجات التقييم الوطني للمخاطر لتوجيه الأبحاث نحو الجرائم الأصلية ذات المخاطر المرتفعة".
وأكد أن الدورية أوصت بضرورة "طلب مساعدة الهيأة الوطنية للمعلومات المالية بشأن جميع الأدلة والمعلومات التي قد تفيد في البحث، فضلا عن تفعيل إجراءات الحجز والتجميد بمناسبة قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية مع جعلها قاصرة على الأموال ذات الصلة بالجريمة وإحترام حقوق الغير حسن النية وذلك بعد إجراء الأبحاث المالية الموازية اللازمة التي تسمح بالتحقق من قيمة الأموال ذات الصلة بالجريمة مع تقديم ملتمسات للمحكمة من أجل مصادرتها في الحالات التي يسمح بها القانون".
وأكد على أن "التعديلات التشريعية الجديدة التي جاء بها القانون 18-12 المتعلق بمكافحة غسل الأموال والمتمثلة أساسا في تعميم الإختصاص القضائي في جرائم غسل الأموال على محاكم الدار البيضاء وفاس ومراكش إلى جانب محاكم الرباط، سوف تساهم في تخفيف الضغط على هذه الأخيرة التي كان لها إختصاص وطني، كما سوف يكون لها دور فعال في تحسين وثيرة البحث وجودتها في الملفات وتحقيق النجاعة القضائية في معالجة مختلف القضايا المرتبطة بغسل الأموال".
ولفت إلى أن "التعديلات التشريعية والآليات المؤسساتية وإن كانت ضرورية، إلا أنها غير كافية لوحدها للحد من المخاطر المستجدة لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والكشف عن مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، ذلك أن الواقع الحالي يفرض بذل مجهودات ملموسة على مستوى تأهيل وتطوير كفاءات ومهارات مختلف الفاعلين في هذا المجال، لاسيما أجهزة إنفاذ القانون المكلفة بإنجاز الأبحاث والتحقيقات بخصوصها".