في الوقت الذي أشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في نسخة أولية من تقريره الجديد الذي قدمه إلى أعضاء مجلس الأمن حول الصحراء، يوم فاتح أبريل، بمواصلة المغرب الاستثمار في الصحراء، وباستفادة الساكنة المحلية بشكل مباشر من هذه الاستثمارات، كان هذا التقرير، الذي يبدو أن الأمين العام قدم نسخته "النهائية" بعد 24 ساعة من المسودة الأولى، حسب مصادر من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، صارما مع المملكة في جوانب تتعلق بحقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية.
وإذا كان غوتيريس قد أكد على "الهدوء والاستقرار" اللذين يسودان في الصحراء، فإنه قد نقل "قلق" المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول استمرار القيود المفروضة على "حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات" في الصحراء. وأكد على أنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير، استمرت المفوضية في تلقي تقارير عن "المضايقات والاعتقالات العشوائية ومصادرة المعدات والمراقبة المفرطة للصحفيين والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان" الذين يغطون "انتهاكات حقوق الإنسان" في المنطقة.
وأكد الأمين العام الأممي، في تقريره الذي اطلع عليه "تيل كيل عربي"، على أن "الوصول" إلى الصحراء "مقيد" بالنسبة لبعض الأشخاص. ونقل عن المفوضية، طرد السلطات المغربية على الأقل 15 شخصًا من الصحراء خلال الفترة المعنية بالتقرير، "بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان والباحثون والمحامون وممثلو المنظمات الدولية غير الحكومية"، على حد تعبيره.
وربما كانت النقطة "الأقسى" في تقرير غوتيريس، حديثه عن "استمرار ورود أنباء عن سوء معاملة السجناء الصحراويين وإساءة معاملتهم"، حيث أكد أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان "تلقت عدة تقارير من الولايات المتحدة الأمريكية حول موضوع التعذيب والحبس الانفرادي لفترات طويلة والإهمال الطبي ورفض الزيارات العائلية والوصول إلى آليات المراقبة المستقلة". وزاد أنه وفقا للمصادر، في الفترة المشمولة بالتقرير ، أربعة سجناء دخلوا أو استمروا في إضراب عن الطعام استمرت ما بين 48 ساعة و30 يوما، مما أدخل بعضهم في حالات صحية حرجة...
وفي الوقت الذي أشار الأمين العام، من جانب آخر، إلى قراري البرلمان الأوروبي المعتمدين في 16 يناير و12 فبراير 2019، واللذين وافق من خلالهما على توسيع تنفيذ الاتفاق الفلاحي واتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ليشمل الصحراء، شدد على أن تدابير بناء الثقة ما زالت معلقة، خصوصا منها ما يتعلق بتنفيذ مقتضيات قرار مجلس الأمن 1282 (1999) والقرارات اللاحقة، والتي تتمثل أساسا في تبادل الزيارات بين الصحراويين في مخيمات تندوف وذويهم في الأقاليم الجنوبية.
وذكر غوتيريس أن مبعوثه الشخصي (هورست كوهلر) أكد في إحاطته إلى مجلس الأمن في 29 يناير 2019، على الحاجة إلى بناء الثقة بين الطرفين، ليقترح استئناف الزيارات العائلية تحت رعاية المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدى وتلقى الدعم لهذه المبادرة.
في المقابل، عبر الأمين العام الأمم المتحدة عن استمرار قلقه بشأن أمن وسلامة المراقبين العسكريين غير المسلحين التابعين للبعثة الأممية في الصحراء "المينورسو"، ولا سيما بشرق الجدار الرملي الذي تتحكم فيه جبهة البوليساريو، حيث شدد على أن أولئك المراقبين يتعرضون للتهديدات التي تشنها "الجماعات الإجرامية والإرهابية".
وأكد غوتيريس أن حل النزاع "ممكن". لكنه شدد على "بعض التعاون الدولي"، من أجل إيجاد حل سياسي عادل ودائم ومقبول من أطراف النزاع. ومن أجل ذلك دعا أعضاء مجلس الأمن وأصدقاء الصحراء والجهات الفاعلة الأخرى إلى تشجيع المغرب وجبهة البوليساريو على "اغتنام الفرصة الحالية المتاحة والاستمرار في المشاركة بحسن نية ودون شروط مسبقة في عملية المائدة المستديرة التي أطلقتها المبعوث الشخصي".