رغم قرار المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، تعليق المراقبة الصحية للحوم في المجازر التي لا تتوفر على شروط السلامة الصحية، وتأكيد الهيئة الوطنية للبياطرة في المغرب على وجود ثمانية مجازر للحوم الحمراء فقط تحترم دفتر التحملات، والدورية المشتركة التي صدرت عام 2012 بين وزيري الفلاحة والصيد البحري والداخلية، إلا أن عدداً كبيراً من المجازز تستمر في اخراج اللحوم الحمراء للبيع في الأسواق.
قرار مكتب "أونسا" والبياطرة أثار مخاوف وتساؤلات لدى المستهلكين المغاربة، فإذا كان عدد المجازر التي تحترم المعايير الصحية لا يتجاوز ثمانية فقط، من أين تأتي باقي اللحوم الحمراء؟ ولماذا تستمر عمليات تزويد الأسواق الصغرى والأسواق الأسبوعية بالذبيحة يومياً؟ وهل اللحوم التي تباع منذ اتخاذ القرار تخضع لعملية المراقبة أم لا؟
رئيس الهيئة الوطنية للأطباء البياطرة بالمغرب بدر وزاني أوضح، في تصريح لـ"تيل كيل عربي" اليوم الجمعة، أن "البياطرة قرروا منذ مدة الإمساك عن المراقبة الصحية للحوم الحمراء في أغلب المجازر بالمغرب، إلى حين إعادة تأهيلها لكي تستجيب للمعايير الصحية الواجبة، لكن هذا القرار يجد صعوبات في التنفيذ بحكم أن عدد المجازر التي تتوفر على جميع شروط السلامة الصحية قليل جداً".
وأضاف المتحدث ذاته أنه "باستثناء إقليم الجديدة الذي منع فيه بشكل قاطع مراقبة اللحوم وختمها من طرف الأطباء البياطرة داخل مجازر الأسواق الأسبوعية والأسواق الصغرى، عمليات المراقبة مستمرة في باقي الأقاليم، وعمل البياطرة المعتمدين من طرف مكتب (أونسا) مستمر".
وقال رئيس الهيئة الوطنية للأطباء البياطرة بالمغرب إن "المجاز مطالبة بتأهيل أماكن ذبح الحيوانات، وهذا الإجراء يعتبر تنبيها أخيراً لها من أجل احترام دفتر التحملات والدورية المشتركة لوزير الفلاحة والصيد البجري ووزير الداخلية الصادرة عام 2012".
وعن المهلة التي منحت للجهات المسؤولة عن المجازر التي وضعت في خانة عدم احترام شروط السلامة الصحية، أجاب بدر وزاني بأن "المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وضع سقف نهاية العام 2019 لتأهيل المجازر، بعد تقييم لها أجري خلال العام الماضي والعام الحالي".
وعن شروط السلامة الصحية التي يجب احترامها داخل المجازر وما هي المعايير التي تمنحها صلاحية استمرار الذبح داخلها، قال رئيس الهيئة الوطنية للأطباء البياطرة بالمغرب إن "المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وضع دفتراً للتحملات يجب احترامه، وأهم ما يحمله هو توفر المجازر على فضاءين منفصلين؛ الأول خاص بالذبح والثاني خاص بعرض اللحوم، فضلا عن ضرورة تواجد مبرد، لأن الذبيحة يجب أن تخضع للتبريد قبل نقلها".
"كما يجب أن تتوفر المجازر على فضاء آخر منفصل تبيت فيه الحيونات ليلة كاملة، بعيداً عن العلف ويجب أن تشرب الماء فقط، لكي تخضع للمراقبة والفحص البيطري قبل اتخاذ قرار ذبحها"، يضيف المتحدث ذاته، ويشير إلى أنه "في عدد من المجازر تساق المواشي من الأسواق إلى الذبح مباشرة، وبعد ذلك يطلب من البيطري القيام بمهمته، وهذا الأمر يجب القطع معه تماماً".
وتابع المتحدث ذاته أن "البيطري قد يطلب حجز الذبيحة لـ12 ساعة، وهذا ما يفرض تواجد مبرد داخل كل المجازر، ويطلب البيطري ذلك إذا رأى أنه يجب أخذ عينة من لحم الذبيحة لإجراء الخبرة عليها داخل المختبر، قبل ختمها لتسويقها".
يشار إلى ان المجلس الأعلى للحسابات أصدر، قبل عامين، تقريرا حول المجازر بعد عمليات مراقبة همت سبعين مجزرة بين 2007 و2015.
وسجل التقرير الذي دق ناقوس الخطر حول تلك المجازر عدم احترام القوانين التي تنظمها، وعدم احترام المقتضيات ذات الصلة بالمراقبة وبيع اللحوم، وعدم احترام المقتضيات التي لها علاقة بتتبع مسار الذبائح.
ولاحظ مجلس إدريس جطو إنجاز عمليات الذبح في أماكن غير ملائمة، وعدم مطابقة المساطر والتجهيزات للمعايير الواجهة، مشددا على غياب المعالجة المنظمة والصحية للمنتجات الفرعية، وعدم توفر غرف للتبريد.
غير أن المعلومة التي دقت ناقوس الخطر في التقرير هي تلك التي تشير إلى أن 250 ألف طن من اللحوم الحمراء تأتي من مذابح غير مراقبة وسرية، من بين إنتاج سنويا يصل إلى 550 ألف طن.