أثار إعلان وزارة العدل، يوم الجمعة الماضي، عن نتائج الاختبارات الكتابية لامتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، دورة دجنبر 2022، والذي اجتازه ما يزيد عن 70 ألف متبار، نجح منهم 2081 متباريا فقط، استياء وجدلا كبيرين؛ حيث تمت المطالبة بإلغاء الامتحان ودخول النيابة العامة على الخط، وفتح تحقيق حول "الفساد والمحسوبية الواضحين من نتائج المباراة المعلن عنها"، نظرا لـ"وجود عدد كبير جدا من أسماء النسب المعروفة في الساحة القضائية من أبناء وحواشي المحامين والقضاة والمسؤولين".
وحسب بلاغ للمتبارين المرسبين من امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، توصل موقع "تيلكيل عربي" بنسخة منه، فإن الامتحان الكتابي عرف خرقين شكليين، فيما طالت خروقات أخرى عملية التصحيح وإعلان النتائج.
ووفق نفس المصدر، تمثّل الخرق الأول في "خرق الملف الوصفي للمباراة؛ حيث تم إقحام القانون المنظم لمهنة المحاماة، مع أن القرار الوصفي للمباراة الذي أصدره وزير العدل حدّد المواد المشمولة بالاختبار الكتابي، ولم يكن من ضمنها القانون المنظم للمهنة؛ لأن توصيف المباراة بقرار وزير العدل جعل من قانون المهنة موضوعا للاختبار في الشفوي. لكننا تفاجئنا بإقحام ما يقارب 20 سؤالا متعلقا بمحور غير معنيين به في الاختبار الكتابي".
أما الخرق الثاني، فهو أن "قرار وزير العدل تحدّث عن أن الاختبار سيكون بنظام "QCM" المحدد كالتالي، كما هو متعارف عليه دوليا: سؤال صحيح = 2+ نقط. سؤال خطأ = 1- نقطة، عدم الإجابة = 0 نقطة). لكننا تفاجئنا بنظام غريب اعتمدته وزارة العدل، بضغط من هيئات المحامين وجمعيتهم؛ حيث خرجت عن قواعد النظام، واعتمدت نظاما غريبا في التنقيط (سؤال صحيح = 1+ نقطة، سؤال خطأ = 1- نقطة".
وأوضح البلاغ أن "اعتماد هذه الوسيلة جاء لتقليص عدد المتفوقين؛ لأن أي جواب خطأ سيحتم على المتباري الإجابة على سؤالين صحيحين، حتى يتدارك السؤال الخاطئ. حسبما وصلني أن هذه الطريقة تم اعتمادها فقط، يوم السبت، في اجتماع النقابات مع المحامين، كمقابل لوقف إضرابهم عن العمل، لكنه خرق يستوجب إلغاء المباراة بقوة القانون".
وتساءل المتبارون الراسبون بخصوص الخروقات التي شهدتها عملية التصحيح وإعلان النتائج: "كيف لهيئات المحامين وجمعياتهم التي أعلنت رفضها لإعلان امتحان الأهلية، وأعلنت مقاطعتها له، أن تشارك في عملية التصحيح؟"، معتبرين أن "مشاركة هيئات المحامين في عمليات التصحيح هي غير ذي صفة وخرق كافل كي يجعل منها مباراة باطلة".
ووفق البلاغ ذاته، فإن الخرق الثاني يتجلى في كون "نسبة كبيرة من أسماء الناجحين تربطها علاقات قرابة ومصاهرة مع مسؤولين كبار في الوزارة، ومع عدد من النقباء والمحامين، وهناك أبناء عائلات كلها بأرقام متتابعة، تم إدراج أسمائهم ضمن الناجحين؛ ما يطرح أكثر من سؤال، ويستدعي تدخل جهات عليا للوقوف عند هذا الفساد الواضح للجميع".
أما الخرق الثالث، فهو أن "نسبة الناجحين في الاختبار الكتابي التي لم تتجاوز 2.55 في المائة، نتيجة كافية توضح للعموم أن هناك خللا ما في هذه المباراة، سواء من حيث طريقة وضع أسئلة الاختبار، والتي تحتمل أكثر من جواب، بدليل عجز عدد من الأساتذة الجامعيين المتخصصين والمحامين عن الإجابة عنها؛ لأنها أسئلة تحتمل أكثر من رأي، وقابلة للنقاش، ولا تقبل أن تكون أسئلة "QCM" الذي يحتم على واضعيه اتباع تقنيات معينة في وضع الأسئلة".
وختم المتبارون المرسبون بلاغهم بالتأكيد على أن "هذه المباراة صمّمت فقط، على مقاس أبناء المحامين والنقباء وكبار المسؤولين؛ ما يستدعي فتح تحقيق نزيه، سواء في شكليات المباراة والعيوب التي طالتها، أو من حيث إعلان النتائج والشكوك التي تحوم حولها، مع ترتيب كل الآثار القانونية على ذلك".