قبل مشاكلك التي ظهرت مع القصر كما قلت بسبب آرائك خلال العام 2011 والتي بالطبع جاءت في سياق ما يسمى بـ"الربيع العربي" والحراك الذي كان يعرفه المغرب حينها ممثلا في حركة 20 فبراير، هناك واقعة لم نسمع يوما روايتك عنها، وهي حين قال ابنك هشام في إحدى الإذاعات الوطنية أن حلمه هو أن يصبح"رئيس الجمهورية المغربية"، وراج حينها أنك حاولت الاتصال بالهمة للاعتذار ورفض حينها، واتهمت بأنك من دفع ابنك للخروج بذلك التصريح الذي تسبب في توقيف بث الراديو 48 ساعة بعد قرار "الهاكا". ماذا وقع بالضبط؟
أولا هشام حر في أن يقول ما يريد وأنا أحترم اختياراته، وما قاله جاء في سياق أسئلة غير جدية، وكان مضمونه الهزل فقط، ويمكن مثلا أن أقول أنا في السياق ذاته "أريد أن أكون إمبراطور الإمبراطورية المغربية". المشكل هو أن الناس يتخوفون كثيراً، و"الهاكا" حينها أنزلت على الراديو عقوبة أرى أنها "حرام".
"شوف" ظهر لي حينها أن المسؤول الكبير (يقصد الملك) "ضحك على هدشي" بل أن متأكد أنه تفاعل مع هذا التصريح بالضحك، وأنا لست أحمقاً لأتصل بالهمة وأطلب منه الاعتذار عن هذا التصريح.
ابني هشام لم يقل يجب أن نقوم بحركة لكي تكون هناك جمهورية في المغرب، وإن قالها، هذه وجهة نظره، وأنا لا أتفق معها، لكن لا يمكن أن نستمر في هذا الخوف، والملكية في المغرب اليوم لا تخاف من أي إنسان يقول أنا جمهوري.
الحسن الثاني دائما كان يتحدث وهو يضحك عن زعزاع الذي كان يصرح أنه جمهوري، ويوما تحدث مع صحافي وقال له "حتى أنا راه عندي وحد الجمهوري في المغرب".
الملك يجب فقط احترامه حتى وإن لم تكن متفقاً معه، وهو لا يهتم بمثل هذه الأمور. يجب أن نتمتع بالحرية، نحن لسنا عبيداً.
هل تعتقد فعلا أنه يمكن أن توجه انتقاد مثلا لخطبه والمشاريع التي يدشن والاتفاقيات التي يبرمها أو أن تنتقد مبادراته؟
نعم يمكن ذلك. بالنسبة لي إذا صدرت مبادرة عن الملك ولست متفقاً معها وسئلت عنها سوف أقول لست متفقاً، هذه قناعتي، وأنا كإنسان من حقي أن أعطي وجهة نظري.
المصيبة اليوم في السياق الذي نتحدث فيه، هو أن الوزراء أنفسهم "ولاو يخافو" ومعهم الشعب طبعا، والسؤال: لماذا كل هذا الخوف.
"عقلية المخزن" يجب أن تزول وأن لا تبقى في المغرب، يجب أن نتجه نحو دولة حديثة ديمقراطية.الدستور منح الملك مسؤولية محددة، والحكومة عندها مسؤولية، وكل واحد منهما يجب أن يتحمل مسؤوليته كما وضعت في الدستور.
سوف أتحدث لك عن أشياء أراها قبيحة تحدث في المغرب إلى اليوم. الحكومة أو أحد الوزراء عندما يرغبون في تدشين مشروع كبير، ينتظرون من الملك أن يحدد لهم الوقت الذي سوف يزور فيه المشروع لكي يقوم هو شخصيا بتدشينه، والصحيح أنه عليهم إذا قاموا بعمل ما أن يدشنوه ويملكوا الشجاعة اتجاهه، هناك من ينتظر لشهور، بل وصلت المدة في عدد من المشاريع إلى أكثر من ثلاثة أشهر، والشعب هو من يخسر وينتظر ويضيع الوقت.
