استقبل رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العالمي، بمقر المجلس في الرباط، رئيسة "حزب القوة الشعبية" بالبيرو، كيكو فوجيموري.
ووفقا لبيان صادر عن مجلس النواب، تقوم رئيسة الحزب بزيارة عمل للمملكة المغربية، وأكدت دعم حزبها للوحدة الترابية للمملكة المغربية ولسيادتها على مجموع ترابها.
في هذا السياق، أفاد رشيد لبكر، رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، في تصريح لموقع "تيلكيل عربي" بأن هذا الموقف هو تأكيد لمواقف حزبها "القوة الشعبية" الداعمة لقضية المغرب، وأبرز أن أهمية هذا الموقف تتجلى في كونه صادرا عن هذا الحزب الذي يعد من أبرز القوى السياسية بجمهورية البيرو".
وأوضح لبكر، قائلا: "لا ننسى أنه يرأس لجنة الشؤون الخارجية بالكونغريس البيروفي، وله تأثير بالغ على القرار السياسي بهذا البلد الصديق، وبسبب هذا التأثير، لم تجد هذه المسؤولة البرلمانية حرجا في التصريح لوسائل الإعلام المغربية بأن عددا من المجموعات السياسية ببلادها، اعتمدت قرارات تدعم مبادرة الحكم الذاتي كحل سلمي للنزاع في الصراع حول الصحراء، مؤكدة أيضا أن الحكومة البيروفية كانت قد اتخذت، خلال تسعينيات القرن الماضي، قرارا "واضحا جدا" بدعم سيادة المملكة على الأقاليم الجنوبية".
وعبر عن رأيه قائلا: "هذه الزيارة، وما رافقها من تصريحات ودية، لا تعكس في الحقيقة موقفا جديدا للبيرو، بقدر ما تؤشر على تأكيد لموقف هذا البلد وقواه السياسية الحية بشأن مغربية الصحراء، وهذا شيء مهم جدا، على اعتبار أن دول أمريكا اللاتينية عموما، كانت دائما تشكل الواجهة الخلفية لتحركات البوليساريو ومجال نشاطها الحيوي، مستغلة المزاج الثوري لهذه البلدان للترويج لأطروحة المظلومية والاستعمار".
وأضاف لبكر أنه "في ظل غياب آلتنا الدبلوماسية لسنوات عديدة عن هذا الفضاء، فقد استطاعت الشرذمة الانفصالية كسب عطف عدد من أنظمة هذه الدول التي أغدقت عليها بالدعم والتمويل، حتى أصبحت منطقة نفوذها الرئيسية، لكن في ظل سياسات الانفتاح الجديدة التي رسمها المغرب لعلاقاته الخارجية، استطاع أن يخترق المجال الحيوي للبوليساريو، لإعطاء رواية أخرى لمسببات النزاع، ومن ثم توضيح الرؤى وكشف ستار الحقيقة، والكشف عن فرص التعاون الحقيقي والمثمر للجانبين".
وتابع البكر قائلا: "فكانت النتيجة أن العديد من بلدان هذه القارة سحبت اعترافها بالبوليساريو، والبعض الآخر جمد أو علق علاقاته معها، في حين سعت الغالبية إلى دعم مبادرة الحكم الذاتي، وأبدت استعدادا لفتح علاقات دبلوماسية جديدة مع المغرب، مبنية على منطق الاحترام والتعاون وتبادل المصالح، ولعل هذا هو الإطار الذي تندرج فيه هذه الزيارة المهمة والمدخل الصحيح لقراءة أبعادها".
وفي تعليقه على سؤال: إلى أي حد يمكن أن يشكل تبادل الزيارات بين الفاعلين السياسيين في الجنوب العالمي، كما هو الحال بين المغرب والبيرو، رافعة لتعزيز التعاون جنوب-جنوب في مجالات التنمية والدبلوماسية؟ قال لبكر: اختار المغرب خلال العشرية الأخيرة تنويع شركائه والانفتاح على مناطق نفوذ جديدة ودعم الشراكات في المحور الأفقي جنوب/ جنوب، لاقتحام أسواق تجارية جديدة أولا، وثانيا، لجلب انتباه المستثمرين في هذه البلدان إلى الإمكانات الواعدة التي يبشر بها اقتصاده الواقع في مناطق جذب عالمية".
