ما هي الإضافة التي يقدمها المجلس الأعلى للتعليم، منذ ثلاث سنوات مضت؟
أنا من الداخل أقول لك، هو مجرد كلام على كلام. تدريس الأديان اقترحه أحد الوزراء وعارضه بنكيران لكن الملك تحمل مسؤوليته واتخذ قرارا بتدريسها.
*ما مدى أهمية الاجراءات التي قام بها حصاد منذ توليه مهام وزارة التربية الوطنية؟
سوف يكون للإجراءات التي قام بها حصاد وقع ايجابي على الموسم الدراسي الحالي. ومن بين أهم ما قام به، هو إقرار تدريس اللغة الفرنسية ابتداء من السنة الأولى ابتدائي. لو كان بنكيران هو رئيس الحكومة اليوم، لما تم اعتماد هذا التغيير.
وللإشارة، فإن عددا من الإجراءات التي ينفذها حصاد اليوم، جاء سلفه رشيد بالمختار بعدد منها، وكان يريد تطبقيها، لكن بنكيران حينها كان يعارضها، وكان يخاطبه بلهجة تفيد "أنا لي كنحكم ماشي أنت". من العيب أن يتحدث رئيس حكومة مع وزير للتربية هكذا، وقد وصل الأمر يوما كما تتذكرون إلى حد استعمال بنكيران لتك اللهجة مع بلمختار تحت قبة البرلمان وفي جلسة تابعها المغاربة على التلفاز. إقرار تدريس الفرنسية من السنة الأولى ابتدائي طرح في عهد حكومة بنكيران، لكن خروجه تأخر.
*هل تقصد وبشكل مباشر أن بنكيران لو استمر رئيسا للحكومة ما كان للتغييرات التي قام بها حصاد أن تحدث؟
نعم كانت ستكون هناك صعوبات كبيرة في تنزيل عدد من الاصلاحات التي يقوم بها الوزير الحالي، ولكن لا أعتقد أن حصاد كان ليصمت. الوزير الحالي شخصيته قوية في الدفاع عما جاء به ، بشكل مباشر "حصاد كيضرب الطبلة وكان غادي يقول بغيتو ولاما بغيتوش".
الوزير الحالي بحث عن حل مشكلة الاكتظاظ في المدارس بعد ما وصل عدد التلاميذ في القسم الواحد إلى 60 تلميذاً. ويعمل على معالجة ظاهرة الهدر المدرسي، لكن أعيب عليه أنه لم يفعل مقترح الدارجة في الشرح في السنوات الأولى من التعليم ولم يملك الشجاعة للقيام بذلك.
*تحدث معه في الموضوع؟
نعم تحدث معه وقال لي "ما بغيتش المشاكل دبا .. عندي بزاف"، ولكن سوف نصل إلى مرحلة سوف تكون فيها الدارجة المغربية في السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، وأنا أطالب أن تكون تحديدا في الثلاث سنوات الأولى من التعليم الابتدائي.
الإجراءات التي نتحدث عنها، مبادرات من حصاد أمرب قفى للمستشار الملكي عزيمان دور في تنزيلها؟
هذه الاجراءات اتخذها وينفذها حصاد.
من يسير قطاع التعليم حصاد أم عزيمان؟
عزيمان ليس لديه الحق في تسيير أي شيء، دورنا هو حل المشاكل عبر الاقتراحات، نعطي عدد من التوجيهات ولكن لا يمكن أن نفرضها.
من الأخير، ما هي الإضافة التي يقدمها المجلس الأعلى للتعليم، منذ ثلاث سنوات مضت؟ أنا من الداخل أقول لك، هو مجرد كلام على كلام، نتحدث كثيراً، وهو غارق بالأحزاب والنقابيين دون وجود كفاءات قادرة على العمل داخله، وإعطاء إضافة تساير التطورات الحديثة لقطاع التعليم. فضلا عن ذلك، هناك ملفات كثيرة لا نستطيع نقاشها و تطويرها، مثلا مسألة تدريس الدين، وهل يجب أن ندرس الإسلام أم ندرس الأديان، لكن بدأنا أخيرا نتحدث عن هذا الأمر، بعد أن نزل من الفوق.
*نفهم من وقولك "نزل من فوق" أن مسألة تدريس الأديان إرادة ملكية ؟
الملك تحمل مسؤوليته في هذا الجانب. وعندما يرى أن هناك قضية فيها مصلحة البلاد يتحمل مسؤوليته. مسألة الحديث عن الأديان، اقترحها أحد الوزراء لكن رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران عارضها، غير أن المقترح مر.
"ياك دازت ولا ما دازتش، إذن من أين جاءت" بشكل صريح جاءت من عند الملك، والحمد لله هو مصدرها، لا يمكن أن نبقى ننتظر، كما وقع مع دفاتر التحملات التي جاء بها وزير الاتصال السابق مصطفى الخلفي، وكانت مصيبة خلال السنة الأولى بعد اقتراحها، خاصة في الجوانب التي أرادت تقييد كل شيء باسم الدين، الذي يجب أن نحترمه ولكن انطلاقا من وجهة نظر حداثية، لكن يجب أن نحترم كذلك في المقابل الناس غير المتدينين، فأنا مع حرية المعتقد في هذا الجانب وأدافعه عنها. في هذا السياق، قمنا بمبادرة كبيرة استدعينا إليها الجميع، حتى حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان.
