رومات: المغرب بحاجة إلى إطار قانوني واستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي

محمد فرنان

دعت خبيرة العلاقات الدولية والذكاء الاصطناعي، فاطمة رومات، في لقاء علمي نظم برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول (جامعة ابن زهر أكادير)، زوال أمس الخميس، إلى "حوكمة الذكاء الاصطناعي من أجل تبني مقاربة تشاركية من طرف الحكومة، لضمان إشراك كل الفاعلين، وكل المجالات، وكل الحقول العلمية، بدل الاعتماد فقط على التقنيين".

ونادت رومات، في مداخلتها، إلى "ضرورة تنزيل التوصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي الصادرة عن اليونسكو، ووضع إطار قانوني واستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي".

وأكدت أن "الإطار القانوني سيكون من أجل تعزيز استفادة المغرب من الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، من التعليم والبحث العلمي إلى الزراعة والصناعة والدبلوماسية والمجال العسكري، وتمكينه من التقليل من مخاطره، وأيضا ضمان مكانة جيدة للمغرب كرائد في هذا المجال على مستوى القارة الإفريقية".

اللقاء العلمي نظم من طرف كلية الحقوق بأيت ملول، ومختبر الدراسات القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وماستر قانون الأعمال وآليات تسوية المنازعات، وماستر المهن القانونية والقضائية، بشراكة مع المركز المغربي للاقتصاد التشاركي.

وأشارت أستاذة العلاقات الدولية بكلية الحقوق أكدال، إلى أن "المغرب شارك بفعالية في تقنين الذكاء الاصطناعي على المستوى الدولي من خلال مساهمته في صياغة التوصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ومشاركته في بلورة القرار الأممي حول الذكاء الاصطناعي وأهداف التنمية المستدامة".

وأبرزت أن المغرب "تأخر في تنزيل توصية اليونسكو على مستوى السياسات العمومية"، كما سجلت غياب إطار قانوني وطني للذكاء الاصطناعي، وذلك بسبب المقاربة التقليدية المتجاوزة التي اعتمدتها وزارة الانتقال الرقمي، حيث لم تتبن المقاربة التشاركية ولم تنفتح على كل الفاعلين ومختلف الحقول المعرفية، مقتصرة على الجانب التقني المحض، الذي رغم أهميته في تشجيع الابتكار والاختراع، يجب أن يرافقه انفتاح على باقي الحقول العلمية لفهم التأثيرات الإيجابية والسلبية للذكاء الاصطناعي وطرح حلول لكل التحديات أو المخاطر التي يطرحها".

من جانب آخر، ركزت رئيسة المعهد الدولي للبحث العلمي على الذكاء الاصطناعي واستعمالاته في العمليات العسكرية، وإشكاليات تطبيق القانون الدولي الإنساني، وضرورة التفكير في آلية دولية تعاقدية لحظر الأسلحة الذاتية التشغيل، مع مراعاة ما يمكن أن تؤول إليه الحرب في أوكرانيا التي اعتبرتها حربا عالمية ثالثة".

ولفتت الانتباه إلى أن "روسيا هي أول قوة عسكرية، بحسب التصنيف الأخير للقوى العسكرية في العالم الصادر هذه السنة، متبوعة بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم الصين"، مشيرة إلى أن "ما يقع بين روسيا وأوكرانيا يمثل حربا عالمية ثالثة".

ورأت فاطمة رومات أن "مراقبة مستوى الاستقلالية بالنسبة للأنظمة الذكية ضرورة ملحة، وأن التهديد الذي يتربص بالإنسانية نتيجة تطور الروبوتات المستقلة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي يتجه نحو اكتسابها الوعي والتعرف على الذات والتعاطف مع البشر بداية سنة 2030، وفقا لما أورده عدد من المستشرفين في هذا المجال".

وأضافت الخبيرة أن هذه الروبوتات "لن تحتاج إلى أن تكون مبرمجة بل يمكنها أن تتعلم بنفسها بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، مع احتمال تفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري، لا سيما مع الاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعي التوليدي لتوليد الأفكار، مما قد يؤدي إلى تراجع الإبداع البشري مقابل تفوق الذكاء الاصطناعي".

وأشارت إلى أن "من بين المؤشرات على ذلك الجمود الذي يعرفه التطور العلمي رغم ارتفاع إنتاج المعرفة ووفرتها، مما أدى أيضا إلى ظهور ما يعرف بالعلم المزيف وانتشار التفاهة".

وحضر اللقاء العلمي عدد من الفاعلين الأكاديميين، بينهم نائب عميد كلية الحقوق بأيت ملول، رضوان الصياد، والأستاذ الباحث هشام البخفاوي، وعلي منينو، منسق ماستر المهن القانونية والقضائية، وعماد أيت سي علي، رئيس المركز المغربي للاقتصاد التشاركي، وإبراهيم أمنار، رئيس شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق أيت ملول.