حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأربعاء، تقويض مصداقية محاميه السابق، بعدما تلقى ضربتين ذات أبعاد قضائية، مع قيام مايكل كوهن بتوريطه مباشرة أمام محكمة عبر اعترافه بأنه دفع مبالغ مالية لامرأتين مقابل التزامهما الصمت عن علاقات مفترضة مع الرئيس.
ووجه ترامب انتقادات حادة إلى كوهن واتهمه باختلاق "قصص" للحصول على صفقة لتخفيف التهم الموجهة إليه".
ووجه كوهن ضربة سياسية موجعة لترامب، بعد أن أقر في محكمة في نيويورك يوم أمس الثلاثاء، بتهم تضمنت مساهمات غير قانونية في الحملة الانتخابية مشيرا إلى أن الرئيس كان متواطئا معه في ذلك.
وأقر كوهن أمام قاض فدرالي في قاعة محكمة مكتظة بمنطقة مانهاتن بثماني تهم موجهة إليه، من ضمنها الاحتيال الضريبي والمصرفي وانتهاك القوانين الخاصة بتمويل الحملات الانتخابية خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016.
وفي هذا السياق اعترف كوهن الذي بدا محبطا وفي بعض الأحيان متلعثما، بأنه دفع مبلغي 130 و150 ألف دولار لامرأتين تقولان إنهما أقامتا علاقة مع ترامب لقاء التزامهما الصمت، مؤكدا أن ذلك تم "بطلب من المرشح" ترامب وكان الهدف تفادي انتشار معلومات "كانت ستسيء الى المرشح".
وقال كوهن إنه تصرف "بالتنسيق مع وبتوجيهات من ترامب"، مضيفا "لقد شاركت في هذا السلوك بهدف التأثير على الانتخابات".
في الوقت ذاته تقريبا، دانت لجنة محلفين في فيرجينيا رئيس حملة ترامب السابق بول مانافورت بثماني تهم تتعلق بالضرائب والاحتيال المصرفي.
وفي أول رد فعل على اعترافات كوهن، أكد ترامب في سلسلة من التغريدات أن انتهاكات تمويل حملته "ليست جريمة".
وكتب أن "مايكل كوهن اعترف بذنبه في تهمتين تتعلقان بتمويل الحملة الانتخابية وهما ليستا جريمة"، مضيفا أن "الرئيس (السابق باراك) أوباما عانى من انتهاك تمويلي كبير لحملته الانتخابية وتمت تسوية الموضوع بسهولة".
وقارن الرئيس بين كوهين وبين مانافورت ووصفه بأنه "رجل شجاع جدا".
وأضاف الرئيس الأمريكي: "أشعر بالاستياء الشديد حيال بول مانافورت وعائلته الرائعة... على عكس مايكل كوهين فقد رفض الانكسار واختلاق القصص للتوصل إلى صفقة".
وتابع أن "عددا كبيرا من التهم، عشر، لم تستطع (هيئة المحلفين) تأكيدها في قضية بول مانفورت. مطاردة واضطهاد" في إشارة إلى التهم التي لم تتمكن هيئة المحلفين من التوصل إلى قرار بشأنها.
وواصل انتقاد محاميه السابق، قائلاً: "إذا كان أحد يبحث عن محام جيد فأنا أقترح بقوة أن لا تستعينوا بخدمات مايكل كوهن".
ويتم النظر في القضيتين المنفصلتين أمام محكمتين مختلفتين غير أن الظل نفسه يخيم فوق المحاكمتين في ألكسندريا ونيويورك، هو ظل الملياردير الذي تواجه ولايته مسائل قضائية كثيرة تكبلها إذ تطال العديد من المقربين منه وباتت تهدد بتلطيخه مباشرة.
وافاد ليني ديفيس محامي كوهن في بيان أن موكله قرر "قول الحقيقة بشأن دونالد ترامب" و"شهد تحت القسم" بأن الرئيس الأميركي "طلب منه ارتكاب جريمة". وتساءل "إن كان تسديد هذين المبلغين يعتبر جريمة ارتكبها مايكل كوهن، فلم لا يشكل جريمة لدونالد ترامب؟"
وتعاقب التهم الموجهة إلى مايكل كوهن (51 عاما) بالسجن لفترة إجمالية يمكن أن تصل إلى 65 عاما وسيصدر الحكم بحقه في 12 دجنبر وسيكون على الأرجح مخففا بعدما الإقرار بالذنب والاعتراف.
وقال المدعي العام الفدرالي في مانهاتن روبرت خزامي لدى خروجه من المحكمة: "إنها اتهامات في غاية الخطورة تنم عن طريقة عمل قائمة على الكذب وقلة النزاهة استمرت لفترة طويلة من الوقت".
وتتضمن ادانة مانافورت رمزية كبرى لأنها تختتم أول محاكمة ناجمة عن التحقيق في الملف الروسي، وهو تحقيق يزداد تشعبا يجريه المدعي الخاص روبرت مولر حول تدخل روسيا في حملة الانتخابات الأميركية الأخيرة والشبهات بتواطؤ فريق حملة ترامب مع الكرملين بهذا الشأن.
وبقي مانافورت (69 عاما) صامتا عند تلاوة الحكم وقال محاميه كيفن داونينغ إن موكله يشعر بـ"خيبة أمل كبيرة" و"يدرس كل الخيارات".
وهو يواجه عقوبة قصوى تصل إلى ثمانين عاما في السجن لكن المدعي العام الفدرالي السابق جاكوب فرينكل أوضح لوكالة "فرانس برس"، أن القاضي "يمكن أن يصدر عقوبة تتراوح ما بين سبع سنوات وتسع سنوات" في حال اتبع التوجيهات الفدرالية.
لكن بمعزل عن العقوبة، فإن الإدانة تشكل بعد اسبوعين من الشهادات والمداولات التي تابعها الأميركيون بشكل مكثف، انتصارا رغم أنه غير مكتمل، للمدعي الخاص مولر وضربة للرئيس.
ولا يزال التحقيق الروسي متواصلا وقد تلقى زخما جديدا بهاتين المحاكمتين، رغم دعوات البيت الأبيض المتكررة لوضع حد له.