أصدر مؤلفان فرنسيان كتابا تحت عنوان "حي الحبوس في الدار البيضاء.. أو المدينة العتيقة الجديدة في الحاضرة الاقتصادية"، صدر عن منشورات " ملتقى الطرق ". وقدمت جيسلين ميفري و برنارد ديلغادو كتابهما الجديد بمدينة الدار البيضاء بحضور نخبة من الكتاب والباحثين والشخصيات العامة البارزة ، علاوة على فاعلين في المجتمع المدني.
وشارك المؤلفين حفل تقديم الكتاب يوم الخميس المنصرم، كل من رئيس جهة الدار البيضاء، مصطفى الباكوري، ورئيس الاتحاد المهني للناشرين المغاربة ومؤسس منشورات "مفترق الطرق"، عبد القادر الرتناني. ويستعرض هذا الكتاب، الذي يقع في 309 صفحة ، أصالة حي الحبوس في المدينة البيضاء، مستحضرا ظروف وأسباب إنشائه مع بداية القرن العشرين، وتطوره منذ قرابة قرن من الزمن.
وأكدت جيسلين ميفري، حفيدة المهندس المعماري الكبير أوغست كاديه، أن "هذا البحث التاريخي" الذي قامت به بمعية برنارد ديلغادو "يسلط الضوء على منهجية إبداعية خاصة جدا في مجال تصميم المدينة عبر كشف أسرار هذه التحفة المعمارية الحديثة ، التي تشكل مدينة حقيقية داخل المدينة".
وأضافت المتحدثة، أنه "من أجل تطوير الهندسة المعمارية وإعطائها الروح المطلوبة ،استوح كلا المهندسين الفكرة من واحدة من الخصائص التاريخية الرئيسية للثقافة الحية بالمغرب، و المتمثلة بالخصوص في المدينة العتيقة ، التي هي في واقع الأمر النموذج الأصلي للمدينة التقليدية في العالم العربي، و المختلفة جذريا عن نموذج المدينة الأوروبية.
من جهته، يرى عبد القادر الرتناني ، أن هذا المؤلف سيساهم في فهم أفضل لعمل ودور المعلمين ،و في إبراز ما تتميز به مهن البناء من ثراء و إبداع يتعين الحفاظ عليهما ، ويرصد من جهة أخرى المشاركة المتميزة للمهندسين المعماريين إدموند بريون وأوغست كاديت. كما أعرب المتحدث عن أمله في أن يجد البيضاويون أنفسهم من خلال هذا الكتاب الذي يعيد ترتيب جميع مراحل تصميم هذا الحي التاريخي الفريد.
وخصص الفصلان الأول والثاني للحديث عن السياق السياسي لفترة تصميم حي الحبوس ، المرتبط بعهد الحماية ،إذ يعود تأسيسه بشكل كبير للاهتمام الذي كان يوليه المرشال ليوتي للتنمية الحضرية للدار البيضاء . و في الفصل الثالث ، يقدم المؤلفان بورتريه للمهندسين الفرنسيين ، بينما يتناول الفصل الرابع المراحل المختلفة لبناء هذا المشروع الذي استمر أكثر من 40 سنة . وخصص الفصلان الخامس والسادس "لنموذج المدينة العتيقة " ولإسهام المعلمين ، بينما يعرض الفصل الأخير شهادات حول حياة الحي، واشهر الأحداث التي شهدتها .
و بعد أن شكل في بداياته مستقرا لساكنة عمالية ، أضحى حي الحبوس مكانا لإقامة العائلات المتواضعة و أيضا لعائلات صغار التجار والموظفين وحتى بعض الاعيان، وذلك بسبب الجاذبية التي تثيرها هندسته المعمارية ، والتي كانت توصف من قبل السلطات انذاك بـ"الجميلة جدا، وغالية الثمن ". و غالبا ما عكس هذا الحي العلاقة الغامضة بين المعمار والقوة الاستعمارية، إذ يستمد معظم مراجعه من التقاليد وممارسات المحلية للبناء ، ويعكس بالتالي سحرا حقيقيا للمهندسين المعماريين الذين صمموا معلمه العمرانية .
و.م.ع / بتصرف