أشرت المقاطعة على بروز المستهلك، كفاعل اقتصادي حاسم، لا يمكن إغفال انتظاراته في المغرب، غير أن خبراء في قضايا الاستهلاك، يرون أن الطريق مازال طويلا من أجل الوصول إلى نوع من الاستهلاك المعقلن في المغرب وبروز حركة استهلاكية واعية بخصوصياتها، بما يجبر المنتجين والموردين والسلطات العمومية، على استحضار هواجسها، ويحافظ على القدرة الشرائية للمستهلك ويحمي صحته، خاصة في ظل عدم توفير مدونة للمستهلك وكثرة الوزارات المتدخلة في القطاع والفوضى التي تعرفها السوق، بسبب كثرة المتدخلين وعدم حرص السلطات العمومية على تطبيق قانون حماية المستهلك في المملكة.
وتتصور جمعيات تعنى بحماية المستهلك، أن ثمة سلوكات يأتيها المستهلك، تزيد في اختلال موازين القوى بينه وبين الموردين ومقدمي الخدمات في المملكة، خاصة في ظل غياب التحسيس وعدم توفير المعلومة الواضحة والصحيحة حول المنتج والخدمة، وترصد جمعيات حماية المستهلك سبع سلوكات خاطئة، على الأقل، لا تخدم مصالح المستهلك الذي يأتي يحتفل بأسبوعه اعتبارا من الثالث عشر من مارس الجاري:
الاهتمام بالثمن فقط: لا يهتم أغلب المستهلكين المغاربة سوى بمثن السلعة والخدمة، ولا ينشغلون كثيرا بمصدرها و بمكوناتها، التي قد تحتوى على عناصر ضارة بصحته، وذلك بسبب ضعف الوعي بهذا البعد من قبل المستهلك، كما أن تلك المكونات، تكون مكتوبة بخط صغير جدا لا يساعد على قراءتها بطريقة سلسلة وسهلة.
عدم طلب فاتورة الشراء: تلاحظ جمعيات المستهلك، أن المستهلكين المغاربة، لا ينشغلون كثيرا، بطلب فاتورة شراء السلع والخدمات. تلك الفاتورة تعتبر في تصور، مديح وديع، رئيس جمعية المستهلكين المتحدين، وثيقة يمكن الاحتجاج بها من قبل المشتري، عندما يلاحظ بأن السلعة أو الخدمة لم توافق انتظاراته أو يتبين له بأنها تتضمن عناصر ضارة بصحته. ويرى مديح أن العديد من المستهلكين الذين يستنجدون بشبابيك المستهلك من أجل مواكبتهم في مواجهة موردين، لا يتوفرون على ما يثبت مصدر السلعة أو الخدمة التي اشتروها، حيث يتعذر إنصافهم، في جميع مراحل المنازعات التي يتيحها لهم القانون.
تجاهل تاريخ الصلاحية: تشير جمعيات حماية المستهلك، إلى أن العديد من الموردين، يعملون من أجل تعظيم أرباحهم، على عرض سلع أو خدمات، تكون في غالب الأحيان، تحمل تاريخ نهاية الصلاحية قريب. عدم الانتباه لتاريخ الصلاحية من قبل المستهلكين، يجعلهم معرضين لأخطار صحية في حال عدم استهلاك المنتج قبل التاريخ المكتوب عليه.
عدم قراءة العقود: لا يقرأ المستهلكون العقود التي يبرمونها مع الموردين ومقدمي الخدمات. ويرى مديح وديع، أن المستهلكون المغاربة، لا يتجشمون عناٍء قراءة العقود التي تترتب عنها التزامات مكرهة لهم في بعض الأحيان. صحيح أن تلك العقود، لا يتأتي استيعابها من قبل الجميع، غير أنه يمكن للمتعاقد مع مؤسسات القروض مثلا أن يأخذ بعض الوقت، من أجل طلب مساعدة أشخاص يمكن أن يكونوا ملمين ببعض تفاصيل العقود، وتوضيح ما يترتب عنها من حقوق وواجبات، خاصة أن هناك عقودا تدوم لأكثر من ثلاثة عقود، كما هو الحال في عقود القروض العقارية.
الشراء بنهم: يلاحظ بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن الأسر المغربية، تعمد إلى الشراء بطريقة غير معقلنة، حيث أن الكثير من السلع تفيض عن الحاجة، بسبب عدم وضع قائمة بالمنتجات المراد شراؤها سلفا، ويسجل أن حوالي 60 في المائة من المنتجات الغذائية تضيع في رمضان مثلا، حيث أن تنتهي في حاويات القمامة . ويذهب إلى أن الأسر تشتري في رمضان، في فترات الذرة، مذعنة للإشهار الذي يشجع على الاستهلاك وللرغبة في تأمين أكبر قدر من السلع، التي تكون، في غالب الأحيان، قابلة للتلف.
الإقبال على الباعة الجائلين وغير المرخصين: لا يجد مستهلكون مغاربة حرجا في اقتناء السلع من الباعة الجائلين، هذا ما يدفع بوعزة الخراطي، إلى التأكيد على أنه يجيب تفادي المخاطر المرتبطة بذلك النوع من السلوك، حيث لا يتوجب في تصوره شراء السلع من الباعة الجائلين، خاصة تلك التي يمكن أن تهدد صحتهم، خاصة الأجبان والأسماك والفواكه، خاصة أن تقارير المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، تشير إلى عرض العديد من المنتجات الفاسدة، مثل اللحوم الحمراء التي لا تأتي من المجازر المعترف بها، علما أن تقريرا لمجلس الحسابات، توصلت إلى أن 300 ألف طن من اللحوم الحمراء، من بين 550 ألف طن أنتجها المغرب، غير معروفة المصدر.
المساهمة في رفع الأسعار: يسري في المغرب قانون حرية الأسعار والمنافسة، إلا بالنسبة للمنتجات المدعمة والمنتجات والخدمات المقننة أسعارها، غير أن سلوك المستهلكين يفضي في بعض الأحيان في المغرب، إلى ارتفاع الأسعار، على اعتبار أنهم يقبلون على الشراء بكثرة، خاصة عندما يعتقدون بوجود نقص في عرض سلعة ما، هذا السلوك يفضي إلى تشجيع الوسطاء والتجار، الذي يستغلون تلك الفرصة، من أجل توسيع هوامش أرباحهم على حساب المستهلك.