أوضح الميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، بأننا نعيش في عالم جديد قيد التَشَكُّل، عالم يعرف تحولات متسارعة وعميقة تتجلى في هيمنة الليبرالية المتوحشة العالمية، خصوصا مع صعود اليمين المتطرف والمد القومي الاستعلائي، وتهميش أدوار المنتظم الدولي، وطغيان منطق القوة عوض الاحتكام إلى القانون الدولي.
في هذا الصدد، دعا الأمين العام، بمناسبة فاتح ماي، إلى زيادة عامة في الأجور، وزيادة الحد الأدنى للأجور وتفعيل المساواة بين SMIG و SMAG الحد الأدنى للأجر في القطاع الصناعي والخدماتي والحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي، والزيادة في معاشات التقاعد، والتعويضات العائلية وتطبيق السلم المتحرك للأجور والأسعار، وإقرار عدالة ضريبية عبر مراجعة منظومة الضريبة على الأجر وإحداث ضريبة على الثروة.
وأبرز في معرض حديثه، أن لهذه التحولات انعكاسات سلبية وكارثية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين، زادت من فداحتها السياسات العمومية اللاجتماعية واللاشعبية للحكومات المتعاقبة، في مجالات الصحة والتعليم والشغل والسكن والنقل وضمان الحد الأدنى للعيش الكريم.
كما حث على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة غلاء المعيشة وحماية القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين، عبر تسقيف أسعار المحروقات والمواد الغذائية والخدماتية الأساسية ومحاربة الوسطاء وكل أشكال المضاربات والاحتكارات، ومعالجة الاختلالات التي يعرفها تفعيل ورش الحماية الاجتماعية على مستوى الاستهداف والحكامة واستدامة التمويل وتوفير العرض الصحي العمومي الجيد.
ونادى بإقرار مقاربة اجتماعية تشاركية للنهوض بأنظمة التقاعد عبر تحمل الدولة لمسؤولياتها كاملة في ضمان معالجة هذا الملف والحفاظ على مكتسبات الأجراء؛ وعدم تحميل المنخرطات والمنخرطين تــــَــبــــِــعات سوء الحكامة وسوء تدبير صناديق التقاعد، وكذلك إحداث مؤسسة وطنية للحوار الاجتماعي ثلاثية التركيبة مؤطرة بقانون من أجل مأسسة فعلية للتفاوض الدوري والمنتظم.
وذكر المخارق أن معدل البطالة ارتفع في بلدنا، موازاة مع التسريح الجماعي لآلاف العمال والعاملات، من 16,2 بالمائة في 2014 إلى 21,3 بالمائة في 2024، فالشبان البالغون من العمر بين 15 و24 سنة هم الأكثر تَضَّرُرا، بمن فيهم ذوو المؤهلات العالية، حيث يعاني 50 بالمائة منهم من البطالة.
وأشار إلى أن عدد الفقراء على المستوى الوطني بلغ متوسط الارتفاع السنوي 33،7 بالمائة، حيث انتقل من 623 ألفا في 2019 إلى مليون و420 000 في 2022.
وأعرب المصدر ذاته عن رفضه "الإجهاز على حق دستوري وكوني يضمنه الدستور والمواثيق الدولية عبر تمرير الحكومة، بتواطؤ مع الباطرونا، لقانون تنظيمي نعتبره غير شرعي لأنه تكبيلي وتجريمي وسالب للحق في الاحتجاج. وسيبقى الاتحاد المغربي للشغل رافضا لهذا القانون إلى أن تتِمَّ إعادة النظر في مضامينه".
وأكد المخارق رفضه "استمرار العمل بالفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي الموروث عن الاستعمار، وفبركة الملفات لطرد ومحاكمة مسؤولين نقابيين والتسريح الجماعي لآلاف العمال والعاملات، والهجوم غير المسبوق على القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين، وتـــَــفَـــــشّــــِي الغلاء الفاحش الذي مس أسعار كل المواد الغذائية والخدماتية الأساسية دون حسيب أو رقيب".
وطالب بوضع استراتيجية وطنية لمأسسة المساواة الفعلية بين الجنسين والقضاء على كل أشكال التمييز والعنف، في أماكن العمل، واتخاذ إجراءات لإنصاف الأجراء في وضعية إعاقة وتحقيق اندماجهم المهني، والاستجابة للمطالب العامة القطاعية والفئوية للأجراء في القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وكذلك القطاع الخاص الصناعي والفلاحي والمنجمي والخدماتي.
وفي سياق متصل، أشار المخارق إلى أن الجلسة التشريعية العامة لمجلس النواب، يوم 5 فبراير 2025، شهدت "مهزلةً تشريعية بكل المقاييس ضربت في العمق مَفهوم الديمقراطية ومزاعِمَ الدولة الاجتماعية، حيث تم تــــمــــرير هذا القانون التنظيمي التكبيلي بـ 21.23 بالمائة مـــــن الأصوات فــــقــــط، في غــــيــــاب 291 بـــــرلــــمـــانيا أي 73.67 بالمائة من أصل 395 نائبا برلمانيا أغلبهم غير مقتنعين بشرعية هذا القانون".