اعتبر الفيلسوف والمفكر المغربي، طه عبد الرحمن، في حوار أجراه مع "مركز الحضارة للدراسات والبحوث"، أن "عملية "طوفان الأقصى استئناف جديد للحضارة، وانبعاث جديد للأمة، وميلاد جديد للإنسان".
ليتني كنت شابا أقاتل معهم
وقال عبد الرحمن: "ليتني كنت شابا أقاتل معهم، هذا هو الزمان الذي يستحق الحياة، وهذه هي اللحظات التي ينبغي أن تغتنم (...). هذه هي اللحظة التي كنت أتمناها لحظة من حياتي في هذه المعركة، لكنها كانت من نصيب هذه الطائفة المختارة"، مشددا على أنه "لا معنى للوجود بدون مقاومة".
كما شبه المفكر المغربي "طوفان الأقصى" بـ"معركة الأحزاب التي خاضها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، وواجهوا فيها جيوش المشركين واليهود الذين أحاطوا بالمدينة من الخارج، والمنافقين ومرضى القلوب الذين بثوا فيها الأراجيف من الداخل".
السياسيون والمثقفون الخائنون
وأعرب طه عبد الرحمن عن "حزنه وألمه" إزاء "التخاذل الحاصل من الأمة عامة، ومثقفيها خاصة"، مؤكدا أنه "لولا التطبيع، ما أقدمت دولة الاحتلال على ما أقدمت عليه، ولو أن الدول المطبعة اتخذت موقفا، لتوقفت تلك الهجمات الإجرامية".
وبخصوص الواجب المطلوب، رأى الفيلسوف المغربي أن "الواجب في حق الأجيال الجديدة هو أضعاف الواجب الملقى على عاتق الأجيال السابقة. والسبب وراء ذلك، أن ما كان يقال، في عام 1967، هو أن اليهود عادوا إلى وطنهم، أما شباب اليوم، فلم يعيشوا لحظات الهزيمة تلك التي كان السائد فيها التّزمت والتّعصب لدولة الاحتلال، إنما يحملون تصورات جديدة مصحوبة باستعدادات مختلفة".
متى يكون لنا عقل يهزم العقل الصهيوني؟
وتابع المفكر المغربي، في نفس الحوار، أن "وعيه وهمّه السياسي بدأ مع هزيمة 1967، وحينها كان طالبا في الجامعة يميل نحو كتابة الشعر، فأحدثت هذه الحرب في نفسه زلزالا شديدا، واستولى عليه سؤال مصيري مفاده: "ما هذا العقل الذي استطاع أن يهزم العرب جميعا؟ وكيف لأمة كثيرة العدد راسخة التاريخ أن تهزم؟"؛ حيث لطالما ساوره هذا السؤال وهذه الأمنية: "متى يكون لنا عقل يهزم العقل الصهيوني؟".
وأضاف طه عبد الرحمن: "لقد حملت هذه الأسئلة، والتي هي أسئلة الزمان وأسئلة الأمة، كهموم شخصية ورهانات معرفية، ووجهت دراستي نحو المنطق والفكر، كي أتبين الآليات العقلية التي تحقق بها الانتصار الصهيوني، وأوجه الخلل والقصور التي وقعت بسببها الهزيمة العربية، ولم يزل صدى هذه الأسئلة يتضخم في نفسي، مع مرور الأيام، حتى رأيت المقاتل الفلسطيني يبدع هذا الطوفان، فرأيت بأم عيني كيف انهزم العقل الصهيوني، فشعرت، لأول مرة، بشفاء الصدر، وحصلت على إجابات تلك الأسئلة التي رابطت على ثغري المعرفي من أجل العثور عليها".
كما اعتبر الفيلسوف المغربي أن "أعظم مظهر للعقل العربي والإسلامي في العصر الحديث هو ما تجسد في طوفان الأقصى؛ حيث تجلت لهذا المقاوم إمكانيات العقل الإسلامي، فاكتشف سعته وقوته، وتجلت أمامه إمكانيات العقل الصهيوني، فاكتشف محدوديته وهشاشته، فتحمل المسؤولية العملية تجاه هذه الحقائق، فتحققت معه هذه المنجزات الفارقة، وهذا هو معنى الاصطفاء من الله تعالى".