أعلنت إيران السبت بدء تشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة من شأنها زيادة مخزونها من اليورانيوم المخص ب، في تخفيض جديد لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ما يثير قلق الأسرة الدولية.
لكن طهران شددت في الوقت نفسه على أنها ستواصل الس٩ماح لمفتشي الأمم المتحدة بالكشف على برنامجها النووي، وذلك قبل زيارة للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية كورنيل فيروتا إلى إيران.
وعرض المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي بشكل مفصل السبت تدابير المرحلة الجديدة من خطة خفض التعهدات التي قطعتها إيران بموجب الاتفاق الدولي حول ملفها النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015 في فيينا.
وهذه ثالث مرحلة من الإستراتيجية التي اعتمدتها إيران منذ أيار/مايو ردا على قرار الولايات المتحدة الانسحاب بشكل أحادي من الاتفاق.
وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء بدء المرحلة الثالثة من هذه الخطة، مصدرا تعليمات بالتخلي عن كل القيود المفروضة على البحث والتطوير في المجال النووي.
وقال كمالوندي أمام الصحافيين إنه تم تشغيل عشرين جهاز طرد مركزي من طراز "آي آر-4" وعشرين جهازا من طراز "آي آر-6" الجمعة، في حين أن الاتفاق لا يجيز لإيران تخصيب اليورانيوم سوى بواسطة أجهزة من الجيل الأول "آي آر-1".
وأوضح المتحدث أن أجهزة الطرد المركزي هذه من الجيل الرابع والسادس "ستساهم في زيادة مخزون (اليورانيوم المخصب) فضلا عن استخدامها لأهداف البحث والتطوير".
وأشار كمالوندي إلى أن "طاقة هذه الأجهزة تفوق بعدة مرات طاقة" أجهزة الطرد المركزي القديمة.
وعلق وزير الدفاع الأميركي مارك إيسبر من باريس على القرار الإيراني معلنا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي "إنهم ينتهكون (الاتفاق النووي) أصلا، انتهكوا اتفاقية منع الانتشار على مدى سنوات، وبالتالي هذه ليست مفاجأة".
من جانبها، اعلنت بارلي "لا يسعنا سوى التأكيد على هدفنا: إعادة إيران إلى الالتزام باتفاق فيينا. سنواصل الدفع في هذا الاتجاه".
وفي لندن، اعلنت الخارجية البريطانية أن القرار الإيراني "مخيب للغاية في وقت نسعى مع شركائنا الأوروبيين والدوليين لنزع فتيل الأزمة مع إيران".
لكن كمالوندي شدد في المقابل على تمسك إيران بالمستوى ذاته من "الشفافية" حول أنشطتها.
ووافقت إيران بموجب اتفاق فيينا على الخضوع لنظام مراقبة هو الأشد الذي طبقته الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى الآن، ويشكل عنصرا أساسيا من الاتفاق بين إيران والدول الست (الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا).
وقال كمالوندي "في ما يتعلق برقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووصولها (إلى المنشآت) (...) فسيتم الالتزام بالتعهدات كما في السابق".
ومن المفترض أن تسرع الأجهزة الجديدة إنتاج اليورانيوم المخصب وأن تزيد مخزون إيران الذي تخطى منذ يوليو حد 300 كلغ التي نص عليها اتفاق فيينا.
والاتفاق مهدد بالانهيار منذ انسحاب ترامب منه في مايو 2018.
وفي أعقاب انسحابها، أعادت واشنطن فرض عقوبات اقتصادية على طهران تشددها تدريجيا، عملا بسياسة فرض "ضغوط قصوى" تهدف إلى إرغام طهران على معاودة التفاوض على اتفاق يقدم بحسب ترامب ضمانات أفضل.
والعقوبات الأميركية تحرم إيران من جني الفوائد الاقتصادية المرتقبة من الاتفاق الذي نص على رفع قسم من العقوبات الدولية التي كانت تعزل إيران منذ سنوات، لقاء الحد بشكل كبير من برنامجها النووي لمنعها من امتلاك السلاح النووي.
وتعتزم طهران التي تنفي على الدوام السعي لحيازة القنبلة النووية، من خلال خفض التزاماتها حمل الدول الأخرى الأطراف في الاتفاق على مساعدتها في الالتفاف على العقوبات الأميركية ولا سيما تلك التي تحرمها من تصدير نفطها.
وزادت طهران منذ أيار/مايو مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما فوق الحد الأقصى المنصوص عليه في الاتفاق وعاودت التخصيب بنسبة 4,5%، وهي نسبة أعلى من الحد الأقصى المفروض عليها (3,67%) لكنه أدنى بكثير من عتبة الاستخدامات العسكرية.
وقال كمالوندي السبت إن إيران لا تعتزم في الوقت الحاضر التخصيب بنسبة أعلى من 4,5% موضحا "لسنا بحاجة حاليا للتخصيب بنسبة 20%، وإذا شعرنا بهذه الحاجة في وقت من الأوقات، سنبدأ بزيادة مخزوننا (من اليورانيوم المخصب) بنسبة 4,5%".
واعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجمعة "غير مقبول" تراجع إيران عن التزامات إضافية، فيما دعا الاتحاد الأوروبي طهران الأربعاء إلى "التراجع" عن قرارها.
وتضاعف الدول الأوروبية الثلاث المشاركة في الاتفاق وفي طليعتها فرنسا الجهود الدبلوماسية لإنقاذ الاتفاق من الانهيار التام وخفض حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة، الذي لا يزال على أشد ه بعدما وصل إلى شفير مواجهة مسلحة في يونيو.
لكن المشروع الذي تم بحثه في الأيام الماضية بمنح إيران خط اعتماد بقيمة 13,5 مليار يورو للسماح لها بمعاودة تطبيق الاتفاق بالكامل، يصطدم برفض واشنطن تخفيف العقوبات.
ويصل كورنيل فيروتا مساء السبت إلى طهران حيث يلتقي الأحد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي ووزير الخارجية محمد جواد ظريف.