لكن هنا نطرح سؤالا بصيغة أخرى بخصوص التحرك والمبادرة دون انتظار الملك أو القصر. إذا ما امتلك أحدهم الشجاعة وبادر هل سيجد في الطرف الآخر تفاعلا إيجابيا؟ هناك وزراء أصبحت عندهم أن الأمور لن تمر بخير؟
هذا وهم نفسي فقط عندهم. بعض الناس يقولون مثلا النخبة والمثقفين في المغرب أصبحوا جبناء ويخافون من قول أشياء تضرهم. لكن هنا أطرح سؤالا : هل هناك من دخل السجن لأنه بادر؟
كيف ترى اليوم البيعة في المغرب وهل نحن في حاجة مستمرة إلى طقوس حفل الولاء كما تتم؟
البيعة كما تمر أنا لست متفقاً معها، يجب أن تمر في ظروف تحترم الشخص الذي يأتي لتأديتها، وأن لا يترك ثلاث ساعات تحت الشمس حتى يحترق، وأن لا يجلس "بحال الهيشة" هناك.
أنا لا أذهب إلى حفل الولاء، تمت دعوتي يوماً ولم أذهب ثم لم أعد أتوصل بالدعوة، ولم يقل لي أي أحد لماذا لم تلب الدعوة ولم تذهب.
وأنا عندما ألتقي الملك أسلم عليه بشكل عادي، ولا أقبل يده، أقوم بالانحناء قليلاً برأسي من واجب الاحترام له، لم يقل لي أحدهم يوما لماذا تسلم عليه هكذا. يجب أن يعرف المغاربة أن الملك لا يعطي أي أهمية لكل هذا، وهو يحترم الجميع، وينظر فقط إلى العمل الذي تقوم به.
هناك من يستمر في تقبيل اليدين، وفي السابق كان يقبل حتى الرجلين، ومن يقبل اليدين يقلبها وعندما ينتهي من واحدة يمر إلى الأخرى. (مازحاً) أحيانا عندما أتابع ذلك المشهد أخاف على يدي الملك، بل أحيانا أقول إذا كان أحدهم مريضاً يمكن أن ينقل إليه مرضه. الملك لا يقدر أحدهم أو يحترمه زيادة إذا قبل يديه أو انحنى في حضرته.
في المقابل أن ضد إلغاء حفل الولاء، بل يجب أن يبقى، ويمر في ظروف جيدة، في اليابان مثلا هناك تقدير واحترام كبير للإمبراطور وينظمون طقوس حفل الولاء شبيهة بالتي عندنا، هل يمكن وصفهم بغير الديمقراطيين أو "الهمجيين"، نتمنى لو كنا مثلهم. يجب أن يعرف المغاربة أن جميع الانتقادات التي وجهت لطقوس حفل الولاء سمعها الملك وبلغته، وهناك من لا يلاحظ التغييرات التي تقع بعد ما تصل عدد من الأمور إلى الملك.
حفل الولاء الأخير مر بسرعة، وتم في 35 دقيقة تقريباً، وكانت الظروف جيدة، ولم يتركوهم تحت الشمس، ومنحوهم الماء بمجرد وصولهم، وعدد من الذين حضروا حكوا لي أن الظروف تغيرت، في المستقبل أرى أن وقتها يجب أن يكون ما بين 15 إلى 20 دقيقة فقط، وتكون رمزية فقط.
متى كان آخر لقاء بين نور الدين عيوش والملك محمد السادس وماذا دار بينكما؟
(أخذ وقتاً طويلا للتفكير في الجواب)... كان لقاء شخصيا ولا يمكن أن أتحدث عنه. لا لا لا...
ولو إشارة فقط..
تم اللقاء في وقت قريب جدا، وكان خاصاً، لا يمكن أن أتحدث عن تفاصيله، كانت المناسبة حفل خاص وكنت حاضراً.
المهم كلما وقفت في حضرة الملك وعندي رسالة ما أقولها له، وأتحدث عما يهم الجميع، وأشدد على أنه يسمع جيداً لمن يقول له الحقيقة، وهو لا يحب من يكذب عليه "ولي فيهم دكشي ديال لحيس الصباط" ويبحثون عندهم عن مصالحهم الخاص.