أثار مقترح رسمي وجهه المعهد المغربي لحقوق الإنسان إلى المجلس الجماعي لأكادير، شهر ماي الماضي، موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن دعا إلى إطلاق أسماء شخصيات يهودية مغربية على عدد من المرافق العمومية بالمدينة، من بينها متحف ومركب ثقافي، وشوارع كبرى، من ضمنها شارع علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد، اللذين يُعتبران أبرز رموز الحركة الوطنية بالمغرب.
ويستند المقترح، الذي وُجه إلى رئيس المجلس الجماعي للمدينة، عزيز أخنوش، إلى ديباجة الدستور المغربي التي تنص على اعتبار المكون العبري جزءا لا يتجزأ من الهوية الوطنية، وإلى قرار سابق للمجلس يقضي بإشراك السكان في اختيار أسماء الفضاءات والتجهيزات العمومية.
وأشار المعهد، في مراسلته، إلى أنه لا يوجد إلى اليوم أي تجهيز عمومي بمدينة أكادير يحمل اسم شخصية يهودية مغربية، معتبرا أن هذا الغياب الرمزي لا ينسجم مع التاريخ المتنوع للمدينة؛ حيث دعا إلى تداركه من خلال مبادرات رمزية تعكس التعدد الثقافي والديني الذي يميز هوية أكادير.
وتضمنت المراسلة اقتراح تسمية متحف إعادة إعمار أكادير باسم أورنا بعزيز، الناجية من زلزال سنة 1960، ومؤلفة كتاب مرجعي حول هذه الكارثة، إلى جانب اقتراح إطلاق اسم الفنانة المغربية نيتا الكيام على المركب الثقافي بحي الداخلة.
كما أوصى المعهد بتغيير اسم شارع علال الفاسي إلى شارع سيمون ليفي، وهو فاعل سياسي واقتصادي راحل كان يحظى بتقدير كبير من سكان المدينة، بالإضافة إلى اقتراح تغيير اسم شارع عبد الرحيم بوعبيد إلى شارع خليفة بن ملكا، الحاخام اليهودي البارز المدفون بمقبرة الحي القديم إحشاش.
وأكد المعهد المغربي لحقوق الإنسان أن هذه الخطوة تروم إعادة الاعتبار لذاكرة المواطنين المغاربة من أصول يهودية، وتعزيز حضورهم الرمزي في النسيج الثقافي للمدينة، بما ينسجم مع مقتضيات الدستور وخطاب التعدد الذي يميز الهوية المغربية. غير أن المقترح قوبل برفض واسع من طرف عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن تغيير أسماء شوارع تحمل رمزية وطنية يتجاوز حدود الإنصاف الرمزي ويمس بالذاكرة الجماعية للمغاربة، مطالبين بالإبقاء على أسماء مثل عبد الرحيم بوعبيد وعلال الفاسي لما تمثله من حمولة وطنية وتاريخية.
وفي ظل الجدل المتصاعد، لم يصدر بعد أي رد رسمي عن المجلس الجماعي لأكادير بشأن ما إذا كان سيتم اعتماد المقترحات الواردة في المراسلة، أو إخضاعها لتشاور موسع مع الفاعلين المحليين وسكان المدينة.