بعد تفجر فضيحة الاعتداءات الجنسية وتحرشات هارفي وينستين، المنتج السينمائي العالمي بممثلات مشهورات طيلة سنوات، انطلقت حملة دولية في "تويتر" و"فيسبوك" تحث النساء على فضح المتحرشين. مشهورات مغربيات، قررن أن ينوبن عن جميع النساء المجبرات على الصمت، ويتحدثن في شهادات لـ"تيلكيل"، حول التحرش الجنسي الذي تعرضن له. في الحلقة السابعة، البوح للممثلة فاتي الجوهري.
خلال غذاء عمل بالرباط قصد وضع الصيغة النهائية لمشروع، قال لي منتج مغربي: "كوني لطيفة معي ولن تندمي على ذلك"، شارحا: "أحب الأشخاص الكتومين"، ففهمت على الفور مبتغاه. عباراته هذه ليست صادمة، إنها بالأحرى غير ذات وقع كبير، لكنها خليعة.
كنت أفضل لو استعمل كلمات تفرض علي الفرار. بعدها، اتصل بي ذات الشخص مستفسرا إياي عما أفعله وما أرتديه من ملابس. وحين واجهته بالرفض، هددني قائلا علاوة على ذلك إنني سأندم. وعقبها، اختلق لي سمعة مفادها أنني ممثلة خارجة عن السيطرة، سمعة عانيت منها طوال سنة ونصف.
وفي سنة 2011، خلال المهرجان الدولي للسينما بمراكش، صدرت معاملة مماثلة عن مدير اختيار ممثلي فيلم أجنبي. إذ أمسك بيدي في بهو أحد الفنادق، داعبها ثم اقترح علي جلسة اختيار من المفروض علي خلالها أن أكون نصف عارية وأن أقبل أحدا. إن مجرد محاكاة حركاته يولد لدي التقيؤ.
إقرأ أيضا: العسولي: تعلمت "الكاراتي" لصد المتحرشين جنسيا
تحرش بي كذلك مدير شركة متعددة الجنسيات طلب مني رقم هاتفي بمناسبة أمسية اجتماعية. لم أزوده به، لكنه استطاع الحصول عليه، ما جعله يتصل بي ويكرر الاتصال طيلة شهرين، اتصالات كانت تستمر أحيانا الليلة كاملة. كان الأمر كابوسا.
أحسست كأنني سلعة زهيدة القيمة أحمل بطاقة عليها سعر، وشعرت بأنني عاجزة ولا أحظى بالاحترام. اضطررت إلى تغيير رقم هاتفي وإلى توظيف شبكة علاقاتي للتقرب من دائرته الضيقة ومن زوجته، لكي يتركني في حال سبيلي.
التخطيط واجب في مثل هذه الحالات، نظرا لأن الأمر لعبة بالنسبة له. لكنني كنت أعدم كل سبيل ألجأ إليه، ولم يكن بإمكاني التوجه إلى مفوضية الشرطة لادعاء أنني ضحية للتحرش. كانوا سيسألوني عن جراحي وعما إذا كان الدم قد سال مني.
إقرأ أيضا.. كوثر بودراجة: أشخاص يبعثون لي فيديوهات وصورا لأعضائهم الجنسية
ما جدوى تكسير طوق الصمت؟ القوانين لا تنفذ، وأنا لست محمية، وبالتالي فلا بديل لي على التزام الصمت. وإذا ما تكلمت، فوسائل الإعلام والرأي العام قد تمرغ سمعتي في الوحل. سأواجه بكوني أبلغ إحدى وثلاثين سنة من العمر ولست متزوجة، وبأنني أستحق ما يحصل لي.
في مرة أخرى في مراكش، وأنا وسط حشد من المعجبين بفني، وضع شاب عمره حوالي خمس عشرة سنة يده على عجيزتي. انتابني غضب جامح فاحمر لوني، لكن ماذا كان بمقدرتي أن أقوله له؟ منذ ذلك اليوم، صرت أفضل أن أبقى نائية عن الجمهور وفي مأمن.
بيد أنني ضحية للتحرش بصفتي مواطنة أكثر مما أنا ضحية له بصفتي ممثلة. على غرار ما وقع لي حين تعقبني رجل من قاعة الرياضة إلى مسكني طوال 45 دقيقة. إن الشارع أفظع.