شقير لـ"تيلكيل عربي": فرنسا تهدف لاستخدام المغرب كبوابة استراتيجية لإعادة توجيه استثماراتها نحو القارة الإفريقية

خديجة قدوري

شهد القصر الملكي بالرباط، توقيع 22 اتفاقية بين المغرب وفرنسا تحت إشراف الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتأتي هذه الاتفاقيات في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تغطي مجالات متعددة تشمل التعليم، والاقتصاد، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والثقافة.

22 اتفاقية تعزز الشراكة المغربية الفرنسية

 أوضح محمد شقير، المحلل السياسي لـ"تيلكيل عربي" أن "زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي ماكرون إلى المملكة تحمل أهمية خاصة في تاريخ العلاقات الفرنسية المغربية، نظراً لبعدها الجيوستراتيجي. ويأتي ذلك في ظل تراجع النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا، مقابل توسع المغرب على الساحة الإفريقية، خاصة في دول مثل نيجيريا التي وقع معها المغرب اتفاقية لإنشاء أنبوب الغاز".

وأفاد شقير بأن "توقيع البلدين على 22 اتفاقية تشمل عدة قطاعات اقتصادية واستثمارية، كقطاع الطاقة الخضراء والسكك الحديدية، بالإضافة إلى التعاون الثقافي والتعليمي،وهو ما يمثل مرحلة جديدة لإقامة شراكة ثنائية تتجاوز المجال الوطني". موضحا أن "هذه الشراكة تهدف إلى توسيع التعاون بين المغرب وفرنسا ليشمل دولاً إفريقية أخرى، في ظل التنافس المتزايد بين القوى الكبرى لضمان مناطق نفوذ اقتصادي في القارة الإفريقية".

وأضاف المحلل السياسي أن "فرنسا تسعى من خلال هذه الاتفاقيات إلى استعادة نفوذها في القارة الإفريقية، معتبرةً المغرب بمثابة منصة لعودة الاستثمارات الفرنسية إلى دول غرب إفريقيا. كما تهدف إلى استخدام المغرب كبوابة استراتيجية لإعادة توجيه استثماراتها نحو القارة الإفريقية".

اتفاقيات جديدة تعزز الشراكة بين البلدبن

ومن جانبه، أكد حسن بلوان، الخبير في العلاقات الدولية، في حديثه لـ"تيلكيل عربي" تعليقا على الاتفاقيات التي وقعها المغرب وفرنسا أن "العلاقات المغربية الفرنسية تاريخية ومتجذرة سياسيا واقتصاديا وكذلك ثقافيا، وقد شكلت زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي مناسبة هامة لإعادة ترتيب وتطوير التعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي".

وتابع بلوان أن "فرنسا تُعدّ عملياً أحد أهم الشركاء الاقتصاديين للمغرب ضمن الفضاء الأوروبي، حيث استمرت وتيرة التبادلات التجارية بين البلدين بسلاسة، حتى مع ظهور بعض الأزمات الدبلوماسية المؤقتة. ومن خلال حجم ونوعية الوفد الرفيع الذي يرافق الرئيس الفرنسي، يتضح أن فرنسا تولي اهتماماً كبيراً لتعزيز التعاون الاقتصادي مع المغرب، وتسعى جاهدة لاستعادة نفوذها في القارة الإفريقية، والذي شهد تراجعاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة".

وأشار الخبير في العلاقات الدولية، إلى أن "الجانب الثقافي لا يقل أهمية في زيارة الرئيس الفرنسي، لما له من تأثير كبير على مجالات أخرى كالشؤون السياسية والاقتصادية والتعليمية. إذ فعلياً، يشهد الارتباط البيداغوجي بين المغرب وفرنسا تماسكاً قوياً، ويُتوقع أن يتعزز عبر الاتفاقيات الأخيرة، مما يرسخ استمرار حضور اللغة والثقافة الفرنسية في المشهد التعليمي ووسائل التواصل داخل المغرب".

واختتم حديثه قائلا "إن نجاح المغرب في تنويع شركائه الاقتصاديين والدبلوماسيين والحفاظ على توازن دقيق بين الشرق والغرب يُعدّ إنجازاً بارزاً. ورغم المكانة التي تحتلها الثقافة الفرنسية في الأوساط التعليمية المغربية، يظل المغرب ملتزماً بالسعي نحو تحقيق توازن مماثل من خلال الانفتاح على ثقافات ولغات دولية أخرى ذات تأثير، بما يخدم مصالحه الكبرى ويعزز هويته المغربية الغنية بتعدد روافدها".