عيوش(3): الكتاتيب القرآنية كارثة تهدد الأطفال المغاربة

نور الدين عيوش
أحمد مدياني

نمر إلى المجال الذي أثرت فيه جدلا كبيرا، وهو قطاع التعليم، ونبدأ من إعجابك بالمدرسة المولوية التي تمنيت أن يستفيد جميع أبناء الشعب المغربي من نفس ظروف التدريس التي تجري فيها. ماذا يميزها بالنسبة إليك؟

(يضحك) هذه أمنية، وأنا فعلا أتمنى أن تكون مدارس أبناء الشعب الحكومية مثل المدرسة المولوية، أن يكون فيها تعليم جيد وفيها المسرح والغناء والرقص وأشياء تشبه ما يقدمه ولي العهد ورفاقه آخر السنة.

مدارسنا لا تتوفر فيها جودة التعليم.  مدير المدرسة المولوية عنده القدرة والكفاءة لذلك يحترمه الملك، وأعطاه المدرسة المولوية والأكاديمية الملكية كما يشتغل معنا في المجلس الأعلى للتعليم.

*لكن لنكن صرحاء وننطلق من الواقع. ما نتحدث عنها اسمها المدرسة المولوية، يتابع دراسته داخلها ولي العهد ورفاقه الذين سيكون لهم دور في الدولة. هل تتوقع أن تلك الإمكانيات الاستثنائية واقعياً يمكن أن تكون في جميع مدارس أبناء المغاربة؟

أنا لا أتمنى هذا فقط. واقعياً يمكن أن تكون مدراس أبناء المغاربة مثل المدرسة المولوية.

*كيف؟

مشاكل المدرسة المغربية نعرفها جيداً لكن الجميع كانوا يتجاهلونها. أعتقد اليوم، مع حصاد، أننا بدأنا نعود لمعالجة مجموعة من المشاكل، وحتى رشيد بالمختار قام ببعض الأدوار المهمة.

بالنسبة لي كانت هناك أخطاء كارثية في التعليم أعطتنا منتوج اليوم، ومن بينها التعريب دون استراتيجية، ودون توفر الموارد البشرية. وعندما أقر التعريب قمنا باستقدام أساتذة من الدول العربية (سوريا، العراق، مصر...) وهؤلاء بالنسبة لي خربوا المدرسة العمومية،  فقد تم التعامل مع المدرسة بمنطق الحفظ فقط دون الفهم.

وإذا أردت مثلا أن تتعلم لغة ما اليوم، يجب عليك أن تعتمد على الوسائل الحديثة، وهذا ما لا نتوفر عليه. وهناك أمر مهم أود أن أشير إليه، كتاتيب "المسيد" القرآن كارثة على الطفل، لأنه ما أن يلجها الطفل حتى يبدأ الفقيه في تحفيظه القرآن وآيات كبيرة على سنه تخيفه، ولا يفهمها، وتتضمن عبارات وكلمات كبيرة على سنه.

*يعني تعتبر أن "المسيد" مرحلة سيئة في حياة الطفل المغربي؟

نعم سيئة وتفسد الأطفال وتخرب ذاكرتهم وتجعلهم يحفظون دون فهم.  أنا لست ضد استمراره وتعليم الأطفال القرآن، لكن في المقابل يجب أن تتغير المنهجية، ويجب أن يبسط التفسير ليلائم سن الأطفال، وأن لا يقول لهم هناك الإسلام فقط، بل هناك ديانات أخرى، ويجب أن يعرفوا أن هناك المسيحية واليهودية داخل "المسيد"، لكي يفهم الطفل أنه ليس هناك الإسلام فقط كديانة، وهذه الأمور لا تعلم داخل المسيد، والطفل في هذه المرحلة عنده قابلية لتعلم اللغات، لكن لا يجدها داخل "المسيد" ولو فقط المعلومات الأولية والبديهية، كما يجب أن يتحدث معه الفقيه بالدارجة وليس باللغة العربية، لكي يستطيع التأقلم بسرعة ويفهم عبر لغته الأم.

ومن بين الأخطاء كذلك تعليم الأطفال لغة واحدة فقط في السنوات الأولى من التعليم الابتدائي وهي العربية. عندما تبدأ في التعليم بلغة واحدة وتنسى أخرى، هذا يخلق مشكلا عند الطفل، وبعدما يشرع في تعلم لغة ثانية في سن متأخرة، ينتج عن ذلك خلط عنده حتى في تواصله، ويشرع في الخلط بين العربية والفرنسية عندما يريد أن يتحدث، وهذا خطأ كبير، وليس في صالح تعلمه للغات. في هذا الصدد،  كان الحسن الثاني يقول "منين تبغي تكلم معيا تحدث إما بالعربية لوحدها أو الدارجة أو الفرنسية".

ومن الأخطاء التي وقعت فيها مناهج التعليم، هي أن التدريس حتى في المواد العلمية والاقتصادية يكون باللغة العربية، وعندما يصل التلميذ إلى الجامعة والمدارس العليا يجد كل شيء بالفرنسية.

*دائما عندما تتحدث عن مشاكل التعليم تركز على اللغات وتهاجم اللغة العربية وكأنها هي المشكل ومنها يمكن أن ينطلق الحل. هنا وأنت تتحدث عن تدريس المواد العلمية بالعربية استحضرت عالم الرياضيات المصري رشدي راشد، والذي أنشأ قسما خاصاً بتاريخ العلوم العربية في فرنسا، وكتبه تترجم إلى عدة لغات، وقدم الكثير للبشرية انطلاقا من كتب رياضيات كتبت ودرست باللغة العربية

من قال إن العربية هي المشكل وحدها.

*هذا إقرار منك عكس ما تدافع عنه. العربية ليست وحدها المشكل في التدريس

(يقوم من مكانه) يجب توضيح شيء مهم، وهو أننا اليوم نتكلم بلغة ونكتب بلغة أخرى، وهي دارجة مغربية وهي سهلة بالنسبة للمغاربة. هل سبق وسمعت أحد المغاربة يتحدث باللغة العربية مع عائلته أو داخل مقر العمل أو في الشارع.

هل تعلم أن عددا من الناس حكم عليهم بعد توقيعهم على محاضر الشرطة التي تكتب بالعربية وهم لا يتحدثون بها ولا يقرؤونها، وهناك حالات في الريف لشباب لا يعرفون اللغة العربية إطلاقاً، يتحدثون بالريفية فقط ويعرفون التواصل قليلا بالدارجة المغربية.

(أقاطعه) مثلاً حالة الشاب الذي حكم بـ20 سنة سجناً تقول عائلته إنه وقع على محضر الشرطة دون أن يعرف مضمونه لأنه لا يعرف قراءة العربية

نعم هناك حالات في الريف لشباب وقعوا على محاضر لا يعرفون مضمونها. ما أود قوله هو أن لغة التدريس يجب أن تناسب اللغة المتداولة على الأقل خلال الشرح، مع تعليم الأطفال باقي اللغات منذ سنوات الدراسة الأولى.