واستطرد قائلا: ثم فتح ملفات التعاون في كل القضايا الإنسانية والاجتماعية والثقافية والمناخية والغذائية والطاقية، ومنها الترويج لثقافته المحلية ولرؤيته السياسية في كل القضايا الدولية التي تشغل العالم، ومنها قضيته الوطنية، لاسيما أنه عانى كثيرا من سياسة الكرسي الفارغ التي استغلها خصومنا طويلا لنشر الأكاذيب والترويج للمغالطات".
وأفاد لبكر بأن فتح باب الزيارات مع هذه البلدان، يعد من النجاحات المعترف بها للسياسة الخارجية في السنوت الأخيرة، ولا شك أنه سيكون رافعة أساسية لتمتين أواصر التعاون بين دول أمريكا اللاتينية، في كل المجالات، وليس فقط، التنموية والدبلوماسية، إذ باعتبار انتمائنا جميعا لمحور دول الجنوب، فأكيد أن همومنا واحدة، ولدينا العديد من الانشغالات المشتركة، كالغذاء والدواء والطاقة والمناخ وغيره".
في سياق متصل، قال لبكر، إنه وجب الاتفاق على أن تفعيل الآلة الدبلوماسية واحدة من المهام الدستورية للبرلمان، فالدستور المغربي، تكلم عن الدبلوماسية الموازية واعترف بها كآلية للدفاع عن المصالح الحيوية للبلاد ولمد جسور التعاون مع برلمانات العالم من أجل الترويج لقضايانا الوطنية والتعريف بحقيقتها، ومعلوم أن البرلمان في المغرب، كما في دول العالم، من المؤسسات الدولية الرفيعة، التي تسهم في صناعة قرارات هذه الدول وبناء مواقفها والتأثير على هذه المواقف كذلك".
وذكر لبكر أن فتح مثل هذه النوافذ على البلدان التي كانت منفلتة عن دائرة نفوذنا الديبلوماسي، سيؤدي، بلا أدنى شك، إلى فهم حقيقي موضوعي لأسباب النزاع، وتوسيع قاعدة الدول الداعمة للوحدة الترابية، ومن هنا، ندعو البرلمان المغربي بغرفتيه، إلى تحمل مسؤولياته في هذا الاتجاه، وأن يكون صاحب المبادرة والمآزر الفعلي للآلة الديبلوماسية والملهم لها، فخصومنا اشتغلوا كثيرا في أمريكا اللاتينية، وكسبوا، على امتداد سنوات، مساحات نفوذ كبيرة في هذه الدول".
واسترسل المتحدث قائلا: "الوضع الحالي يتطلب منا مضاعفة الجهد لتدارك سنوات هذا الغياب وملء ما تركه من بياضات، لاسيما أن هناك الآن استعدادا وقبولا من هذه الدول للانفتاح على روايات أخرى، بعدما أعيتها سرديات البوليساريو دون أن تحرز تقدما ملموسا في مطالبها، بل العكس هو الحاصل، إذ ترى أن دائرة المتعاطين معها ما تفتأ تضيق يوما بعد آخر، وهذا ما يشكل فرصة لنا، يجب الاجتهاد في استغلالها، بسرعة وذكاء، على كل الواجهات".
واختتم حديثه قائلا: "أما بخصوص السؤال عن التقلبات المسجلة في المواقف الرسمية لدولة أمريكا اللاتينية، فأعتقد أن الأمور تغيرت كثيرا، كما أن المعطيات الرقمية المؤكدة لازدياد عدد الدول الداعمة للوحدة الترابية، لن تساعد في التأثير السلبي على مواقف هذه البلدان مستقبلا، وفي ظني، إن تقلب المواقف كان يمليه الغياب الرسمي وسياسة الكرسي الفارغ، وهذا هو الأمر الذي لم يعد مقبولا في الفترة الراهنة، لكن على أساس التحلي بمزيد من اليقظة والانتباه والحضور، وكذا اللعب عبر كل الواجهات، الرسمية منها والموازية، إذ الطبيعة لا تقبل الفراغ".