في ظل إلغاء شعيرة الأضحية.. ما مصير "توسعة الأعياد"؟

محمد فرنان

لم تقتصر تداعيات رسالة الملك محمد السادس، الصادرة يوم الأربعاء 26 فبراير 2025، حول عدم إقامة شعيرة ذبح أضحية العيد لهذه السنة، على الجانب الديني والاقتصادي فحسب، بل سرعان ما فتحت نقاشات قانونية واجتماعية ذات إفادة على مستويات عدة.

برز هذا النقاش بشكل خاص في أروقة المحاكم وبين الأسر المنفصلة، حيث طرح سؤال محوري: ما مصير "توسعة الأعياد"؟ هل سيبقى الأب الملزم بالنفقة ملزما بأدائها رغم غياب شعيرة الأضحية، أم أن الظرف الاستثنائي سيغير من هذه الالتزامات الموسمية؟

ما هي "توسعة الأعياد"؟

في هذا الصدد، أوضح عبد الإله الوافي، محام ودكتور في العلاقات الدولية والعلوم السياسية، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن "توسعة الأعياد، في ضوء الاجتهاد القضائي المغربي، هي مبلغ مالي سنوي يلزم به الأب أو من عليه النفقة، لصرفه لفائدة الأبناء في عيد الفطر أو الأضحى".

وأشار إلى أن الهدف منها هو "إدخال الفرحة عليهم، سواء عبر شراء ملابس جديدة، أو ألعاب، أو تنظيم نزهة، أو أي وسيلة تعبر عن جو العيد وخصوصيته لدى الطفل".

وأبرز الوافي أنه "لم ينص عليها صراحة في مدونة الأسرة، إلا أن المحاكم المغربية اعتبرتها جزءا من النفقة الموسمية العرفية، استنادا إلى المادة 168 من المدونة، التي تقضي بأن النفقة تشمل ما يعتبر من الضروريات حسب العرف والعادة".

الاجتهاد القضائي المغربي

وشدّد الوافي على أن "الاجتهاد القضائي استقر على أن توسعة الأعياد حق مكتسب للمحضون، لا علاقة له بظرفية الأبوين، بل يرتبط بالمصلحة الفضلى للطفل".

واستشهد بنماذج من الأحكام القضائية التي تؤكد ذلك، مثل حكم صادر عن قسم قضاء الأسرة بالرباط ينص على أن: "توسعة الأعياد واجبة اعتبارا لكونها من كماليات النفقة الضرورية في المواسم، ومصلحة المحضون تقتضيها".

هل تلغي الرسالة الملكية هذا الواجب؟

في جواب واضح، أشار الوافي إلى أن "الجواب القانوني هو لا"، موضحا أن "رسالة الملك محمد السادس هي توجيه سياسي وأخلاقي، وليست قانونا أو مرسوما تشريعيا يعدل الواجبات المدنية أو يسقط الالتزامات القضائية".

وأورد أنه "حتى إن امتنعت الأسر عن نحر الأضحية، فإن المعنى الرمزي والاجتماعي للعيد لا يزال قائما، ويحتاج الطفل إلى مظاهر الفرح، ولا يشترط أن تصرف التوسعة في شراء الكبش بالذات".

رؤية سوسيولوجية

وأفاد الوافي أن "الطفل الذي يعيش في أسرة مطلقة أو في حضانة أحد الأبوين، يكون أكثر حساسية لفقدان جو العيد، خاصة إذا رأى أقرانه يحتفلون ويلبسون الجديد".

وشدّد على أن "عدم منحه 'توسعة العيد' بذريعة سياسية ظرفية، يعد تمييزا غير مباشر ضده، ويكرس شعور النقص الاجتماعي، وهو ما يتناقض مع روح مدونة الأسرة التي بنيت على مبدأ حماية الكرامة الإنسانية للطفل".

حين تتكامل السياسة مع القضاء

ولفت الوافي الانتباه إلى أن "دعوة الملك محمد السادس إلى عدم نحر الأضحية لا تعارض أحكام توسعة الأعياد، بل تكملها من زاوية أخرى"، مبرزا أن "الملك ضحى عن شعبه، كما يضحي الأب عن أبنائه، وما قام به هو تخفيف عبء جماعي، لا إسقاط واجب فردي مستحق".

وخلُص إلى أن "توسعة الأعياد نفقة موسمية معتبرة قضائيا، ولا يمكن إسقاطها استنادا إلى توجيه ملكي غير ملزم تشريعيا"، مؤكدا أن "الطفل لا علاقة له بالوضع السياسي أو الاقتصادي، وله حق ثابت في الفرح، والدولة تحث على التراحم، لكنها لا تسقط الحقوق".

وأبرز أن "الحقوق لا تلغى بالتمنيات، ولا تجمد بالنيات، وإنما تصان بالقانون والعقل والرحمة، فليضح الآباء، لا بالكبش، ولكن بإدخال الفرح في قلوب أبنائهم، ففي ذلك قربان لا يرد".