*هل المغرب في حاجة لوزير تعليم تكنوقراط لاتخاذ اجراءات قوية في القطاع ؟
حصاد جاء في وقته، لأن قطاع التعليم يعاني من تناوب وزراء عليه لكل واحد انتماء سياسي مختلف، ويسيرون القطاع انطلاقاً من الأيديولوجية التي يتبنونها، وكلما جاء وزير جديد غير ما قام به سلفه.
أنا أقول الحمد لله على رأس قطاع التعليم رجل ليست لديه خلفيات سياسية وهمه مصلحة البلاد. وإن كان حصاد تكنوقراطي، يجب أن لا نغفل أنه إطار عالي ومكون وعنده كفاءة، هنا أستحضر أنه قمت بمبادرة حول التعليم واستدعيت حصاد وعدد من مستشاري الملك، وكان تدخله ممتازاً وقدم عدد من الحلول لقطاع التعليم.
عندنا عدد من المشاكل في قطاع التعليم كما قلت سلفاً، وما جاء به حصاد سوف يعزز خلق المبادرة داخل المدرسة المغربية، وهذا المستوى نفتقده، وهنا أتذكر أنه في عهد الوزير الأول الأسبق إدريس جطو كلفت بمشروع لإنشاء عدد من المقاولات، وكان الهدف هو بلوغ سقف 30 ألف مقاولة في خمس سنوات، لكن استطعنا فقط خلق حوالي 3300 مقاولة لأنه لم نعلم الشباب روح المبادرة في المدرسة لخلق مشاريع خاصة لهم.
*مجلس الأعلى للتعليم كما قلت فاقد للفعالية؟
يقوم بدوره لكن ليس كما هو منتظر منه، وليس بالفعالية المطلوبة، إذا أردنا فقط انتاج مقترحات للقطاع نحتاج وقتاً طويلا لذلك، وذلك ما يعطي مبررا للوزير الحالي حصاد كي لا ينتظر ما يصدر عن المجلس الأعلى للتعليم، واتخذ قراراً بتنزيل عدد من الإجراءات. كم نحتاج من الوقت لخلق الثورة في قطاع التعليم، أو بتعبير أصح لماذا يجب أن ينتظر الأطفال كل هذا الوقت لخلق التغيير.
*إذا أراد المجلس صياغة مقترحات أو مشروع يهم القطاع كم تستهلكون من الوقت لنقاشها؟
الكثير والكثير من النقاش. بصراحة أنا هربت من إحدى اللجن التي كنت عضواً فيها بعض تنصيب المجلس، بعدما رأيت أننا نضيع الكثير من الوقت في النقاش، وذهبت إلى لجنة أخرى، ولو أن الوضع مشابه، لكن نضيع فيها وقتاً أقل.
*أمام الانتقادات التي توجه لعمل المجلس الأعلى للتعليم وتشكيلته. عندك حلول عملية للخروج من كل هذا؟
أولا لا يمكن أن نشتغل داخل مجلس فيه 95 عضوا، وبكل هذا العدد من اللجن، 20 عضوا يكفون للعمل. هنا أستحضر التجربة مع المستشار الملكي الراحل مزيان بالفقيه، كنا خلال التحضير لإخراج الميثاق الوطني للتربية والتكوين نقضي وقتاً أقل، ويوم كلفنا الملك الراحل الحسن الثاني بالمهمة أعطنا هو شخصيا ثلاثة أشهر فقط، وكنا نشتغل خلال أيام العطلة إما في مدينة إفران أو نختار أحد فنادق الرباط لعقد الاجتماعات، وفعلا التزمنا بالمهلة التي منحت لنا، اليوم كم استهلكنا من الوقت ولم ننتج الشيء الكثير.
*ما الذي يمنع عزيمان من القيام بنفس ما تتحدث عنه الآن عن تجربة مزيان بالفقيه في طريقة العمل داخل المجلس الأعلى للتعليم؟
أول صعوبة أمامه هي عدد أعضاء المجلس وتشكيلة الفريق، وصراحة لا أعرف من اتخذ هذا القرار لكي يكون المجلس هكذا، هل هو الملك أم رئيس الحكومة السابق، صراحة لا أعرف تحديداً. فضلا عن ذلك، نشتغل داخل المجلس بطريقة خاطئة وهي ضرورة التوافق على كل شيء، وهي مشكلة يعاني منها المغرب اليوم في كافة القطاعات. إذا أردنا إحداث التغيير في عدد من القضايا، لا يجب أن نبحث عن ضرورة مشاركة الجميع في ذلك. في تجربة مزيان بلفقيه، كنا 27 عضوا في اللجنة فقط، وكان معنا مكلفون بكتابة ما يدور خلال الاجتماعات، وكان من بينهم الراحل بوطوزي، هذا الرجل "مجهد"، اشتغل كمقرر مع اللجنة التي اشتغلت على الدستور الحالي، ومهمته رفقة عدد من المقررين كتابة ونقل ما هو مهم فقط، يسمعون للجميع ولكن لا يأخذون كل شيء، بل ما هو صالح فقط، بالنسبة لي يجب أن نتعامل داخل المجلس بمنطق الديمقراطية المتحكم فيها.
وخلال تلك التجربة زرنا عدد من الدول الناجحة في قطاع التعليم، من بينها كندا والمكسيك والسالفادور وألبانيا وفليندا... نحن اليوم نستهلك أموال كبيرة من الدولة لكن تنتج قليلا داخل المجلس.