تعرضت تل أبيب مساء الثلاثاء لسيل من الصواريخ التي أطلقت من غزة، في اليوم الثاني من التصعيد العنيف بين الإسرائيليين والقطاع المحاصر الذي تعرض بدوره لقصف وغارات تتسبب بدمار وبارتفاع في حصيلة الضحايا.
في الوقت نفسه، تصاعدت أيضا وتيرة التهديدات المتبادلة بين الطرفين.
ودعا مجلس الأمن الى جلسة جديدة طارئة للبحث في التطورات، بينما تخوف مبعوث الأمم المتحدة الى الشرق الأوسط من "حرب شاملة" تتجه إليها إسرائيل وحماس.
وهي المرة الأولى التي تصل الصواريخ الفلسطينية الى تل أبيب منذ 2019، ولم تكن حينها بهذه الكثافة. وقتلت امرأة قرب تل أبيب جراء سقوط صاروخ، لترتفع حصيلة القتلى في إسرائيل في القصف الصاروخي من غزة الى ثلاثة، إضافة الى 95 جريحا.
في القطاع، قتل منذ الاثنين 30 شخصا في القصف والغارات الإسرائيلية بينهم عشرة أطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس التي تسيطر على القطاع، وأصيب 203 آخرون.
ودعا المجتمع الدولي الى التهدئة لوضح حد لأخطر تصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ سنوات، جاء على خلفية مواجهات في القدس الشرقية أوقعت أكثر من 700 جريح.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان مقتضب مساء الثلاثاء "وجهت كتائب القسام ضربة صاروخية هي الأكبر لتل أبيب وضواحيها بـ130 صاروخا ، ردا على استهداف العدو للأبراج المدنية".
وأفاد مراسلو فرانس برس في مدينة غزة أن مبنى من 12 طبقة يضم مكاتب لمسؤولين في حماس دمر بالكامل في غارة إسرائيلية.
وقتلت امرأتان في وقت سابق في صاروخ على مدينة عسقلان التي أعلنت حماس أيضا إمطارها بسيل من الصواريخ مع مناطق مجاورة لها في جنوب إسرائيل.
وأعلنت السلطات الإسرائيلية تعليق الملاحة الجوية في مطار بن غوريون شرق تل أبيب.
في قطاع غزة، افاد صحافيو وكالة فرانس برس عن دمار في أبنية عدة، بينما تصاعد دخان أسود من أماكن عدة بعد غارات جوية مكثفة.
وتوعد وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس بأن الضربات الإسرائيلية على غزة "ليست سوى البداية". وقال "لا يزال هناك كثير من الاهداف في دائرة الاستهداف، هذه ليست سوى البداية".
وقال رئيس المكتب السياسي في حماس اسماعيل هنية "إذا أرادت إسرائيل التصعيد، فالمقاومة جاهزة".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أعلن أن بلاده ستكثف الهجمات على حماس.
وقال في مقطع مصو ر وزعه مكتبه "نفذ الجيش منذ الأمس مئات الهجمات على حماس والجهاد الإسلامي في غزة (...) سنكثف قوة هجماتنا". وأضاف أن حماس "ستتعرض لضربات لم تكن تتوقعها". وقال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 500 صاروخ أطلقت من غزة منذ الاثنين، مشيرا الى أن غالبية الأهداف التي قصفها في غزة تابعة لحماس.
وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي مقتل قياديين ميدانيين في سرايا القدس، الجناح العسكري للحركة، في غارة إسرائيلية الثلاثاء. وكانت حماس أعلنت الاثنين مقتل قيادي فيها في غارة إسرائيلية شمال غزة.
وبدأ التصعيد في غزة بعد تصاعد المواجهات في القدس الشرقية لا سيما في محيط المسجد الأقصى بين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية.
وحذرت كتائب القسام الاثنين إسرائيل بضرورة أن تسحب قبل السادسة مساء قواتها الأمنية من باحات المسجد الأقصى. ومع انتهاء المهلة، أطلقت فصائل فلسطينية مسلحة، وبينها حماس، وابلا من الصواريخ على جنوب الدولة العبرية وفي القدس.
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة الذي يعيش فيه قرابة مليوني شخص منذ 2007. وحصلت ثلاث حروب مدمرة منذ ذلك الوقت بين حماس وإسرائيل في 2008 و2012 و2014.
وتشهد القدس الشرقية منذ أكثر من أسبوعين مواجهات بدأت مع احتجاجات فلسطينيين على قرار قضائي بإخلاء أربعة منازل تسكنها عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين. وتتدخل الشرطة الإسرائيلية لتفريق التجمعات والتظاهرات، مستخدمة القوة والأعيرة المطاطية وقنابل الصوت، بينما يستخدم الفلسطينيون المفرقعات والحجارة. وتوسعت المواجهات الى باحات المسجد الأقصى.
ويعقد مجلس الأمن الدولي الأربعاء جلسة جديدة طارئة هي الثانية خلال ثلاثة أيام، بحسب ما ذكرت مصادر دبلوماسية الثلاثاء، للبحث في التطورات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وتعقد الجلسة الجديدة المغلقة بطلب تونس والنروج والصين. وانتهى الاثنين اجتماع أول عقد بطلب تونس، من دون صدور أي إعلان مشترك من المجلس، بسبب إحجام الولايات المتحدة عن تبني نص "في هذه المرحلة".
وحذ ر مبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط تور وينسلاند من أن العنف المتصاعد بين إسرائيل وحركة حماس سيفضي إلى "حرب شاملة". ودعا الطرفين إلى "وقف إطلاق النار فورا"، مضيفا "نحن نتجه نحو حرب شاملة. يتعين على قادة جميع الأطراف تحم ل مسؤولية وقف التصعيد".
وحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جميع الأطراف على "خفض التصعيد وتقليل التوتر واتخاذ خطوات عملية للتهدئة".
وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية نيد برايس إن "الخسائر في الأرواح في الجانب الإسرائيلي والخسائر في الأرواح في الجانب الفلسطيني هي أمر نأسف له بعمق (...) مقتل أي مدني هو أمر مؤسف للغاية، سواء كان فلسطينيا أو اسرائيليا".
وأضاف "من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها، ولكن في الوقت نفسه نأسف للمعلومات عن مقتل مدنيين ونريد ان يتوقف ذلك".
وتحدثت مصادر دبلوماسية لفرانس برس عن محاولة مصر وقطر اللتين سبق لهما التوسط في النزاعات السابقة بين إسرائيل وحماس، تهدئة التوترات.