وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة. لكنها أعلنت مقاطعة ورشة العمل المقررة الثلاثاء والأربعاء في العاصمة البحرينية والمخصصة لبحث الشق الاقتصادي من خطة سلام أميركية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويقضي الشق الاقتصادي من الخطة التي صاغها مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر بجمع أكثر من خمسين مليار دولار من الاستثمارات يستفيد منها الشعب الفلسطيني وتوزع على الأراضي الفلسطينية ودول أخرى، واستحداث مليون وظيفة للفلسطينيين خلال عشر سنوات.
وتدعو الخطة إلى استثمارات ضخمة من أجل تحسين إنتاج الكهرباء وإمدادات مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي في الأراضي الفلسطينية في ظل تردي الخدمات الأساسية.
في مخزن ضخم متاخم لمصنع للأغذية في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، تتكدس مئات الصناديق الممتلئة بالبسكويت بعد تعذر تسويقها في السوق المحلي بسبب الأزمة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، بحسب مسؤولين في المصنع.
ويقول مدير الإنتاج في المصنع مجد سنقرط لوكالة فرانس برس "تأثر الإنتاج سلبا بالطبع بسبب الوضع الاقتصادي المتردي للسلطة الفلسطينية وللفلسطينيين عموما".
وجمدت القيادة الفلسطينية اتصالاتها الرسمية مع الإدارة الأميركية في ديسمبر 2017 عقب إعلان واشنطن نقل سفارتها إلى القدس.
من جهة أخرى، أعلنت إسرائيل اقتطاع جزء من أموال "المقاصة" أو الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، متحججة بأن السلطة الفلسطينية تدفع هذه المبالغ لأسر المعتقلين في إسرائيل.
وساهم كل ذلك في تعميق الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، ما دفعها إلى تقليص رواتب حوالى 135 ألف موظف (عدد العاملين في القطاع الحكومي) إلى النصف.
ويقول سنقرط "كانت الشركة تنتج يوميا 450 ألف حبة، لكن حصول الموظف على نصف راتب أثر بالتأكيد على قدرته الشرائية من علبتين إلى علبة واحدة فقط أو لا يشتري نهائيا".
ويقول رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات سنقرط مازن سنقرط لوكالة فرانس برس "بلا شك، الوضع الاقتصادي الفلسطيني العام تأثر بعدما كانت الولايات المتحدة الأميركية الداعم الرئيسي لخزينة السلطة الفلسطينية ووكالة الغوث"، في إشارة إلى وقف واشنطن أيضا مساهمتها في تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (انروا).
ويعاني الناتج المحلي الفلسطيني الإجمالي من انخفاض بلغت نسبته في قطاع غزة 8 في المئة العام 2018، في حين شهدت الضفة الغربية نموا طفيفا وفقا للبنك الدولي.
ووجهت الإدارة الأميركية دعوات لرجال أعمال فلسطينيين للمشاركة في ورشة عمل المنامة، وأعلن غالبيتهم رفضهم الدعوة.
ويقول مازن سنقرط إنه دعي للمشاركة في الورشة كمتحدث، لكنه اعتذر. "لا أشعر بالارتياح لهذه الورشة التي تأتي في ظروف صعبة وغامضة، ولا يستبدل المال بكرامة شعبنا وقضيتنا العادلة".
وأعلن الإثنين في رام الله عن مبادرة قدمها رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري بمشاركة 25 رجل أعمال فلسطيني، تهدف إلى جمع حوالى 210 مليون دولار لتقديمها كقرض للسلطة الفلسطينية بفائدة ثلاثة في المئة بغية مساعدتها على تجاوز أزمتها.
وقال الرئيس الفلسطينية محمود عباس الأحد إن "مشروع المنامة هو من أجل قضايا اقتصادية، ونحن بحاجة الى الاقتصاد والمال والمساعدات، لكن قبل كل شيء هناك حل سياسي، وعندما نطبق حل الدولتين ودولة فلسطينية على حدود 67 بحسب قرارات الشرعية الدولية، عندها نقول للعالم ساعدونا".
ويقول المحاضر الفلسطيني في موضوع الاقتصاد نصر عبد الكريم لوكالة فرانس برس إن ورشة المنامة "محاولة لفكرة تستهدف تجنب الشق السياسي والتركيز على الاقتصاد الذي قد يقود إلى الازدهار ومن ثم إلى السلام".
ويضيف عبد الكريم "القطاع الخاص الفلسطيني أعلن أنه لن يشارك في هذه الورشة، (...) وهذا ناجم عن شعوره بأن تكلفة المشاركة ستكون عالية".
ويشير الى إن بعض الاقتصاديين الفلسطينيين لهم علاقات اقتصادية مع إسرائيل، "لكن بسبب عدم وجود غطاء سياسي لمشاركتهم في المنامة، فلن يشاركوا بسبب التكلفة العالية التي سيتكبدونها".
ويرى أن هناك محاولات لتضخيم ورشة المنامة، متوقعا "ألا تفضي الورشة إلى مبادرات اقتصادية جدية تسهم في الدفع نحو حل سياسي".
ويقول مازن سنقرط "موضوعنا مع إسرائيل سياسي وهذا واضح لنا ولإسرائيل وللعالم أجمع".
ويضيف "السياسة والاقتصاد في مفهوم العلاقة التشابكية مع إسرائيل وجهان لعملة واحدة، لكن لا يجوز أن تكون العربة قبل الحصان، لأن الحصان هو الذي يقود العربة بالاتجاه الصحيح، والحل السياسي هو الأساس لأي نمو اقتصادي في المنطقة".